صدى الشعب – قال مركز إحقاق إن تعيين طارق أبو الراغب مديراً لهيئة الاعلام مخالف للدستور ولنظام الوظائف القيادية، معدداً أسباب ذلك:
أولاً: إن وظيفة مدير عام هيئة الاعلام تعتبر من الوظائف العامة العليا القيادية، وتصنف هذه الوظيفة العامة من وظائف المجموعة الثانية من الفئة العليا، وهي وظيفة تستهلك من المال العام وتستهدف الصالح العام.
ثانياً: إن نظام الخدمة المدنية يصنف وظيفة مدير عام هيئة الاعلام من وظائف الفئة العليا / المجموعة الثانية التي يكون المرجع المختص بالتعيين عليها مجلس الوزراء بناءاً على تنسيب الوزير، وتنص الفقرة (أ) من المادة (6) من قانون الاعلام المرئي والمسموع رقم 26 لسنة 2015 على ما يلي:
(يعين المدير بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب من الوزير على ان يتضمن القرار تحديد راتبه وسائر حقوقه المالية وتنهى خدماته بالطريقة ذاتها).
ثالثاً: بموجب نظام التعيين على الوظائف القيادية يجب على مجلس الوزراء (المرجع المختص بالتعيين) وقبل إصدار قراره الإداري بالتعيين على وظيفة مدير عام هيئة الاعلام مراعاة الإجراءات التالية:
أن يتم الإعلان عن الحاجة للتوظيف على وظيفة مدير عام هيئة الاعلام على الموقع الالكتروني لرئاسة الوزراء لمدة أسبوع وفي صحيفة يومية محلية ولمرة واحدة.
يتم استقبال طلبات التقدم لوظيفة مدير عام هيئة الاعلام من قبل مكتب رئيس الوزراء مرفقة بها السير الذاتية للمتقدمين وصور عن المؤهلات العلمية والشهادات المهنية وشهادات الخبرة والوثائق المعززة للمهارات والقدرات القيادية، وإذا كان الطلب المقدم ورقياً يتم ارفاق نسخة الكترونية منه ومن مرفقاته.
يتم تزويد مقدم طلب التوظيف على إشعار يثبت تسلم طلبه، ويرسل لمقدم الطلب إشعار الكتروني يفيد وصول طلبه في حال كان التقدم للوظيفة القيادية الشاغرة من خلال البريد الالكتروني.
يحيل رئيس الوزراء طلبات التوظيف المقدمة جميعها إلى (لجنة فرز طلبات التقدم لإشغال الوظائف القيادية) المكونة من رئيس ديوان الخدمة المدنية رئيساً وأربعة أعضاء من شاغلي وظائف المجموعة الثانية من الفئة العليا أو من في حكمهم يسميهم رئيس الوزراء.
تتولى (لجنة فرز طلبات التقدم لإشغال الوظائف القيادية) مهمة فرز الطلبات والسير الذاتية المحالة إليها من رئيس الوزراء وحصر الطلبات المستوفية للشروط والمتطلبات الواردة ببطاقة الوصف الوظيفي الخاصة بوظيفة مدير عام هيئة الاعلام الشاغرة، واستثناء أي طلبات غير مستوفية الشروط من المنافسة، ثم تحيل الطلبات المستوفية لشروط إشغال وظيفة مدير عام هيئة الاعلام ومرفقاتها إلى رئيس الوزراء (المرجع المختص بالتنسيب).
يقوم رئيس الوزراء (المرجع المختص بالتنسيب) بتقييم هذه الطلبات باستخدام معايير التقييم التالية:
1- المعرفة الفنية المتخصصة، أي (الخبرة في مجال العمل التخصصي المطلوب وانسجام التخصص والدرجة العلمية للمتقدم مع طبيعة الوظيفة)، وقد خصص لهذا المعيار (50%) من التقييم.
2- القدرات الإدارية والقيادية، أي (الخبرة في موقع قيادي أو إشرافي و الخبرة في مجالات التخطيط الاستراتيجي وإدارة البرامج والمشاريع و القدرة على تحديد أولويات العمل و القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في الأوقات المناسبة)، وقد خصص لهذا المعيار (20%) من التقييم.
3- المهارات، أي (مهارات الاتصال والتفاوض وإدارة الاجتماعات و مهارات التفكير المنطقي والتحليلي و إتقان اللغات والتكنولوجيا)، وقد خصص لهذا المعيار (20%) من التقييم.
4- الانطباع العام، أي (الانطباع الذي تكون عن المرشح لهذه الوظيفة)، وقد خصص لهذا المعيار (10%) من التقييم.
وبعد ذلك يقوم رئيس الوزراء (المرجع المختص بالتنسيب) بتحديد أسماء أفضل سبعة مرشحين ممن تنطبق عليهم شروط إشغال هذه الوظيفة.
