في غمرة استعدادات المملكة الأردنية الهاشمية للاحتفالات الوطنية، أقول:
يا له من إحساس مفعم بالفخر ويا له من شعور يغمره السرور. الأردن أرض الثبات والصمود لا تثنيها المحن عن بلوغ كل طموح وتسمو راياتُها خفاقة لترسم صورة ولا أجمل.
يشق الأردن الصفوف ليأخذ مكانته بهيبة ووقار.. ورغم ما نشهده من تحولات وتحديات، خطى الأردن بكل ثبات وثقة في بناء مستقبل يفخر به الآباء ويعتز به الأبناء.
يا لك من وطن كبير، احتضنْت وتحتضن الجميع. لم ينقطعْ عنك الضيوف، ما أنْ ضاقتْ عليهم الظروف وهُجّروا من ديارهم قسّرا أو خوفا على أرواحهم إلا ووجدوا فيك حضنا دافئا يُعيد الحياة إلى الروح.
تحملت ما لمْ تتحمله دول عظمى رغم شح مواردك وسوء الظروف. لم تبخل في العطاء على أحد، ذلك لأنَّ وسمك “العطاءُ”، فأنت العنوان الدائم لإغاثة الملهوف.
يحق لنا أنْ نفتخر ونباهي بك الجميع، ولطيب أفعالِك مرفوعة الرؤوس. حماك الله يا وطني ما غيرتك الخطوب ولا الظروف.
يكفينا فخرا أنك نِدّ يقهر ما لديهم من تطلعات وطموح. صامد ومستقر رغما عن الأُنوف. فيا لك من وطن كبير. وستبقى بعون الله عنوانا للكبرياء والشموخ.
ويشرّفُني أن أُخاطب سيدي صاحبَ الجلالةِ الهاشميّةِ الملكَ عبدَاللهِ الثّاني ابنَ الحسين المعظم بمناسبة اليوبيل الفضي لتسلم جلالته الملك سلطاته الدستورية قائلا:
يا سيدي أنتم رجل المواقف وشريف الأمّة وسَيِّدِها. أنتم حاميَ المقدسات ونصير البشرية وملك القلوب. يكفيْنا فخراً، يا سيدي، أنَّ الأعداءَ يحسبون لكم كلَّ حساب. لقد ملأتمُ العالم شجاعة وإقداما. ومواقفُكم المُشرِّفة في المحافل الدوليّة غدت مضربا للأمثال تتناقلُها الشّعوب والأجيال. سَيسجّل التاريخ اسمَكم يا سيدي من نور.
يا سيدي ليس لكم في المُلكِّ مثيل. تبنون مواقفَكم وقراراتِكم بكلِّ حصافة وهدوء وتحشدون التأييد الدولي بمنتهى الاحتراف. وبالحكمة والحنكة تكسبون الصولات والجولات. والمصالح العليا للوطن هي الفيصل عندكم، وهي الأساس. فنحن لكًم ومعكم، كما أنتم لنا ومعَنا.
سيدي صاحب الجلالة، لكم الأمر وعلينا الطاعة. أمّا الوطن، فنشرف بخدمتِه ونعتزّ. وما نحن إلا جنود، نسمو بكل ما في الكلمة من معاني الشّرف والرجولة، ونفدي تُرابَه الطهور بالمهج والأرواح.
و يشرّفُني أن أُخاطب سيدي صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله ولي العهد الأمين وأقول:
خطواتكم يا سيدي واثقة وطروحاتكم غنية وتوجيهاتكم قيمة وفي الصميم. وهي محط اهتمام الجميع.
طرحكم يا سيدي يا له من طرح عميق وأسلوبهم يا له من أسلوب محبب وجميل. تؤمنون، يا سيدي، بأن سر نجاح الأردن في مواجهة التحديات هو وعي الشعب ووحدته وتماسكه.
وتؤمنون، يا سيدي، بأن قوة الدولة في قوة مؤسساتها. ولذلك، توجهون القيادات إلى التفكير طويل المدى واستشراف المستقبل والتخطيط له واتخاذ القرارات المتزنة بعيدا عن المزاجية أو الانفعال والتركيز على ما ينفع الناس.
وتؤكدون، يا سيدي، على أن علاقات الأردن مع دول العالم مبنية على الاحترام المتبادل. ولهذا، صوت الأردن مسموع ومُقدر حتى لو اختلفت وجهات نظر مختلف الاطراف. كما أن الأردن القوي قادر على مد العون لمن يحتاج.
وتدعون، يا سيدي، القيادات إلى أن تضع عينها على المستقبل. ولهذا، فهي بقدر ما تقيم الماضي لكي تستفيد مما كان، إلا أن اهتمامها يجب أن ينصب على المستقبل وما فيه من فرص وتحديات.
