صدى الشعب – كتب د. أيوب أبودية
تأتي هذه المقالة ضمن مشروع اقتراح أسئلة فلسفية داعمة للمواد التدريسية كافة، كالأحياء والفيزياء والكيمياء والفلك والرياضيات والهندسة والاقتصاد والتربية والرياضة وغيرها، مسترشدا برأي خبراء في تخصصاتهم، لإدخالها في مناهج المواد المختلفة. وينبغي ألا يُظن أن الفلاسفة يسهمون في الإضافة النوعية للعلوم، فهذا من مسؤوليات المتخصصين في العلوم.
وفكرة اقتراح أسئلة فلسفية داعمة للمواد التدريسية ليست اختراعا بل منهجا يتبعه نظام البكالوريا الدولية منذ عام 1963، وضرورتها الراهنية هي جهلنا بما تخطط له وزارة التربية والتعليم في هذا المضمار، فكلي أمل أن ينتفع الأساتذة والمعلمون منها أيضا للإطلالة على موادهم العلمية بعمق أكبر ودهشة أعظم، علما بأن هذه الأسئلة ليست بديلا عن تدريس الفلسفة كمادة أساسية مستقلة وإجبارية على مستوى المدارس والجامعات كافة، كما فعلت الجامعة الأردنية مشكورة.
في مادة الأحياء أو البيولوجيا لنظام البكالوريا الدولية، تهدف الأسئلة الفلسفية المطروحة في نهاية كل فصل إلى تشجيع الطلبة على التفكير في الآثار الاجتماعية والنفسية والأخلاقية والجمالية المترتبة على بعض المفاهيم والنظريات العلمية في نطاق أوسع طولا وعرضا وعمقا، وعلى أهمية هذه المفاهيم العلمية التي تعلموها في صياغة رؤيتنا للعالم في الحاضر والماضي والتنبؤ بما سوف يحصل في المستقبل. وفيما يلي بعض الأمثلة كنماذج من الأسئلة الفلسفية التي يمكن طرحها أثناء تدريس مادة الأحياء، حسب الموضوع الفرعي، التي ناقشتها مع أخصائي?علم المناعة والأحياء الدقيقة الدكتور عيسى أبودية، وهي التالي:
هل يمكن استخدام نماذج بيولوجية معقدة، كالخلية، للاستدلال على وجود قوى ميتافيزيقية؟
ما المقصود بذرة الكربون كوحدة بناء اساسية؟ وهل يكن تصورحياة أخرى تتبع أساس بيوكيميائي مختلف؟
هل النظريات البيولوجية تُخترع أم تُكتشف؟
كيف يمكن ان يتناقض الجمال مع صراع البقاء؟ مثال الطاووس الذكر الذي يضع نفسه معرضا للهجوم مقابل إغراء الانثى بألوانه الزاهية.
