المساعدات لم تنقطع

 

على عكس الانطباعات الشائعة التي يتم تداولها بأن المانحين لم يساعدوا الأردن في العام 2020، وأن المساعدات قلّ حجمها، مما كان له الأثر البالغ في تعميق أزمته الاقتصاديّة الخاصة في ظل جائحة كورونا التي تركت آثارا سلبيّة عميقة لا يمكن تجاوزها في المديين القريب والمتوسط.
الأرقام الرسميّة تظهر أن المملكة ما زالت تحظى بدعم دوليّ كبير، وأنها من أكثر الدول التي تحصل على مساعدات خارجيّة، والمقصود بالمساعدات منح وقروض.
أرقام وزارة التخطيط تشير إلى أن الأردن حصل في العام الماضي على مساعدات خارجية بقيمة 3.73 مليار دولار، وهي تشكّل ما يقارب 30 بالمائة من حجم الإنفاق الكُلّي في موازنة 2020.
حصة الموازنة العامة من هذه المساعدات بلغت ما يقارب (845) مليون دولار، موزعة بين (523) مليون دولار كدعم مباشر بتقليل العجز الماليّ، ومنح لتنفيذ مشاريع تنمويّة داخل بند النفقات الرأسمالية بقيمة (322) مليون دولار.
إذا حصة القروض الميسرة من تلك المساعدات قد بلغت 2.16 مليار دولار، والمقصود بالقروض الميسرة هي تلك القروض المخصصة لتمويل مشاريع الموازنة العامة بفوائد ميسرة تتراوح نسبتها بين صفر و4 بالمائة، وفترات سداد ما بين (15-35) سنة، متضمنة فترات سماح تصل بين (5-7) سنوات وهي خاضعة لرقابة مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة حسب الأصول المعمول فيها.
القروض السابقة موزعة ما بين قروض متعاقد عليها لدعم الموازنة العامة بقيمة (1.48) مليار دولار، وقروض لتنفيذ مشاريع تنمويّة بقيمة (685) مليون دولار.
حتى الأزمة السوريّة وتداعياتها على الاقتصاد الوطنيّ، فقد حصلت المملكة على ما يقارب الـ725.9 مليون دولار من المانحين ضمن استجابتهم لهذه الأزمة الدوليّة، موزعة نحو ‏دعم اللاجئين بقيمة (203.6) مليون دولار، ومشاريع للمجتمعات المستضيفة بقيمة (168.8) مليون دولار، ودعم من خلال الموازنة العامة بقيمة (353.5) مليون دولار.
الملاحظ في هذه المساعدات التي حصلت المملكة عليها خلال العام الماضي أنه تم توجيه حوالي (64 بالمائة) من قيمة المساعدات الخارجية الكلية المتعاقد عليها لدعم الموازنة العامة وبقيمة (2.35) مليار دولار.
واضح إذا أن المساعدات ما زالت تتدفق بشكل إيجابي ومتزايد من عام لآخر، وليس صحيحاً أنها تتراجع، وأن الأزمة الراهنة نتيجة هبوط المساعدات، فأرقام المساعدات في الموازنة تخالف التقديرات صعودا، وتزداد عما قدرته الحكومة عكس الأرقام والمؤشرات الأخرى التي تتراجع عن الفرضيات سلبا.
هنا تتضح أهمية المساعدات الخارجيّة في دعم الاستقرار الاقتصاديّ للمملكة، وأنها باتت للأسف عنصرا رئيسيا لا يمكن الاستغناء عنه، وشعارات الاعتماد على الذات تبقى شعارات خيالية بعيدة كُلّ البعد عن التطبيق على أرض الواقع.
يبقى السؤال الأهم، هو أنه؛ طالما تزداد المساعدات الخارجيّة في الاقتصاد، لماذا لا تنعكس على مُعدّلات النموّ والاستدامة؟
لا شك أنه لولا المساعدات الخارجيّة لدخَل الاقتصاد الوطنيّ في نفق مظلم لا يمكن الخروج منه بسهول أبداً، والمساعدات التي تتلقاها الخزينة تذهب في الغالبية لتمويل النفقات الحكوميّة المتزايدة، إضافة إلى مشاريع وبرامج قد لا تكون ذات قيمة مضافة عالية، بمعنى أن النتائج الاقتصاديّة لا تتناسب أبداً مع حجم الإنفاق من المساعدات، لذلك تبقى النتائج الاقتصاديّة ضئيلة.

أخبار أخرى