ويقوم نهجكم، يا سيدي، على أن العمل المؤسسي لا يرتبط بأشخاص بل يستمر مع تغير الأشخاص، وتدعون، يا سيدي، إلى الاستثمار في الانسان وتعزيز انتاجيته والتوجه للتعليم المهني والتقني الذي يحتاجه سوق العمل. كما تدعون إلى استثمار كل فرصة ومناسبة وحدث في الترويج للاردن سياحيا وتاريخيا وثقافيا واستثماريا.
وترون، يا سيدي، أن محطة الوصول التي نسعى لبلوغها جميعا هي الاكتفاء الذاتي. ولهذا، تدعون إلى تعزيز سبل الاعتماد على الذات تدريجيا والعمل وفق مستهدفات والاصرار على النجاح وقياس نجاح الإدارة بالاعتماد على مؤشرات.
نعم، يا سيدي، وكما قلتم فأن الصدق مع الذات هو سبيل النجاح مع ضرورة هدوء وحكمة المسؤول التي تنتقل إلى من حوله بعيدا عن الانفعال والتوتر الذي يؤثر سلبا على القرار والاداء وكذلك على الجو العام. وتدعون المسؤول إلى تقبل الانتقاد فالنقد البناء صحي ويضمن تطور الاداء. والثقة بالمسؤول في منظوركم، يا سيدي، تأتي بالتدريج وتستند إلى الأفعال لا مجرد الأقوال.
ولديكم، يا سيدي، قناعة مفادها أن التحليل الدقيق للواقع وفهمه بالشكل الصحيح يقود الى حلول مناسبة. وتدعون، يا سيدي، القيادات إلى أن تكون التوجهات والسياسات العامة مبنية على حقائق وتحليل عميق لمختلف القضايا والمعطيات.
وتحثون، يا سيدي، على الانضباط والارتباط الوطني. ولهذا، تدعون الشباب إلى ادارة الوقت والاستفادة من كل لحظة في حياتهم في تعظيم المعرفة والمهارات والقدرات.
وترون، يا سيدي، أن لا شيء يتقدم على الاقتصاد فهو أولوية ومنه تنبثق بقية الاهتمامات وتدعون إلى التركيز على الميزة التنافسية والتوجه للتكامل الاقتصادي وتوسيع الاسواق.
وما توجيهات سيدي صاحب الجلالة وسيدي صاحب السمو الملكي ولي العهد إلا نهج عمل متكامل وقواعد سلوك تمكّنا من عبور المستقبل من أوسع أبوابه وتحقيق ما لدينا من أهداف طموحة واستدامة سبل النجاح.
وهذه دعوة للمسؤولين عموما للحرص دوما على أن يكونوا هم قدوة في كل شيء مع الانفتاح على الشعب والتعامل معهم بشفافية في كل ما يتعلق بالوطن ومستقبل الأجيال هذا بالإضافة إلى ضرورة تقبل النقد البناء بكل أريحية وارتياح.
بوركت جهود البناء والعطاء الوطني ودامت النفوس العزيزة والقيم الأصيلة. أكرم بالترفع عن التكسب! وأنعم بنُكران الذّات!
يثير الاستغراب حقا ما نشهده هذه الأيام من ازدحام عز نظيره في اللقاءات والورش والاجتماعات والتصريحات والتغطيات الإعلامية المكثفة بشكل يومي – بكل تأكيد لا اقصد منتدى “تواصل”، أقول هذا حتى اقطع الطريق تماما على الواشين. ولا ننسى أيضا زمرة التدخل السريع التى لا تدرك ما تقول. والسؤال هنا أهو فعل نافع أم استخفافا بالعقول؟!
ومع ذلك، نسأل الله ان يجد المشاركون في محتوى هذه الفعاليات ما يفيد لقاء وقتهم المستهلك وما ينفق على هذه الفعاليات من مال. بكل تأكيد الشمس ما تتغطى بغربال والسعي شتى ولكن الخير كل الخير في صالح الأوطان.
نحن بدورنا يدفعنا الإحساس الجمعي بالمسؤولية الوطنية إلى طرح الآراء والملاحظات البناءة بكل تجرد وصراحة غير آبهين بتهديد أو وعيد. ولهذا، نأمل ألا يغضب منا أحد فنحن ناصحون ولكننا لا نجامل على حساب الوطن كائن من كان. نحن إيجابيين بطبعنا حتى النخاع، لكننا لا نقبل الاستغفال ولا التلاعب بلغة الأرقام.
لنحافظ نحن جميعا على الأردن العظيم أرضه وسمائه وأمنه واستقراره ومستقبل أجياله ولنساهم في تعزيز مكانته على الخارطة العالمية سياسيا واقتصاديا ولنرتقِ به ومعه. ولتبق بعون الله هاماتنا عالية ورؤوسنا شامخة شموخ جبال الأردن وتلاله.