صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
حققت المملكة قفزة جديدة على مؤشر المعرفة العالمي لعام 2025، بعد انتقالها إلى المرتبة 73 من بين 195 دولة، مواصلة بذلك صعودًا تراكمياً للعام الثالث على التوالي.
وهذا التحسن الرقمي يضع قطاع التعليم الأردني أمام تساؤلات جوهرية حول ما إذا كانت هذه القفزة تعكس تحولًا حقيقيًا داخل المنظومة التعليمية، أم أنها نتيجة ترتيبات مرتبطة بخطط التحديث وإجراءات إدارية وفنية تم تنفيذها خلال العامين الماضيين.
ويأتي هذا الارتفاع في وقت يشهد فيه التعليم سلسلة تغييرات تشمل تطوير المناهج، وتوسيع أدوات التعليم الرقمي، والعمل على ربط العملية التعليمية بمتطلبات سوق العمل والتوجه نحو اقتصاد معرفي.
وبحسب البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي 2023 – 2025 الذي يتضمن تنفيذ خطط عمل لتحسين تنافسية الأردن في عدد من المؤشرات الدولية من ضمنها مؤشر المعرفة العالمي، اعتمدت الحكومة خطة عمل تنفيذية لتحسين مرتبة الأردن في التقرير من قبل لجنة التحديث الاقتصادي والتنمية والتي تم إعدادها من قبل وزارة التربية والتعليم وهي الجهة المكلفة بالعمل على توجيه كافة الجهود المتعلقة بهذا المؤشر.
ومع ذلك، يبقى من الضروري فهم طبيعة هذا التقدم، ومدى تأثيره على واقع التعلم داخل المدارس، وعلى مستوى الطلبة، وعلى قدرة النظام التعليمي على إنتاج معرفة قابلة للتطبيق في بيئة تتجه نحو التحول التكنولوجي.
ضرورة التخطيط الاستراتيجي المستمر وإدراج المؤشر ضمن الخطط التربوية الوطنية
وفي هذا السياق، أكد الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة أن التقدم الذي حققه الأردن في مؤشر المعرفة العالمي يُعد إنجازًا مهمًا يُسجَّل للحكومة ووزارة التربية والتعليم، موضحًا أن المملكة تمكنت هذا العام من التقدم 15 مرتبة في المؤشر العام مقارنة بالعام الماضي، لتستقر في المرتبة 73 من أصل 195 دولة.
وقال النوايسة خلال حديثه لـ”صدى الشعب” إن هذا التقدم جاء نتيجة ربط الأنشطة التعليمية بخطة طموحة هي خطة التحديث الاقتصادي، التي اشتملت على مجموعة واسعة من البرامج والمنهجيات الهادفة إلى دعم تحول التعليم نحو اقتصاد معرفي، وتعزيز التعلم الرقمي بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية وسوق العمل، الأمر الذي أسهم بدرجة كبيرة في هذا التقدم الملحوظ في قطاع التعليم، باعتباره إنجازًا يُحسب لنظام التعليم الأردني.
وأضاف أن التقدم الحاصل يدل على وجود أنشطة وجهود تكاملية نفذتها الجهات المعنية كافة، وفي مقدمتها وزارة التربية والتعليم، مبينًا أن ربط مؤشر المعرفة بخطة وطنية شاملة تضم جميع مؤسسات التعليم المدرسي والجامعي سيُحقق فائدة كبيرة في تعزيز البناء المعرفي والاستثمار فيه، خصوصًا في ظل التطور التقني والرقمي المتسارع. وأشار إلى أن ذلك سيُسهم في تحقيق تقدم أكبر في السنوات المقبلة، ويُعزز الثقة برؤية التحديث الاقتصادي.
استثمار المورد البشري لإنتاج المعرفة وتحقيق العائد الاقتصادي المنشود
ولفت إلى أن النتائج التي تحققت في المؤشر تمنح انطباعًا واضحًا بأن رؤية التحديث الاقتصادي بما تحمله من أهداف وخطط تسير في الاتجاه الصحيح، ولاسيما في ما يتعلق ببناء منظومة معرفية متكاملة وتطويرها وتوظيفها في الحياة العامة.
وبيّن أن أهمية هذا المؤشر تبرز كونه صادرًا عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ويعد أداة عالمية لتقييم أداء الدول في مجالات التعليم، والبحث العلمي، والابتكار، والتكنولوجيا، وهي أدوات أساسية تعتمد عليها الدول في عمليات التطوير المستمر.
وأكد أنه يصبح من الضروري البناء على هذا الإنجاز من خلال تخطيط شامل وإدراج المؤشر ونتائجه ضمن الخطط التربوية والتعليمية الاستراتيجية باعتباره أولوية وطنية، مشيرًا إلى أهمية اختيار الأنشطة التي تعزز الاستثمار المستمر في المعرفة، والتغلب على التحديات والصعوبات ومقاومة التغيير.
وشدد على أن الإنجاز المتحقق يستوجب الاستمرار في البناء عليه من خلال تعاون وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، والهيئات الرقمية، بما يضمن تحقيق تطوير حقيقي قائم على خطط منهجية واضحة في مجال إدارة المعرفة، تستند إلى استشراف المستقبل، وبناء منظومة متكاملة ومترابطة تشمل مختلف القطاعات المرتبطة بالتعليم وما يرتبط به من قطاعات رقمية وتقنية واقتصادية.
وأشار إلى أن هذه الجهود تُعد أساسًا لتحقيق الاستثمار الأمثل في المورد البشري، الذي يمثل العنصر الأهم في إنتاج المعرفة وتوظيفها بما يحقق العائد الاقتصادي المنشود.






