محمد قطيشات –
لا يختلف اثنان على أن العمل الصحفي بات يفقد يومًا بعد يوم الكثير من رونقه وتأثيره، والأنكى تراجع دور الصحافة الميدانية والتي يشكل فيها المراسلون والمندوبون العصب والرافد الأساس لغرف الأخبار والتحرير في المؤسسات الصحفية والإعلامية على اختلاف أشكالها.
المكاشفة والتأشير على مكان الخلل لا يعتبر جلدًا للذات بقدر ما هو اجتهاد للتصويب، والذي يستعرض منتج معظم الوسائل الإعلامية والصحفية يلمس التراجع الحاصل، وقد يقول قائل، إن تلك الحالة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالظروف السائدة والتطورات في العصر الرقمي.. ولكن هناك أسباب أدت إلى خروج القطار عن سكّته، وأخرى تعتبر الحل للتعافي .
العلامة الفارقة في المشهد، أن الصحفي المكتبي بات يتسيد المشهد، وأصبح بعضهم يكتفي بصياغة المادة الخبرية من خلال رصده لما تنشره وسائل الإعلام، ويقوم بتطويع ما يرصده لصالح مؤسسته الإعلامية..كما تراجع دور بعض الناطقين الإعلاميين وأصبح بعضهم يتعامل مع الصحفيين من خلال إعلام “القروبات” وهجر الكثير منهم المؤتمرات الصحفية، وأصبح الناطق الإعلامي للبعض منصبًا يتقاضي منه رواتب مرتفعة وبعضهم ليسوا من أصحاب الخبرة والاختصاص، لدرجة أن بعضهم لا يتكلف شرف الرد على اتصالات الزملاء لمتابعة الأخبار ذات الصلة .
لا يمكن تجاهل دور وزير الاتصال الحكومي وتأكيده على أهمية دور الناطقين الإعلاميين في التعبير عن خطط ومشاريع وزاراتهم ومؤسساتهم، وإيصال المعلومات إلى وسائل الإعلام، مع أن وجود الناطقين الإعلاميين أصبح ثقافة سائدة في المؤسسات، ولكن دور الاتصال الحكومي يجب أن يتجاوز ذلك، إلى دور أكثر فاعلة لضبط المشهد وتجاوز حالة التراخي، فكلما كان الناطق الإعلامي ذو خبرة فإنه يحرص على انسيابية المعلومات وتدفقها وكذلك الاتصال والمواجهة المباشرة مع الفئات المستهدفة، والعكس عندما يكون على غير ذلك الحال، فيحرص حينئذ على افتعال الحواجز وزيادة البون بينه وبين الفئات المستهدفة.
، ولا ينكر أن بعضهم لا يقوى على الظهور بمؤتمر صحفي وبعضهم الآخر لا يقوى على تتطويع اللغة واختيار مفرداتها إلا من داخل الغرف المغلقة، ولكن لهم جميعًا كل الاحترام والتقدير، وتبقى الصحافة مهنة جليلة وأهدافها نبيلة وتعالج القضايا والأحداث بمهنية وموضوعية .