بقلم: حازم الخالدي
عودة جورج غالاوي إلى البرلمان البريطاني بعد فوزه الساحق في الانتخابات الفرعية عن منطقة روتشديل ، تحمل في طياتها العديد من المفاهيم والمتغيرات في السياسة البريطانية ، وخاصة مع اشتداد المظاهرات المؤيدة إلى غزة التي تتعرض إلى عدوان همجي صهيوني ، والمطالبة بوقف إطلاق النار.
غالاوي الذي طرح شعاره الانتخابي ( هذا من أجل غزة)، سيجعل غزة يتردد صداها في البرلمان البريطاني، وقالها بكل وضوح بعد فوزه، متحديا حكومته التي تتواطأ مع الاحتلال الإسرائيلي: ” لقد دفعتم، وستدفعون، ثمنا باهظا للدور الذي لعبتموه في تمكين وتشجيع وتغطية الكارثة الجارية حاليا في غزة” .
معروف عن غالاوي مساندته للقضية الفلسطينية والقضايا العربية، وانتقاده اللاذع إلى ” إسرائيل” ومن يساندها، ولديه خبرة ومعرفة بما يجري في المنطقة و الشرق الأوسط ، ويتمتع بخبرة سياسية واسعة ويمتاز بالحنكة والخطابة ربما أكثر ممن يدعي بنشاطه السياسي أو الحزبي ولا يعرف تاريخ هذه المنطقة.
كنت قد رافقت وفدا أردنيا يمثل أحزاب ونقابات مهنية وإعلامية في عام 2000 إلى العراق، ضمن حملة لكسر الحصار الظالم على العراق في ذلك الوقت ، وكان معنا في الرحلة جورج غالاوي ( محكومون بالحصار والظلم والجوع)، الدائرة تدور علينا في المنطقة، ولا أحد يعتبر، فقد واجه العراق ذات الظروف وحُرم شعبه من الغذاء والأدوية وأبسط مقومات الحياة ،ووصلت الأمور إلى منعه من استيراد أٌقلام الرصاص لطلبة المدارس،تحت ذريعة أن الرصاص بداخل الاقلام الخشبية يستخدم في صناعة الأسلحة الكيماوية، في ذلك الوقت كانت حملتنا لإدخال مليون قلم رصاص إلى العراق، ذهبنا عبر الحدود البرية في قافلة من الشاحنات تحمل أٌقلام الرصاص .
انتهت الحرب واحتلت أميركا العراق، ودمرت كل ما فيها من مقومات واستولت على ثرواتها وبالذات النفط، ولم تعثر هذه الدولة المستبدة ومن معها على أي أٍسلحة كيماوية، وكل مبرراتها كانت كذب في كذب وتزوير كما يفعلون اليوم في غزة.
أمضينا في بغداد عشرة أيام كنا نجلس مساء في صالة الفندق ونتبادل الحديث عما يجري في المنطقة ، وزرنا ملجأ العامرية الذي قصفه الطيران الأميركي وشاهدنا الدمار، وآثار الدماء للمدنيين الذين استشهدوا بداخله، يرسمون لوحة حزينة على جدران الملجأ لتفضح جرائم الظلمة والمستبدين والذين يعاودون رسم مشهد الجريمة وبأشد شراسة على دوار النابلسي في غزة، حيث اختلط الدم الأحمر بالطحين لتكون هذه جريمة من سلسلة الجرائم ضد الانسان العربي في كل مكان.
كان الحديث في صالون الفندق مع السياسي البريطاني الذي كان يمثل حزب العمال في ذلك الوقت، لا يمل حول المنطقة العربية ، كان أكثر ما يثيره ذلك الصمت العربي من الجرائم التي تحدث في بغداد وغيرها من المناطق، فكان متحمسا في طرحه ، وقد سبق أن التقى بالرئيس الراحل صدام حسين عام 1994 وحيا شجاعته وقوته، ووقوفه بوجه التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وعندما غزت أميركيا العراق عام 2003 حث القوات البريطانية المساندة للاميركان إلى عصيان الأوامر، ووصف رئيس وزراء بريطانيا آنذاك توني بلير، والرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، بأنهما “ذئاب” يريدان غزو العراق.
غالاوي الذي أخذ أصوات المسلمين في منطقته، سيحدث ارباكا في المشهد السياسي البريطاني والأوروبي، فقد قال رئيس الوزراء البريطاني بعد فوز غالاوي:” إن اختيار ناخبي روتشديل لغالاوي أمر مثير للقلق للغاية”، معتقدا أن فوز غالاوي سيمزق المجتمع..
علينا مع موجة التأييد العالمي لغزة، أن نكسب أصوات المؤيدين لصالح قضايانا ؛ فغزة اليوم تمثل اسطورة المقاومة وعلينا أن نستمر من أجل وقف الحرب ونرفع صوتنا من أجل السلام…