صناعيون لـ”صدى الشعب”: الأسواق الأميركية تفتح أبوابها لكن التحديات قائمة

أبو حلتم: خفض الرسوم الأميركية تمنح الصادرات افضلية نسبية ببعض القطاعات

الساكت: الرسوم الاميركية ستؤثر على القطاعات ذات الهوامش الربحية المنخفضة

صدى الشعب – سليمان أبو خرمة

أثار قرار خفض الرسوم الجمركية الأميركية على واردات الأردن إلى 15% جدلاً واسعاً بين الصناعيين الأردنيين، الذين رأوا في هذا القرار فرصة لبعض القطاعات وتحديات لأخرى.

وأكّد عدد من الصناعيين خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” أن هذا التخفيض قد يعزز من تنافسية صادرات المملكة، خاصة في قطاع الألبسة، فيما أشار آخرون إلى تأثيرات سلبية محتملة على القطاعات ذات الهوامش الربحية المنخفضة، معربين عن قلقهم من التغييرات المتكررة في الرسوم الجمركية الأميركية التي تضيف مزيداً من الضبابية على مستقبل الصادرات الأردنية.

وكانت الولايات المتحدة قد أعادت هيكلة سياستها التجارية مع عدد من دول العالم في نيسان، عبر فرض رسوم جمركية إضافية على الدول التي تسجل فائضا تجاريا في السوق الأميركي. وقد شمل ذلك الأردن، حيث فُرضت في البداية رسوم إضافية بنسبة 20% على الصادرات الأردنية.

وبفضل العلاقات الاستراتيجية المتينة بين الأردن والولايات المتحدة، وبعد مفاوضات طويلة، تم تخفيض الرسوم الجمركية الإضافية على الصادرات الأردنية إلى 15%، وهي أدنى نسبة مفروضة على أي دولة لديها فائض تجاري مع الولايات المتحدة.

وقال وزير الصناعة والتجارة يعرب القضاة، ، إن الأردن دخل خلال الأشهر الماضية في مفاوضات مع الولايات المتحدة، حيث حصل على أدنى نسبة زيادة في الرسوم الجمركية، بين الدول التي تربطها بالولايات المتحدة اتفاقيات تجارة حرة أو التي لديها فائض في الميزان التجاري.

يشكل فرصة لقطاع الألبسة

وبهذا الاطار، قال رئيس مجلس إدارة جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية، الدكتور إياد أبو حلتم، إن خفض الرسوم الجمركية الأميركية على واردات الأردن إلى 15%، يُشكل فرصة كبيرة لتحسين تنافسية الصادرات الأردنية، لا سيما في قطاع الألبسة، وذلك بعد أن كانت الرسوم المفروضة قد بلغت 20% في وقت سابق من العام الحالي.

وأوضح أبو حلتم خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن هذا القرار جاء ضمن حزمة من الرسوم الجديدة فرضتها الولايات المتحدة على واردات من أكثر من 67 دولة، حيث تراوحت النسب الجمركية ما بين 10% و41%، استنادًا إلى طبيعة العلاقات التجارية والتفاوضية مع كل دولة.

وأضاف أن الأردن كان من بين الدول التي شملها القرار بداية بنسبة 20%، بسبب وجود فائض في الميزان التجاري لصالح المملكة، إلا أن المفاوضات ساهمت في خفض النسبة إلى 15%.

وبيّن أن الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة تجاوزت 3.1 مليار دولار سنويًا، يأتي في مقدمتها قطاع الألبسة بحوالي 1.5 مليار دولار، إلى جانب صادرات من المواد الغذائية، والحُلي والمجوهرات، والأدوية، والأسمدة.

ولفت إلى أن خفض الرسوم إلى 15% منح الأردن ميزة تنافسية مقارنة مع دول منافسة في قطاع الألبسة مثل بنغلادش، وفيتنام، وسريلانكا، والتي فُرضت عليها رسوم تتراوح ما بين 20% و47%.

