في ندوة حافلة في دارة مهدي العَلَمي الثقافية، وأمام نخبة من جمهور مثقف، فالعلمي يعرف كيف يختار رواده، تشرفت بالحديث عن عوامل تراجع التعليم، وأرجعت ذلك إلى تراجع في سياقات اجتماعية وثقافية ضاغطة على التعليم، إضافة إلى ضعف مدخلات التعليم. وعملياته، وغياب تحديد لمخرجاته! ليس هذا موضوع المقالة؛ فأسئلة الجمهور تمحورت حول:
– لماذا حذفوا الجهاد من المناهج؟
– لماذا غيبوا اسم فلسطين؟
– أين قصيدة كذا عن فلسطين؟
– ما الجهة الأجنبية التي تعبث بالمناهج؟
– من فرض عليكم مناهج كولينز؟
كانت إجاباتي:
– لم يعبث أحد بالمناهج!
– فلسطين موجودة بقوة!
– هناك قصيدة هائلة عن فلسطين للشاعر خالد محادين!
– هناك ملخص لتاريخ القضية الفلسطينية في منهاج التربية الوطنية!
– هناك القدس والمسجد الأقصى!
– هناك الجهاد والشهادة والفداء والبطولات في فلسطين!
– هناك نضالات الشعب الفلسطيني!
– هناك نضالات الجيش الأردني!
والأكثر من ذلك:
لقد وُضِعت فلسطين بقوة في الإطار العام للمناهج! بل إن فلسطين موجودة في قانون التربية والتعليم رقم ٣ لعام ٩٤ أي بعد المعاهدة!
(01)
لم يصدقني كثيرون!
تحدث كثيرون وبلهجة واثقة، كما لو كان كل منهم يحمل جائزة نوبل في التعليم والمناهج! تحدثوا بثقة:
– كلامك غير صحيح!
– أثبت صحة ما تقول!
– أين هذه الكتب المزعومة؟
– لم أر في كتب أبنائي أي كلمة عن فلسطين!
– لم أر آياتٍ وأحاديث َ!
فشعرت بالأسى لسببين:
الأول؛ أن هناك من اختطف المجتمع، وأقنعه بأن مؤامرة كبرى قد أسقطت مناهجنا في براثن الصهيونية!
والآخر؛ أن الإعلام التربوي الرسمي غائب تمامًا عن الساحة على طريقة:
” دعهم في غيّهم يعمهون”.
ولذلك انفرد العابثون بالساحة في غياب كامل لمن يدافع أو يوضح عن التعليم والمناهج!
وبرأيي؛ مخطىء من يعتقد أن القافلة تسير والكلاب تعوي!!
هناك حركات منظمة واسعة ضد المناهج! ولهذه الحركات تأثير كبير على المجتمع!
ولا يجوز أن يسلك الإعلام التربوي-غير الموجود- سلوك النعامة، وكأنه يخاف من دفاعه عن مخدرات!!!
(02)
الحملة ضد المناهج!
لست مخوّلًا بالدفاع عن المناهج، وأرجح أن جماعة المناهج، وجماعة التعليم لا يريدون مثل هذا الدفاع، لقد قلت قبل يومين في مقالة:
“مش دفاعًا عن حدا!”
إن هناك من كتب ١٦٠٠ صفحة بما أسموه تحليلًا للمناهج والكتب المدرسية، وتفننوا في وضع قوائم المحذوفات والمقذوفات من المناهج الحديثة! وربما أقنعوا المجتمع بصحة ما يدّعون!
حاولت نقد منهجهم بأنه غير علمي، وأن فلسطين والجهاد لم يحذفا من المناهج والكتب، وأوضحت ذلك بصور وأرقام صفحات لما أدّعيه، وبما يثبت عكس اتهاماتهم!
فماذا تلقيت؟
– ردّا قاسيًا ممن شوهوا وضللوا، ربما عن قصد ودون أدنى معرفة بالبحث العلمي، مكررين اتهاماتهم الخطيرة كحماة الشرعية المجتمعية!
– جمودًا كاملًا، بل تجاهلا من القائمين على المناهج؛ سواء من المركز الوطني للمناهج أم من وزارة التربية! وكأنهم نسوْا أن “أولئك”قد أقنعوا الناس بحرق الكتب قبل سنتين!!
ملاحظة: يا عباقرة التعليم والمناهج: إن لم تتحدثوا مع المجتمع، سيتحدث معه غيركم!
أكرر؛ لست معجبًا جدًا بمناهجنا! فمناهجنا يمكن أن تكون أفضل! ولكن ما يوجه لها من تهم غير دقيقة وغير صحيحة!
فهمت عليّ جنابك؟!!