هل سباق التطور بين الكائنات الحية، كالفهد والغزال، مستمر إلى ما لا نهاية، أم أن له حدودا لا يتجاوزها؟
ما الاعتبارات الاخلاقية للتحولات الوراثية لدى البشر والكائنات الحية الأخرى؟
هل هناك حدود أخلاقية واضحة للتلاعب الجيني، والاستنساخ، وعلم الأجنة؟
كيف يمكن ان نوفق بين التلاعب الجيني عند البشر مع مفاهيم كالعدالة والمساواة؟
هل فكرة الموت حتمية، أم أنه يمكننا التحكم في الخلايا لتعيش الى ما لا نهاية؟
هل يمكن تعريف الحياة من خلال عملياتها البيوكيميائية وحدها؟
هل هناك فرق جوهري بين المادة الحية وغير الحية، وما المنطويات الفلسفية لذلك؟
هل اللجان الاخلاقية التي تراقب الأبحاث في علم الأحياء محايدة؟
ما أثر العامل الذاتي، كثقافة الباحث وتوجهات الجهة المانحة، في توجيه هذه الأبحاث ومخرجاتها؟
كيف يعكس مفهوم التنوع البيولوجي فهمنا لقيمة الحياة والتنوع الثقافي فيها؟
ما الوعي؟ وهل يمكن لقوانين الأحياء أن تفسر لنا وجود الوعي؟ وما دور الفلسفة في ذلك؟
كيف تؤثر المعتقدات الثقافية والمجتمعية على قبول النظريات البيولوجية؟
هل يمكن لعلم الأحياء أن يقدم نظرة ثاقبة لأصول الأخلاق ومنبعها؟
ما هي الاعتبارات الأخلاقية التي تنشأ عن استخدام الحيوانات في التجارب البيولوجية؟
هل هناك نوع من المسؤولية يتحمله عالم الأحياء في مواجهة التحديات العالمية المعاصرة، مثل تغير المناخ؟
ما هي مسؤوليات العلماء من الاكتشافات الأحيائية فيما يتعلق بأثرها على سلامة البشر؟
كيف تؤثر الاكتشافات البيولوجية على القيم والأعراف المجتمعية؟
ما هي العلاقة بين علم الأحياء ومفهوم الجمال؟
هل هناك حدود أخلاقية لاستخدام الأسلحة البيولوجية والإرهاب البيولوجي، أم يمكن تبريرها؟
كيف تساهم البيولوجيا في فهمنا للسلوك البشري وحالته النفسية؟
هل هناك غرض غائي للتطور البيولوجي؟
هل هناك علاقة بين علم الأحياء والأسئلة الوجودية حول معنى الحياة؟
هل يمكن تفسير فكرة الرجل الخارق (سوبرمان) تطوريا؟
هل يمكن لعلم الأحياء أن يقدم نظرة ثاقبة لطبيعة الذكاء والإدراك والفهم؟
هل يستطيع علم الأحياء تقديم موقف مقنع من إشكالية العقل والجسد؟
هل يمكن لعلم الأحياء أن يساعدنا على فهم طبيعة المعاناة، والألم، والحزن، والكآبة؟
هل يمكن لعلم الأحياء أن يقدم تفسيرا لطبيعة العلاقات الانسانية، والهياكل الاجتماعية، ومسارها التطوري؟
كيف تختلف المناهج المستخدمة في مبحث الأحياء عن تلك التي تستخدم في العلوم الاجتماعية؟
كيف يمكن أن تؤثر المعتقدات المسبقة على البحث العلمي في الأحياء؟
كيف تطبق مفهوم البرادايم Paradigm على الانتقال من علم أحياء أرسطو إلى علم الأحياء المعاصرة؟
كيف تؤثر النظريات العلمية الحديثة في الأحياء على فهمنا للطبيعة الأساسية للوجود؟
هل يمكن للمنهج العلمي وحده أن يوفر فهماً شاملاً للكون، أم أن هناك ظواهر تقع خارج نطاقه؟
ما هو الدور الذي يؤديه الشك في تقدم المعرفة العلمية؟ وكيف يمكننا التمييز بين الشك الصحي والشك غير المسوّغ؟
وبناء عليه، فإن الفلسفة يمكنها أن تطرح أسئلة تضيء بها جوانب مهمة من أبعاد معرفتنا العلمية، وتستكشف الآثار العميقة للنظريات والاكتشافات الأحيائية على فهمنا للعناصر الحية في هذا الكون وترتيبنا فيه. لذلك، تم تصميم هذه الأسئلة لتحفيز التفكير النقدي وتشجيع الطلبة والأساتذة على التعامل مع علم الأحياء ليس فقط كمجموعة كمية تراكمية من المعارف، بل كي تشكل حافزا لعلماء المستقبل في الأحياء للتساؤل فلسفيا الذي لا شك سوف يساعدهم على تحقيق فتوحات علمية نوعية جديدة عبر إثارة الفلسفة لأسئلة عميقة حول طبيعة الواقع، والوجود ?لإنساني، وموقع الانسان في الكون، ومسؤولياته، وعلائقة المتشابكة مع العناصر الحية وغير الحية في الطبيعة، ماديا وأخلاقيا.