ينصح الخبراء بتعديل طريقة تعاملنا مع الكربوهيدرات، لتصبح أشبه برياضة يومية نمارسها، يمكن تسميتها مجازا “ركوب الدراجات الكربوهيدراتية”.
ويحدث ذلك عندما نتناوب على تناولها -صعودا وهبوطا- على أساس الجهد البدني المبذول، بعد أن أظهرت الأبحاث أن ربط توقيت وكمية تناول الكربوهيدرات بالنشاط البدني يمكن أن يؤثر على تعافي العضلات ويعزز الأداء الرياضي، كما قد يساعد أيضا في إنقاص الوزن، وفقا لموقع “إنسايدر” (Insider).
وقد استخدمت هذه الطريقة في الأنظمة الغذائية للرياضيين لفترة طويلة، قبل أن تصبح مصدر جذب لكثير من الناس، وإن كان تحقيقها للنتائج يتوقف على عدة عوامل، كالمرحلة العمرية ومستوى اللياقة، وكثافة التمرين المسموح به، وكذلك الحصص اليومية من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون، بالإضافة إلى استعدادنا لتعديل نظامنا الغذائي ليعمل معنا وليس ضدنا.
إدارة الكربوهيدرات للطاقة
تُعد الكربوهيدرات من المغذيات المهمة التي يحتاجها الجسم ليعمل بشكل صحيح، فعملية الهضم تحولها إلى غلوكوز، ينقله الإنسولين من مجرى الدم إلى الخلايا، ليتحول إلى نوعين من الطاقة:
– “الغليكوجين” الذي يتم توزيعه في العضلات والكبد وكافة أنحاء الجسم، ليكون جاهزا لتوفير طاقة فورية عند الحاجة إليها، ثم تخزين الكميات الفائضة منه داخل الخلايا الدهنية على المدى الطويل.
– “الاحتياطيات الدهنية” التي يستخدمها الجسم كبديل للحصول على الطاقة اللازمة، عندما ينضب مخزون الغليكوجين جراء انخفاض معدل الكربوهيدرات.
لذا يسمح “ركوب الدراجات الكربوهيدراتية” للجسم بإدارة احتياطيات الطاقة بشكل أفضل، عبر خطة غذائية تعتمد على التلاعب بنسب الكربوهيدرات لتعظيم فوائدها، من خلال التبديل بين:
– زيادة تناول الكربوهيدرات في أيام النشاط البدني المكثف، لتمكين الجسم من الاستفادة منها في إنتاج الطاقة، بدلا من تخزينها في صورة دهون، بالإضافة إلى تحسين وظيفة الهرمونات المنظمة للوزن والشهية، كاللبتين (هرمون الشبع) والجريلين (هرمون الجوع). والتأثير إيجابيا على هرمونات الغدة الدرقية والتستوستيرون.
– تقليص استهلاك الكربوهيدرات في الأيام الأقل نشاطا، لمنح الجسم الفرصة لحرق الدهون من أجل الطاقة، بدلا من الاعتماد على الغليكوجين، وهو ما قد يساعد في إنقاص الوزن، إلى جانب ضبط الكوليسترول والتمثيل الغذائي، وتحسين حساسية الإنسولين كعلامة حيوية على الصحة.
وقد تختلف دورة التبديل من شخص لآخر، فتكون يومية أو أسبوعية أو شهرية، بحسب جدول التمرين البدني أو النظام الغذائي.
وعلى سبيل المثال، يسمح برنامج “ركوب الدراجات الكربوهيدراتية” لمدة 5 أيام بتناول من 100 إلى 125 غراما من الكربوهيدرات لمدة 3 أيام متتالية منخفضة النشاط، ثم تناول من 175 إلى 275 غراما من الكربوهيدرات لمدة يومين من النشاط البدني المكثف.
نظام يتسم بالمرونة
بالرغم من أن الخبراء يوصون بالاستخدام قصير المدى لنظام “ركوب الدراجات الكربوهيدراتية” نظرا لاحتياجه للخبرة والدقة، فإنه يبقى نظاما يتسم بالمرونة، مقارنة بخطط الحِمْيات الغذائية الأخرى منخفضة الكربوهيدرات مثل “كيتو” و”أتكينز”.