وأكد أن هذا الفارق في الرسوم يُعد بمثابة دعم غير مباشر للصادرات الأردنية، متوقعًا أن يؤدي إلى تعزيز تنافسية المنتج الأردني في السوق الأميركية، خاصة في قطاع الألبسة، الذي أصبح يتمتع بميزة نسبية مقارنة بالدول الأخرى.

تحديات في بعض القطاعات

وأشار إلى أن بعض القطاعات الأخرى قد تواجه تحديات بسبب فروقات الرسوم، وعلى رأسها قطاع الحُلي والمجوهرات، الذي كان يتمتع سابقًا بميزة نسبية مقارنة بتركيا، لكنها تلاشت بعد التعديلات الجديدة، في حين لا تزال الإمارات تحظى برسوم أقل بنسبة 10%، ما قد ينعكس سلبًا على صادرات الأردن في هذا القطاع.

أما بالنسبة لقطاع الأدوية، فأوضح أن الرسوم المفروضة لا تزال عند 15% على الأردن، في حين تُفرض رسوم مرتفعة على معظم الدول، مما قد يشكل فرصة مستقبلية للقطاع، حال تبيّن استمرار هذه الفروقات.

وأشار إلى أن الصورة لا تزال “ضبابية”، بسبب التعديلات المتكررة على أنظمة الرسوم الأميركية خلال الأشهر الماضية.

وفي قطاعي الأسمدة والمواد الغذائية، أوضح أن الأردن يواجه منافسة من دول مثل السعودية ومصر ودول الخليج، التي تُفرض على صادراتها رسوم بنسبة 10% فقط، في حين تبلغ 15% على الأردن، وهو فارق بسيط يمكن للمصدر الأردني امتصاصه من خلال الكلف التشغيلية أو التسعير التنافسي.

مطالب بتكثيف الترويج والدعم الحكومي

وأكد أهمية تنشيط سياسات الترويج والمشاركة في المعارض الدولية، لتعزيز فرص التصدير، داعيًا الحكومة إلى تقديم تسهيلات ودعم فعّال للشركات الصناعية الراغبة في دخول السوق الأميركية، خاصة في القطاعات الواعدة كالصناعات الهندسية، والصناعات الكيماوية، وعلى رأسها الأسمدة.

وأضاف أن كلف الشحن والنقل لا تزال تُشكل تحديًا كبيرًا أمام الصادرات الأردنية، داعيًا إلى إطلاق برامج دعم، سواء حكومية أو من خلال الجهات المانحة، لتقليل كلفة النقل، لا سيما في مراحل التوسع الأولية لبعض الشركات والأسواق الجديدة.

الضبابية أبرز التحديات

وبيّن أن أبرز التحديات الحالية تكمن في “الضبابية” المتعلقة بتغيّر الأنظمة الجمركية الأميركية، والتي شهدت تعديلات متكررة منذ نيسان 2025، حيث تم تعديل الرسوم الإضافية نحو أربع إلى خمس مرات، خاصة في قطاعات مثل المعادن والألمنيوم والصناعات الدوائية، ما يخلق حالة من عدم الاستقرار ويؤثر على قرارات المصدرين الأردنيين.

وأكد على أن القرار الأميركي يُمثل مكسبًا واضحًا لصادرات الألبسة الأردنية، بينما تبقى الحاجة ملحة لسياسات حكومية داعمة، وتوجه استراتيجي نحو تعزيز الحضور الأردني في السوق الأميركية، الذي يُعد من أكبر الأسواق الاستهلاكية عالميًا.

زيادة الطلب ليست مضمونة رغم تضرر المنافسين

من جهته حذّر عضو غرفة صناعة عمّان، المهندس موسى الساكت، من تداعيات الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية مؤخرًا، مؤكدًا أن هذه الرسوم، والبالغة نسبتها 15%، ستؤدي إلى تراجع تنافسية المنتجات الأردنية، خصوصًا في القطاعات ذات الهوامش الربحية المنخفضة.

