تتزايد مطالب حقوقيات بضرورة تعديل نظام دور حماية الأسرة، وتحديدا ما يخص رفع سن الأطفال الذكور الملتحقين بأمهاتهم المعنفات، والسماح للمرأة بالخروج من الدار، أسوة بتعليمات دور إيواء النساء المعرضات للخطر التي أقرتها الحكومة مؤخرا.
وكان العدد الأخير من الجريدة الرسمية نشر التعليمات الجديدة لدور ايواء النساء المعرضات للخطر “دار آمنة”، التي نصت على تعديلين أساسيين يتمثلان برفع سن الأطفال الذكور الذين يستطيعون الإقامة مع أمهاتهم المنتفعات من 6 سنوات إلى 10، والسماح للنساء بالخروج من الدار لغايات التعليم والعمل.
وكانت وزارة التنمية الاجتماعية افتتحت دار آمنة العام 2018 لإيواء النساء المعرضات للخطر كجزء من سلسلة منظومة حماية المرأة في الاردن، بهدف إيجاد حلول إنسانية مجتمعية أكثر عدالة للموقوفات إداريا والمعرضات للخطر، كخطوة نحو إنهاء التوقيف الإداري للنساء في السجون.
ويعرف النظام المرأة المعرضة للخطر بأنها “تلك التي تكون حياتها مهددة بالقتل من أحد أفراد أسرتها أو عدم وجود شخص قادر على حمايتها”.
وفيما اعتبرت حقوقيات تعديل التعليمات الخاصة بدور المعرضات للخطر “إيجابية جدا”، غير أنهن يستدركن بأن هذه التعليمات لا تنطبق سوى على منتفعات دار واحدة هي دار حماية النساء المعرضات للخطر “آمنة”، بينما ما تزال المنتفعات من خدمات دور حماية النساء المعنفات “دار الوفاق الأسري” في عمان وإربد يخضعن لنظام دور حماية الأسرة.
ويسمح نظام دور حماية الأسرة في المادة الخامسة منه للمرأة بإبقاء أطفالها الذكور معها حتى سن الثالثة، وفي حالات استثنائية حتى سن الخامسة، وفي المقابل لا ينص النظام في أي من بنوده على السماح للنساء المعنفات بالخروج من الدار لغايات التعليم والعمل.
ودور الوفاق الأسري هي دور متخصصة بحماية النساء المعنفات، حيث تم إنشاء أول دار وفاق في العام 2007 لاستقبال النساء المحتاجات للحماية والرعاية، في حين تم إنشاء دار مماثلة في إربد العام 2016، إلى جانب دار في الرصيفة مختصة بالفتيات المحتاجات للحماية والرعاية دون سن 18، وتوفر هذه الدور خدمات الإيواء والمساندة النفسية والاجتماعية، والمساعدة القانونية والتمكين، فضلا عن التأهيل وبرنامج الخدمات اللاحقة.
كما تهدف دور حماية الاسرة الى توفير الحماية للنساء اللواتي يتعرضن لأي نوع من انواع العنف في إطار اسرهن او من القائمين على رعايتهن، وتستقبلهن في ضيافتها، فضلا عن تحقيق الوفاق الاسري بين المرأة أو الفتاة اللتين تستقبلهما الدار، مع أفراد اسرتهما لترسيخ التفاهم والتعايش في الأسرة الواحدة، حفاظا على تماسكها وتأمين استقرارها، والنهوض بها والمساهمة في وضع السياسات والخطط التنموية ذات العلاقة بالأمن الأسري، من خلال توفير المعلومات والبيانات اللازمة لهذه الغاية.
وفي هذا السياق تقول الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المراة الدكتورة سلمى النمس: “في الوقت الذي نسعد فيه برفع سن الأطفال الذكور المرافقين لأمهاتهم في دور حماية النساء المعرضات للخطر، لكن للأسف أن ذلك غير مطبق على دور الوفاق الخاصة بالمعنفات، التي يحدد نظامها باستقبال الأطفال الذكور حتى سن الخامسة فقط”.
وتشدد النمس على ضرورة أن تكون انظمة دور الايواء للمعرضات للخطر والمعنفات متوائمة ومنسجمة.
وتتابع: “على منظومة الحماية كذلك أن توفر حلولا متعددة وتأخذ بعين الاعتبار الحاجات الخاصة وفق حالة كل سيدة”، موضحة أنه “في بعض الحالات على سبيل المثال تحتاج النزيلات الى سكنات منفصلة تضمن أن تكون المرأة مع أبنائها الذكور في سكن مستقل، وتحديدا إن كان الأبناء أكبر سنا”، مستدركة: “للأسف فإن تحديد سن للأبناء لمرافقة أمهاتهم هو أحد أسباب عدم اللجوء الى خدمات الإيواء؛ لأن المراة لا تكون راغبة في الانفصال عن أبنائها”.
وتزيد: “ربما يقودنا هذا ايضا إلى ضرورة تفعيل أوامر الحماية، حيث يتم في حالات العنف إبعاد الرجل المعنف عن المنزل، وتبقى المراة مع أبنائها في منزلها محمية من المعنف”.
وفي سياق متصل تشاطر المحامية والخبيرة الحقوقية هالة عاهد الرأي مع النمس، قائلة إن “إجراءات دار الوفاق بعدم استقبال اطفال المراة في سن اكبر، وعدم السماح للمرأة بالحركة والخروج، يدفع العديد منهن إلى عدم الشكوى أو الاضطرار لإسقاطها، والميل للمصالحة، تجنبا للخضوع لهذه الإجراءات، ما يجعلهن عرضة للخطر للبقاء تحت العنف من دون طلب المساعدة”.
وتشدد عاهد على أهمية تعديل نظام دور حماية الأسرة بايجاد نص يسمح بالحركة عموما بلا شروط، خصوصا إذا كانت المرأة غير مهددة بالخطر.
من جانبها، تبين المديرة التنفيذية لمجموعة القانون لحقوق الإنسان “ميزان” المحامية إيفا ابو حلاوة أن التعليمات الخاصة بدور المعرضات للخطر يجب تعميمها على كافة الدور الايوائية الخاصة بالنساء، داعية لرفع سن الاطفال المرافقين لامهاتهم، والسماح بالحركة لغايات العمل والتعليم في دور الوفاق ودار حماية الفتيات.
وتوضح ان تحقيق ذلك يكون من خلال مراجعة نظام دور حماية الاسرة، وتطبيق النهج التشاركي، والأخذ بالاعتبارات الفردية لكل حالة، إضافة إلى احترام خيارات المرأة ورغبتها.
وتشير ابو حلاوة الى اهمية تطبيق نظام الخروج من الدار لغايات التعليم، خصوصا للفتيات في دار رعاية فتيات رصيفة من المحتاجات للحماية والرعاية، واللواتي لا يزلن على مقاعد الدراسة.
ووفق دراسة أجرتها وزارة التنمية الاجتماعية، بلغ عدد حالات العنف الأسري التي تعاملت معها مكاتب الخدمة الاجتماعية في إدارة حماية الأسرة بلغ 10375 حالة، منها 5776 واقعة على امراة بالغة، و4612 على أطفال بين ذكور وإناث.