القرالة: مواجهة التجاوزات الطبية تتطلب تشريعات صارمة ووعي مجتمعي فاعل
صدى الشعب – دانيا العياصرة
في ظل تزايد الإقبال على عمليات التجميل والليزر، وما بات يوصف بهوس الجمال لدى بعض السيدات، تتسع رقعة انتشار مراكز التجميل غير المرخصة في الأردن، ما يطرح تساؤلات حادة حول أسباب هذا التوسع، وفعالية الجهات الرقابية المعنية، فضلاً عن مدى جدية التعاطي مع شكاوى الأخطاء الطبية في هذا المجال.
وبهذا السياق أكد الناطق الإعلامي باسم نقابة الأطباء، الدكتور حازم القرالة لـ”صدى الشعب” أن التعامل مع هذه الظواهر لا يقتصر فقط على فرض العقوبات، بل يتطلب تفعيل أدوات الرقابة ورفع مستوى الوعي المجتمعي، مشيراً إلى تسجيل عدد متزايد من الشكاوى خلال العام الحالي تتعلق بتدخلات طبية غير مرخصة أو نفذها أشخاص غير مؤهلين.
ووفقاً لقرالة، فقد تلقت النقابة منذ بداية عام 2025 ما مجموعه 31 شكوى تتعلق بأخطاء طبية، مشيراً انه بعد مراجعة الشكاوى من قبل اللجان المختصة، تبين أن 12 شكوى لا تحتوي على خطأ طبي، فيما لا تزال 16 حالة قيد التحقيق، وثبت وقوع أخطاء طبية في ثلاث حالات، وتم تحويل الأطباء المعنيين إلى مجلس التأديب لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.
وأضاف أن النقابة تضم لجنتين رئيسيتين: الأولى مختصة بمتابعة شكاوى الأخطاء الطبية، والثانية تعنى بشكاوى فروقات الأجور.
وبيّن أن اللجنة الأخيرة نجحت خلال عام 2024 في إعادة أكثر من 20 ألف دينار أردني للمرضى المتضررين، في خطوة تهدف لحماية حقوق المرضى وتعزيز الشفافية.
وفيما يخص الترويج الطبي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أوضح أن النقابة تتابع هذه المسألة بجدية، محذراً من خطورة الاستخدام التجاري وغير المهني للمنصات الرقمية.
وقال إن النقابة أصدرت تعليمات لتنظيم ظهور الأطباء في الإعلام والإعلانات، وهناك لجنة رقابية خاصة ترصد هذه المخالفات وتتخذ الإجراءات الفورية بحق المخالفين.
مراكز التجميل تحت المجهر
وأشار إلى أن بعض مراكز التجميل تدار من قبل غير مختصين، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً لصحة المواطنين، ويسيء إلى سمعة الأردن في مجال السياحة العلاجية.
وأوضح أن بعض الحالات التي وردت إلى النقابة أظهرت مضاعفات خطيرة بسبب تدخلات تجميلية أجريت بمواد غير مرخصة أو على يد غير مختصين، ما تسبب بزيادة كلفة العلاج وتأخير التشخيص الصحيح.
وشدد على ضرورة التنسيق بين ثلاث جهات رئيسية لمواجهة هذه التجاوزات أولاً، رفع وعي المواطنين بضرورة التأكد من مؤهلات الطبيب قبل الخضوع لأي إجراء طبي؛ ثانياً، تعزيز الرقابة على العيادات والمراكز التجميلية؛ وثالثاً، تطوير التشريعات القانونية وتشديد العقوبات بحق المخالفين.
ودعا قرالة المواطنين إلى التواصل مع النقابة للاستفسار عن أي طبيب أو مركز طبي، مؤكداً أن النقابة تتيح قاعدة بيانات شاملة تحتوي على معلومات دقيقة حول التخصصات والترخيص، بما يضمن اتخاذ قرارات صحية مدروسة وآمنة.
حكاية ضحية.. “فيلر بلاستيكي” وعواقب مؤلمة
من بين الحالات التي أُبلغ عنها، تروي إحدى الفتيات أنها توجهت إلى عيادة تجميل شهيرة تروّج لنفسها بشكل واسع عبر “السوشال ميديا”، بهدف إجراء عملية شد عضلات.
وقالت: “وجدت عيادة حديثة ومجهزة، وأقنعتني الطبيبة بتجربة حقن الفيلر للجسم، مستعرضة قصص نجاح لنساء خضعن للإجراء ذاته”.
وأضافت: “بعد فترة، بدأت أشعر بآلام ومضاعفات غريبة، ولدى مراجعتي طبيبًا مختصًا، كشفت الفحوصات أن المادة المحقونة عبارة عن تركيبة بلاستيكية، وتبين لاحقًا أنها غير مرخصة من قبل المؤسسة العامة للغذاء والدواء”.
ورغم هذه الحادثة وغيرها من الشكاوى المشابهة، ما تزال بعض العيادات المخالفة تمارس نشاطها دون اتخاذ إجراءات قانونية واضحة ضدها.