وأوضح الساكت خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن قطاعي المنسوجات والملابس، واللذين يشكلان نحو 70-80% من إجمالي الصادرات الأردنية إلى السوق الأميركية، سيكونان الأكثر تأثرًا، مشيرًا إلى أن ارتفاع الكلفة الجمركية سيجعل المنتجات الأردنية أقل جاذبية مقارنة ببدائل قادمة من دول أخرى لم تتأثر أو تأثرت بنسبة أقل بالرسوم الأميركية الجديدة.

وفيما يتعلق بفرص الاستفادة قال إن ارتفاع الرسوم المفروضة على دول منافسة مثل الصين وفيتنام والهند، قد لا يحدث زيادة كبيرة وفورية في الطلب على المنتجات الأردنية، رغم أن هذه الدول تعد من أبرز المنافسين في السوق الأميركي.

وأشار إلى أن السبب يعود إلى أن بعض الصناعات الأردنية تعتمد على سلاسل توريد مشتركة مع هذه الدول، بالإضافة إلى أن الرسوم طالت الجميع ولكن بنسب متفاوتة.

ورأى أن الصناعة الأردنية قد تستفيد تدريجيًا، شريطة تطوير القيمة المضافة للمنتجات وتعزيز التصميم والإنتاج المحلي.

قطاعات مرشحة للاستفادة الاستراتيجية

ورأى أن بعض القطاعات الصناعية قد تكون أكثر قدرة على استثمار الظرف الحالي، وفي مقدمتها الصناعات الدوائية لما تتمتع به من كفاءة عالية وقيمة مضافة، إلى جانب الصناعات الغذائية، والقطاعات التي تعتمد على المحتوى المحلي الكامل وتقل فيها درجة الاعتماد على سلاسل التوريد الخارجية.

وأشار إلى أن إمكانية الاستفادة من هذا الظرف ترتبط أيضًا بمدى نجاح المفاوضات للحصول على استثناءات من الرسوم، مؤكدًا أن القطاعات التي تحظى باستثناءات ستكون المرشحة الأكبر للاستفادة.

وأكد أن الصادرات الأردنية ستواجه تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة، تتمثل أبرزها في تراجع القدرة التنافسية، وانخفاض الطلب من السوق الأميركي، إلى جانب ضيق هامش الربح في قطاعات أساسية كالألبسة، فضلًا عن صعوبة التكيف السريع مع التغييرات في سلاسل التوريد العالمية.

إمكانية دخول صناعات جديدة مرهونة بالاستجابة

وحول إمكانية دخول صناعات أردنية جديدة إلى السوق الأميركية، قال إن ذلك مرهون بقدرة الصناعة الأردنية على الاستثمار في الإنتاج المتكامل وتقديم منتجات ذات جودة عالية وقيمة مضافة، والاستفادة من الفرص التي قد تنشأ نتيجة غياب بعض المنتجات المنافسة المتأثرة بالرسوم.

واعتبر أن الرسوم الاميركية قد تمثل أيضًا فرصة استراتيجية للصناعة الأردنية، داعيًا إلى استثمار هذه المرحلة لإعادة هيكلة النموذج الصناعي المحلي، من خلال الانتقال من التصنيع الجزئي إلى الإنتاج المتكامل، وتنويع الأسواق وتقليل الاعتماد على السوق الأميركي فقط.

كما شدد على أهمية تعزيز الابتكار، وبناء علامة تجارية تصديرية قوية، لكنه نبه إلى أن اغتنام هذه الفرصة يتطلب تحركًا سريعًا ومدروسًا من الجهات الحكومية والقطاع الصناعي على حد سواء.

وأشار إلى وجود مجموعة من التحديات البنيوية التي قد تعيق استفادة الصناعة الأردنية من هذه الفرصة، من أبرزها ضعف البنية التحتية الصناعية المتكاملة، مثل غياب تصنيع الأقمشة محليًا، ومحدودية القدرات التسويقية والتصميمية، إلى جانب عدم توفر الموارد البشرية المدربة، وصعوبة الوصول إلى أسواق بديلة بسرعة.