د. نبيل الكوفحي
…
شكلت الدولة الاموية امتدادا في الرقعة الاسلامية نحو الشمال والشرق والبحر المتوسط. كانت اولى محاولات فتح مدينة القسطنطينية عاصمة ألدولة البيزنطية في عهد الخليفة معاوية بن ابي سفيان عام ٤٩ هجرية، ولا زال المسجد المسمى بابي ايوب الانصاري شاهدا على تلك المحاولة.
يستند فتح المدينة الى نبوءة جاءت بالحديث الشريف (لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ). لذلك حاول المُسلمون على امتداد ثمانية قرون تحقيق هذه النبوءة ففشلوا مرات عديدة، حاول الامويون ثم العباسيون ثم السلاجقة والعثمانيون حتى بلغ عددُ مرَّات حصار المدينة من قِبل المُسلمين 11 مرَّة قبل حصار الفتح في عام ٨٥٧ هجرية.
مع قدوم السُلطان الشّاب محمد الفاتح (21 عاما)، عمل على الاستفراد بالمدينة؛ فعقد المعاهدات والاتفاقات مع المحيط في محاولة لعزلها سياسيا واقتصاديا ومن ثم عسكريا، خاصة ان دور المدينة كان محرضا على مهاجمة الدولة العثمانية ومصدر فتن بين العثمانيين انفسهم، واستعد لها بكل اشكال الاستعداد. ومنها بناء قلعة “روملي حصار” على مقربة منها، وحشد حشودا كبيرة مستفيدا من كل المحاولات الفاشلة السابقة لفتحها. وصنع المدافع العظيمة، وبعد ان خلخل التحالفات الغربية والشرقية، تمكن بعد قرابة شهرين من فتحها، فحمل السفن من البحر للجبل ثم انزلها في الخليج لتجاوز عقبة السلاسل الحديدية في خليج القرن الذهبي التي اعاقت الكثير من المحاولات السابقة.
محاولات استمرت على مدى ٨٠٠ عام، ذهب فيها عشرات الاف الشهداء، لكن الامة لم تيأس، ورغم متانة اسوار المدينة ورمزيتها للعالم المسيحي، الا ان العزم والتصميم، واعداد جيش مؤمن اخذ بكل أسباب القوة الممكنة اتى ثماره. هكذا هي الاهداف العظيمة، لا تُنسى ولا يُحاد عنها، حيث ان فتحها اعتبره المسلمون حينها حقيقة لابد ان تأتي يوما ما.
في فلسطين بعد قرابة ٧٥ سنة من الاحتلال الغاصب وقبله احتلال الانجليز اصحاب وعد بلفور، ورغم التضحيات الجسيمة التي قدمها اهلنا في فلسطين ومن حولهم بعض أبناء الامة، تاتي معركة طوفان الاقصى بشكل جديد من العزيمة والمبادرة، وبرغم حالة انفكاك وتخلف في المحيط العربي والاسلامي، ويأس البعض من التحرير واستسلامهم لشرعية اغتصاب المحتل ارض فلسطين، وكانهم لم يقرأوا سورة الاسراء، ولم يسمعوا بالحديث الشريف ( … انتم شرقي النهر وهم غربيه…).
سابقا؛ لم تفقد الامة ثقتها بربها ولا برسولها ( وما ينطق عن الهوى) وهو يحدثها عن فتح القسطنطينية، فحاولت عشرات المرات على مدار ٨٠٠ عام حتى تحقق وعد الله لهم.
أما حاليا؛ والقدس واقصاها المبارك وفلسطين اكثر اهمية للامة من القسطنطينية ذلك الزمان، اليس من ضعف الايمان – وربما انعدامه عند البعض – ان ندعي الايمان بالله وكتابه ورسوله وان لا نوقن بان وعد الله آتٍ لا محالة، فلا عذر أن نتخلى عن دعم أهلنا في فلسطين عامة وغزة خاصة هذه الايام (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
والى قراءة في انتصار اخر ان شاء الله