إعلان الحكومة عن تزايد أعداد القطاعات المتضررة وارتفاعها إلى 32 قطاعاً الشهر الماضي بعد أن كانت 16 قطاعا في بداية جائحة كورونا منتصف شهر الماضي له دلالات سلبيّة مهمة، يفترض على الحكومة دراسة هذه الظاهرة المتمددة والأسباب التي تقف وراء هذا الارتفاع الكبير.
هناك عدة تفسيرات وراء زيادة أعداد القطاع المتضررة وتضاعفها في الشهور الماضية، ومن أهمها ما يلي:
أولا: ان قدرة القطاعات الاقتصاديّة في المملكة على مواجهة تداعيات الانكماش الذي دخل به الاقتصاد الوطنيّ محدودة بأشهر قليلة حتى بالنسبة للقطاعات القوية التي التزمت بدفع الرواتب كاملة لعاملين رغم تراجع أنشطتها وأعمالها، وهذا الأمر يقودنا إلى أوضاع الشركات الماليّة وقدرتها على تحمّل التراجع، فقد بات واضحا انه حتى الأفضل في تلك القطاعات قدرة الصمود بنفس الشكل والأداء لديه محدودة.
لذلك ضمت القائمة الجديدة للقطاعات المتضررة قطاعات كانت بداية الجائحة تعامل بشيء جيد الى حد ما، لكنها بعد اشهر باتت متضررة كثيراً وغير قادرة على الاستمرار في أنشطتها بالشكل المعتاد.
ثانيا، يظهر تزايد قائمة الشركات المتضررة ان التمويل الذي حصلت عليه من خلال نافذة البنك المركزيّ التي قدمها بداية الأزمة انه قد نفد، حيث كان أساساً يوجّه لدفع الرواتب وشراء مدخلات الإنتاج للعمل، ولكن مع تباطؤ الاقتصاد ودخوله في الانكماش، استهلكت كُلّ تلك القروض المدعومة رسميّا بفائدة مخفضة ولم تمكن الشركات الحاصلة عليها من التوسّع أو حتى المحافظة على أدائها، بل بالعكس ترتبت عليها أعباء جديدة نتيجة حُصولها على قروض لدفع الرواتب وليس للاستثمار والتشغيل، ومع تراجع النشاط الاقتصاديّ باتت تلك القروض أعباء جديدة على المقترضين كما حصل مع المدارس الخاصة.
ثالثا: باستثناء برامج تسهيلات البنك المركزي للمتضررين من جائحة كورونا، لم تقدم الحكومة أي برامج دعم ماليّ أو أداري أو اقتصادي لأي قطاع كما حصل في دول العالم المختلفة، بالعكس كانت بعض القرارات الحكوميّة تشكّل أعباء ماليّة على القطاعات الخاصة التي مع كُلّ أسف تركتها الحكومات وحدها لمواجهة كُلّ تداعيات كورونا.
هذا الأمر مرتبط بالعجز الماليّ لدى الخزينة التي تعاني الأمرّين دون كورونا، فكيف هو الحال مع كورونا، لكنه في الحقيقة لا يمنع الحكومة من التفكير خارج الصندوق لدعم القطاعات الاقتصاديّة من خلال سلسلة إجراءات إدارية سلسة تبسط بيئة الأعمال لديهم، وتسهل عليهم الكثير من تعقيدات الأعمال والمتطلبات الرسميّة المختلفة مع توفير مظلة ماليّة بشكل من الأشكال تساعد القطاعات على المحافظة على وعودهم واستمرارية أعمالهم وأنشطتهم الاقتصاديّة في المدى القصير، مع إعادة النظر في اتفاقيات التجارة الحرة وبعض الاتفاقيات التي وقعها الأردن والتي تحتاج إلى مراجعة فورية وتقييم لها مع تطبيق مبدا المعاملة بالمثل، للحفاظ على ديمومة تلك القطاعات المختلفة.