الهدف مرصود ..

لو كان الأميركيون يعرفون العربية لاختاروا كلمات أغنية «الهدف مرصود والرشاش جاهز» للتعبير عما يعتقد الكثير من المراقبين أن الإدارة الأميركية بصدده. اليوم تتعاظم المؤشرات على احتمالية شن الولايات المتحدة وحلفائها حربا على إيران بحجة الأسلحة النووية ودعم الإرهاب.
الأميركيون ومعهم العالم يحبسون أنفاسهم بانتظار الخطوة التي قد يتخذها ترامب للبقاء في البيت الأبيض بعد أن فشلت العديد من محاولاته للتشكيك والطعن بنتائج الانتخابات واتهاماته لحكام الولايات المتأرجحة بلعب دور في اختطاف النتيجة التي قال إنها كانت لصالحه قبل عدّ الأصوات التي وردت في البريد قبل أيام من موعد الاقتراع.
حتى اليوم لم يقر الرئيس ترامب بفوز منافسه الذي تقبل التهاني وباشر بتسمية مساعديه للمواقع الرئيسة في الإدارة. لقد عزز ترامب وبصورة لا تخلو من الفجاجة الانطباع السائد لدى غالبية الشعوب عن الساسة ولاعبيها فالكل يحاول التمسك بالموقع ويستشرس في الدفاع عن بقائه واستمراره في الحكم أيا كانت المواقف والآراء من أدائه السياسي ومهما انحدر مستوى الرضا عن أعماله وإنجازاته.
في الولايات المتحدة اليوم حالة من الخوف والترقب والحذر فما يزال الرئيس يحاول أن يبطل النتيجة بأي وسيلة خصوصا بعد أن فشل في استخدام بعض الثغرات والمنافذ التي قد تسمح له بذلك. لقد أعلن غير ذي مرة بأنه هو الفائز وشكك في عدد الأصوات ومواقف المندوبين وساند القضايا التي رفعت للطعن بالنتائج ودعم الاتجاه الذي حاول توسيع سلطات رئيس مجلس الشيوخ للمستوى الذي يسمح له برفض اعتماد النتائج.
المساعي التي بدأها الرئيس في الأيام الأولى من (نوفمبر) لم تتوقف عند إعلان الرفض للنتائج والزعم بأنه صاحب الأحقية فحسب بل امتدت إلى الإعلان، وعبر حسابه، عن وجود مفاجآت أخرى. الحركات والتصريحات التي يقوم بها ترامب لا تبعث على الاطمئنان فقد تأخر في التوقيع على بعض القرارات الحيوية والمهمة وقطع إجازة رأس السنة التي اعتاد أن يمضيها بعيدا عن البيت الأبيض فعاد على عجل وبدأ التسخين للخطوات والتدابير القادمة. في سابقة هي الأولى من نوعها يشعر الأميركيون بالقلق على مستقبل الديمقراطية ويستكشف الشعب أن هناك هوّة كبيرة بين مكوناته فقد دعا ترامب أنصاره للذهاب إلى واشنطن في محاولة لتحريك الجماهير والتحشيد واستعراض القوة وتواصل مع بعض زعماء وقادة الشرق الأوسط ناصحا بعضهم بتجنب السفر إلى العراق كل ذلك بالتزامن مع تواجد عسكري كثيف للعديد من السفن وحاملات الطائرات والقواعد العسكرية في المنطقة.
المخاوف الأميركية والعالمية تأتي من احتمالية استخدام ترامب للورقة الأخيرة التي يعتقد أنها تمكنه من البقاء في البيت الأبيض. هذه الورقة تتمثل في إعلان الولايات المتحدة الدخول في حالة حرب الأمر الذي قد يبرر بقاء الرئيس ريثما تتوقف. على الساحة العالمية لا يوجد بلد مرشح أن يكون الضحية لمغامرة الرئيس ولعبته السياسية الجديدة غير إيران. فالأدبيات اللازمة لتعبئة الرأي العام الأميركي موجودة والحليف الإستراتيجي الإسرائيلي جاهز للقيام بالحرب والدفاع عن القرار في الولايات المتحدة وبين الحلفاء.
الإيرانيون الذين شكلوا كابوسا مخيفا لعدد من جيرانهم العرب ودخلوا في عدد من الصدامات مع القوى الغربية لا يلقون بالا للتهديدات الأميركية ولا يرون وجود أي اختلاف بين ترامب وبايدن فكلاهما منحاز للصهيونية ويتفاخر بمستوى الدعم والتفهم الذي يحمله لإسرائيل.
الهدف الذي أصبح في مرمى الإدارة الأميركية اليوم هو إيران التي قد تتلقى الضربة الموجعة عند أي لحظة وبلا مقدمات. الجديد في الحرب الأميركية المحتملة على إيران ليس أنها متوقعة بل إن نتائجها قد لا تكون متوقعة فالداخل الأميركي يعي جيدا أنها حرب من أجل تحقيق طموح يتنافى مع رغبة وإرادة الغالبية. والجديد في هذه الحرب أنها ستلقى تأييدا إقليميا واسعا ودعما من كل الذين ازدهرت علاقاتاهم وكسبوا نفوذا واسعا في السنوات الأربعة الأخيرة.

أخبار أخرى