كتب : المحامية مرام مغالسه
الضرورات الخمس او الكليات الخمس هي مصالح الناس التي تهدف الشريعة الإسلامية لتحقيقها والتي بحفظها تقوم مصالح الدين والدنيا ولأجلها تشرع الأحكام والمبادئ بما لا يتنافى والقصد العام اي المصلحة العامة ؛ وهذه الضرورات متفق عليها وهي حفظ الدين والنفس والنسل والعقل والمال ؛ وحفظ النسل أو حفظ النسب يقدم على باقي الضرورات بعد حفظ الدين والنفس فينسب الطفل الى شخص واحد ليهتم بتربيته وينفق عليه فلا تختلط الأنساب لان في حفظ الانساب صيانه للأسرة ومحافظة على علاقاتها المتينة ؛ الا ان قضايا ولادة الأطفال من غير الزوجين الشرعيين وان ضاقت الا انها تحدث على ارض الواقع مما يجلب وليدا بلا نسب كأن يحدث التلاقي بين الزوجين في ظروف الشبهة أي قبل سريان الزواج الرسمي او بعد انتهائه للغط ما او قد يحدث الخطأ الذي قد يوجب العقاب في بعض الظروف بناء على رغبة الشاكي والتكييف القانوني ؛ إلا انه وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يؤخذ المولود بجرم والديه / او والده بداية كان يترك المولود/ة بلا نسب رغم إمكانية اثبات نسبه لأبيه ووجود البينة على ذلك ؛ وهنا من رايي أن ينظر في مصلحتين عامتين الأولى أن ينسب المولود لوالده لتحقيق إحدى الضرورات الخمس وهي ضرورة حفظ النسب تلافيا لخلط الأنساب في المجتمع وكي لا تجر الخطيئة خطيئة أخرى فيتزوج المحارم دون علم منهم؛ اما المصلحة العامة الثانية وهي ان كان المولود من سفاح فهنا يوجد استحالة في نسبه لوالده لان ذلك سيكون اقرارا قضائيا بخلط الانساب وتفكيك الاسر ونمو الحقد وتحفيز الانتقام بين افراد العائلة التي حدث فيها السفاح او الاعتداء.
وقد تولت احكام المادة 157 من قانون الأحوال الشخصية الإحاطة المعقولة بالسبل القانونية لاثبات نسب المولود لأبيه على سبيل التخيير كفراش الزوجية او إقرار الاب او البينة او الوسائل العلمية المقترنة بفراش الزوجية مع ضوابط أخرى كظاهر الحال؛ ولكن امام حساسية العلاقات وتزامن ضرورة تثبيت النسب مع الظروف الجزائية والاقتصادية التي يعانيها الأطراف يؤخذ الطفل بجريرة والديه او جرم والده فينشأ مجهول النسب منبوذا من المجتمع ويعاني من الأضرار النفسية والمادية والمعنوية التي تكبر معه من غير ذنب منه .
فما دور النيابة العامة الشرعية في اثبات النسب ؟ رغم ان قانون أصول المحاكمات الشرعية اعطى النيابة العامة الشرعية حق رفع الدعاوى الشرعية ما لم ترفع من ذوي الشأن ومنها الخوف من فوات منفعة مالية على القصر نتيجة تعرضهم للغش كقيام النيابة بإبطال الإذن بالتصرف بأموال القصر كما جعل القانون تدخل النيابة الشرعية وجوبيا في بعض الدعاوى على سبيل الحصر بحيث يترتب على عدم تدخلها بطلان الدعوى كالدعاوى المرفوعة على القصر ؛ الا ان المستغرب ان القانون المذكور جعل تدخل النيابة الشرعية جوازيا في قضايا حفظ الانساب ولم يجعله وجوبيا رغم وهن المولود وحاجته للمساندة وكذلك لم ينص القانون على حق النيابة الشرعية في رفع دعوى اثبات نسب القاصر باعتبارها قضية لا ترفع على القصر بل ترفع منهم مما لا يحقق حفظا للأنساب ولا يسد ذريعة اختلاط الانساب رغم ان ضرورة حفظ النسب مقدمة على ضرورة المال وفقا للضرورات الخمس مما يضعف دور الحماية القانونية للنيابة الشرعية العامة لانساب الأطفال في مجتمعنا الأردني .