وهذا ما جعله شائعا أكثر بين الرياضيين الذين يمارسون تمارين التحمل المكثفة، مثل لاعبي كمال الأجسام والسباحين وعدائي الماراثون، بسبب فائدته في رفع الأداء البدني.
وقد أظهرت دراسة نشرت في مجلة الطب الرياضي عام 2010، أن كمية الكربوهيدرات التي يتناولها الشخص بعد التمرين المكثف، يمكن أن تساعد في تجديد الغليكوجين الذي يُستنفد بسبب المجهود.
وإن كانت بعض الأبحاث أكدت أهمية تعديل الحصص اليومية للكربوهيدرات الواجب تناولها، حسب كثافة التمرين في ذلك اليوم، بهدف إعطاء الجسم طاقة كبيرة من الغليكوجين، تضمن تعافي العضلات بعد التمرين الشاق.
كذلك أصبح “ركوب الدراجات الكربوهيدراتية” أكثر جاذبية لدى الأشخاص المهتمين بإنقاص الوزن، والتحكم في ما يأكلونه، فقد أوصت “هيئة الغذاء والدواء الأميركية” (FDA) الشخص الذي يتبع نظاما غذائيا يحتوي على ألفي سعر حراري، أن يستهلك ما يقرب من 300 غرام من الكربوهيدرات يوميا.
وقالت ليز ويناندي (Liz Weinandy)، اختصاصية التغذية بجامعة ولاية أوهايو، لموقع إنسايدر أيضا، إن هذا النظام “يمكن أن يساعد في تدريب الجسم على الحفاظ على توازن صحي ويساهم في فقدان الوزن، بشرط الاستعانة بأحد المحترفين لمعرفة الخيار الأكثر صحة بالنسبة للشخص، نظرا لأن نتائج النظام الغذائي والتمارين الرياضية للأشخاص يمكن أن تختلف بشكل كبير”.
الكربوهيدرات المعقدة
تنصح ويناندي من يفكر في “ركوب الدراجات الكربوهيدراتية”، بغض النظر عما إذا كان في يوم مرتفع أو منخفض الكربوهيدرات، بالتمييز بين الكربوهيدرات المعقدة والكربوهيدرات البسيطة.
وتوضح أن البسيطة عبارة عن كربوهيدرات تمت معالجتها غالبا بطريقة ما، مثل السكريات الموجودة في عصير الفاكهة أو المشروبات الغازية أو النشويات الموجودة في الخبز الأبيض، فهي سريعة التحول إلى طاقة، لكنها لا تدوم طويلا، لذا يجب تجنبها أو تناولها باعتدال على الأقل.
أما الكربوهيدرات المعقدة فتحتفظ بالألياف في الطعام بشكل طبيعي يجعلنا نهضمها بشكل أبطأ، ونتيجة لذلك توفر لأجسامنا مصدرا أكثر ثباتا للطاقة.
وتتوفر الكربوهيدرات المعقدة في الحبوب الكاملة وتشمل الأرز البني والشوفان والذرة، وكذلك الخضروات والفاكهة غير المصنعة، وخاصة التوت لاحتوائه على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، بالإضافة إلى البقوليات والحليب، والدرنات كالبطاطس والبطاطا الحلوة.
وتضيف ويناندي أن “من الأفضل التمسك بالكربوهيدرات المعقدة، لأنها تمنحنا الطاقة على مدى فترة زمنية أطول، وتجعل من الصعب الإفراط في تناول الطعام، مما يساعد في النتيجة النهائية”.
فإذا كنت رياضيا جادا أو شخصا نشطا بشكل معتدل، فقد يساعدك “ركوب الدراجات الكربوهيدراتية” في إنقاص الوزن والتدريب الجيد، فضلا عن التعافي بشكل أفضل، ولكن انتبه فإن الأمر يتطلب التخطيط والعناية اللازمة، بحسب ويناندي.