حسين الرواشدة
هل يوجد حواضن، في الداخل الأردني، لاستقبال المخدرات المهربة عبر حدودنا مع سوريا (375 كم) ؟ أكيد نعم، حسب مصادر أمنية «هنالك معلومات كاملة لارتباط عصابات التهريب القادمة من سوريا بمجموعات محلية، بهدف التجارة»، هذه المجموعات تحتاج إلى «أباطرة» يديرون عملية التجارة والتوزيع والترويج، ويحظون بالقوة والنفوذ، ولا يسمحون لأي منافس آخر بالدخول إلى بازارات احتكاراتهم.
لدي معلومات تشير إلى أن حملة أمنية بدأت، منذ ثلاثة أسابيع، وتمكنت من إلقاء القبض على شبكة مخدرات خطيرة، يديرها مجموعة من هؤلاء « الأباطرة»، تضم شخصيات معروفة، بعضها يعمل في مجال البزنس السياسي، وبعضها كان له سوابق في التهريب على مستوى دولي، لكن لم يتم الإعلان عن أسماء هؤلاء المتورطين حتى الآن، ربما لعدم انتهاء التحقيقات معهم، وربما لأسباب أخرى.
هل سنكون العام 2024 أمام فضيحة مخدرات تشبه فضيحة الدخان 2018 ؟ لا أدري، لكن ما اعرفه هو أن التهريب جزء من منظومة الفساد، ولدى الدولة ارادة بمكافحة هذا الخطر، والتصدي له، كما أن لديها مصلحة (الآن تحديدا) بكشف المتورطين فيه، ما اعرفه، أيضا، هو أن كلا الجريمتين تنتظمان في شبكة واسعة من الأشخاص المحسوبين على خط النفوذ غير المشروع، والبزنس السياسي، ما اعرفه، ثالثا، هو أن الحرب التي تخوضها الدولة على حدودنا الشمالية، ضد مهربي المخدرات، أصبحت مفتوحة، وتحولت إلى حملة عسكرية، بغطاء سياسي، تشنها مليشيات تابعة لإيران والنظام السوري لزعزعة أمننا الوطني، وهي لا تتعلق بتهريب المخدرات، فقط، بل والأسلحة أيضا، وقد حان الوقت لقطع سلاسل توريدها بالداخل الأردني.
حين ندقق اكثر، نجد أن نسبة انتشار المخدرات في بلدنا تصاعدت نحو 500% خلال الأعوام الماضية، بمعدل جريمة مخدرات كل 26 دقيقة، ما يعني أن هذه التجارة أصبحت تحظى بمراكز قوى ودعم ونفوذ داخلية، تمكنها من الانتشار والازدهار، نجد، حسب احصائيات 2022، أن 22,000 شخص تم ضبطهم يتعاطون المخدرات (لا تسأل عن عدد من لم يتم القبض عليهم)، ونحو 7730 شخصا تورطوا بالاتجار والترويج، يتوزع المتعاطون على بيئات مختلفة ؛ الجامعات 18%، المدارس 13%، الأماكن العامة 34%، وفق دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
أفضل خبر يمكن أن يسمعه الأردنيون من الحكومة، في العام الجديد 2024، هو إعلان القبض على رؤوس كبيرة لتجار المخدرات وحيتانها، أهم إنجاز يمكن أن تبدأ به الحكومة هذا العام هو نبش أوكار هؤلاء الذين هددوا أمننا الوطني، وتاجروا بحياة أبنائنا، وأفسدوا مجتمعنا، ثم إحالتهم إلى قضائنا العادل، لينالو نصيبهم المحكوم؟
هل ستفعلها الحكومة؟ لا أدري، لكن، إن حصل، ستكون «ضربة معلم «في أكثر من اتجاه داخلي وخارجي، لا سيما وأن الأسماء المشتبه بتورطها، حسب معلوماتي، لها صدى وامتدادات، وسيشكل الكشف عنها حالة ارتياح شعبي ( لاحظ هنا التوقيت، وإن كان مصادفة، حيث ساعة الشارع تتطابق تماما مع حراكات الرابع 2018، وحراكات الحرب على غزة ) كما أن كشفها سيعزز الإنجازات الكبيرة لأجهزتنا العسكرية والأمنية في حملتها المستمرة على حدودنا الشمالية، وفي الداخل، لمواجهة وردع عدوان المخدرات، وعصاباته الدولية والمحلية معا، هل وصلت الرسالة ؟ قولوا : آمين.