البلعاوي لـ”صدى الشعب”: اللدغة غير قاتلة لكنها قد تنقل أمراضاً خطيرة إذا أُهملت الوقاية
صدى الشعب – ليندا المواجدة
ذبابة الرمل: خطر صغير يحمل أمراضاً كبيرة
في أعقاب الحادثة المأساوية لوفاة الطفل حمزة سليمان من سحاب، والتي تبين أن سبب الوفاة لا علاقة له بقرصة الحشرة، تبرز أهمية التوعية حول الحشرات الناقلة للأمراض، وعلى رأسها ذبابة الرمل التي تختلف كلياً عن البعوض العادي.
فما حقيقتها وكيف نتعامل معها؟
يقول الدكتور ضرار البلعاوي، أستاذ ومستشار العلاج الدوائي السريريّ للأمراض المعدية، إن ما يُعرف بـ”ذبابة الرمل السوداء” المنتشرة مؤخراً ليست نوعاً جديداً من الحشرات، بل هي من فصائل ذبابة الرمل التي يُعرف عنها قدرتها على نقل بعض الأمراض في حال توافرت الظروف المناسبة.
ويؤكد البلعاوي في حديثه لـ”صدى الشعب” أن لدغة ذبابة الرمل غير قاتلة بحد ذاتها، لكنها قد تكون خطيرة إذا أُهملت الوقاية أو ظهرت مضاعفات جلدية أو التهابية لدى الشخص المصاب، خصوصاً لدى الأطفال أو ذوي المناعة الضعيفة.
ويشير إلى أن هذه الذبابة صغيرة جداً في الحجم، لا يتعدى حجمها ربع حجم البعوضة العادية، ولونها يميل إلى الأصفر الفاتح أو البني، كما أن أجنحتها ضعيفة ولا تساعدها على الطيران لمسافات طويلة، بل تتحرك عبر قفزات قصيرة. وتكون أكثر نشاطاً من الغسق حتى الفجر، ولا يصدر عنها طنين، مما يجعل وجودها غير ملحوظ في كثير من الأحيان.
علمياً، تنقل ذبابة الرمل أمراضاً خطيرة أبرزها اللشمانيا، وذلك عندما تلدغ حيواناً مصاباً مثل القوارض أو الكلاب ثم تنتقل لتعض إنساناً، محقنة الطفيليات المسببة للمرض مع لعابها. ويشدد البلعاوي على أن ليس كل أنواع ذباب الرمل ناقلة للعدوى، فهناك مئات الأنواع، والقليل منها فقط هو الذي ينقل الأمراض.
ويرتبط نشاط هذه الحشرة بفصول الدفء والأمطار، حيث يزداد بشكل ملحوظ في فصلي الربيع والصيف، خاصة في المناطق الريفية والزراعية، وحيث تتوافر الرطوبة والمخلفات العضوية.
ويمكن تمييز قرصة ذبابة الرمل عن غيرها بأنها قد تسبب حكة شديدة وتظهر على شكل بقعة حمراء صغيرة مع نقطة دم في المركز، وقد تتطور إلى تقرح جلدي في بعض الحالات.
أما عن الإجراء المنزلي الأول بعد التعرض للدغ، فيوصي البلعاوي بـ غسل المنطقة جيداً بالماء والصابون، ثم وضع كمادة باردة لتخفيف الحكة والتورم، مع ضرورة تجنب حك المنطقة المصابة بشدة لمنع الالتهاب الثانوي.
ويضيف أن الحالة تستدعي مراجعة الطبيب إذا صاحبها حمى أو صداع شديد أو طفح جلدي أو تضخم في الغدد اللمفاوية أو تحولت القرصة إلى قرحة مفتوحة لا تلتئم.
وبالإضافة إلى اللشمانيا الجلدية (التي تسبب تقرحات جلدية) واللشمانيا الحشوية (التي تؤثر على الأعضاء الداخلية)، يمكن أن تنقل هذه الحشرة فيروسات مثل حمى ذبابة الرمل.
ويُعد الأطفال وكبار السن وذوو المناعة الضعيفة، وكذلك العاملون في الزراعة أو المناطق الريفية والرعاة، الأكثر عرضة للإصابة أو المضاعفات الناتجة عن الأمراض المنقولة.
وللوقاية، يوصي البلعاوي باستخدام الناموسيات الدقيقة المسام، وارتداء ملابس طويلة ذات ألوان فاتحة، واستعمال طاردات الحشرات المحتوية على مادة DEET، إلى جانب تركيب شبك ضيق على النوافذ والتخلص من المياه الراكدة والمخلفات بالقرب من المنازل.
ويختم البلعاوي حديثه لـ”صدى الشعب” قائلاً:
“ذبابة الرمل ليست قاتلة، لكنها ناقل صامت لأمراض قد تصبح خطيرة إذا أُهملت الوقاية والعلاج. ومع التغيرات المناخية واتساع رقعة انتشارها، يصبح الوعي والتثقيف الصحي مسؤولية مشتركة بين الأفراد والمجتمع.