بعد أن يتأكد رئيس الوزراء من نزاهة المرشحين السبعة لوظيفة مدير عام هيئة الاعلام بالتنسيق مع الجهات المعنية يحيل رئيس الوزراء هؤلاء المرشحين إلى (اللجنة الوزارية للاختيار والتعيين على الوظائف القيادية) لإجراء المقابلات الشخصية، وتتشكل هذه اللجنة الوزارية من نائب رئيس الوزراء رئيساً وعضوية كل من وزير العدل ووزير تطوير القطاع العام ووزيرين يسميهما رئيس الوزراء ورئيس الوزراء بصفته الوزير المختص.
تتولى اللجنة الوزارية مهمة تحديد ترتيب المرشحين لوظيفة مدير عام هيئة الاعلام حسب متوسط نتائج التقييم التي حصل عليها كل مرشح وترسل هذه النتائج إلى رئيس الوزراء (المرجع المختص بالتنسيب) ليقوم بدوره بالتنسيب لمجلس الوزراء (المرجع المختص بالتعيين) بتعيين المرشح الحاصل على أعلى نتيجة في تقييم اللجنة الوزارية.
رابعاً: إن الشفافية والنزاهة كانتا غائبتين، إذ لم يتم الإعلان عن الحاجة للتعيين على وظيفة مدير عام هيئة الاعلام.
خامساً: إن قرار مجلس الوزراء بتعيين المحامي طارق أبو الراغب مدير عام هيئة الاعلام يعتبر قراراً مخالفاً لأحكام الدستور الأردني، ومخالفاً لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ولأحكام نظام التعيين على الوظائف القيادية، فما هي المعايير التي على أساسها اختار مجلس الوزراء هذا الشخص واستبعد غيره؟؟؟ وهل هذه المعايير والأسس موضوعية وعلمية وتتسم بالشفافية والنزاهة والحياد؟؟؟ أم أن الأمور تجري على أسس الهوا والشخصنة والواسطة والمحسوبية؟
سادساً: إن الدستور الأردني قد أكد في المادتين (6/1) و (22) على أن حق التعيين والمنافسة على هذه الوظيفة العامة هو حقٌ دستوري للمواطنين الأردنيين بشكل عام، ويقضي هذان النصان الدستوريان بوجوب أن يتم اختيار من يُعيَّن في هذه الوظيفة العامة على أساس الكفاءة والمؤهلات العلمية والعملية، ووجوب أن يتساوى المواطنون الأردنيون في حقهم الدستوري في التعيين على هذه الوظيفة العامة والمنافسة عليها.
فالمادة (6) من الدستور تنص على ما يلي:
(الاردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين).
وتنص المادة (22) على ما يلي:
(1- لكل أردني حق في تولي المناصب العامة بالشروط المعينة في القانون أو الأنظمة.
2- التعيين للوظائف العامة من دائمة ومؤقتة في الدولة والإدارات الملحقة بها والبلديات يكون على أساس الكفايات والمؤهلات).
سابعاً: إنه مما لا شك فيه أن المساواة والعدالة لا تتحقق بين المواطنين الأردنيين الذين تتوافر فيهم شروط هذه الوظيفة إلا بالإعلان عن الحاجة للتعيين على هذه الوظيفة العامة وفتح باب الترشيح والمنافسة وتقديم طلبات التوظيف من قبل كل من يجد في نفسه الكفاءة والمؤهلات العلمية والعملية لشغل هذه الوظيفة العامة وفق الشروط والمهام المحددة بهذه الوظيفة العامة، وأن يتم دراسة هذه الطلبات من قبل لجنة تقييم خاصة تعمل على أسس علمية وموضوعية وحيادية وشفافة للتنسيب للمرجع المختص بالتعيين باسم الأقدر والأجدر لتولي هذه الوظيفة العامة على أساس الكفاءة والمؤهلات العلمية والعملية.
إن المادة (22) من الدستور تقضي بأن التعيين على المناصب والوظائف العامة من دائمة ومؤقتة هو حق لكل أردني وفق الشروط المعينة في القانون أو الأنظمة، وتقضي أيضاً بأن يكون التعيين على هذه المناصب والوظائف العامة على أساس الكفايات والمؤهلات.
وبالتالي فإن مقتضيات تطبيق هذا النص الدستوري الذي يسمو على القوانين والأنظمة توجب أن يكون التعيين في الوظائف العامة على أساس الكفايات والمؤهلات من أجل اختيار الأكثر كفاءة والأعلى تأهيلاً من أصحاب الحقوق في التعيين من بين المواطنين الأردنيين، وهذا بكل تأكيد لا يتحقق إلا بأن يقوم المرجع المختص بالتعيين بالإعلان عن الوظيفة الشاغرة وأن يتضمن هذا الإعلان المهام المنوطة بهذه الوظيفة والشروط الواجب توافرها فيمن يشغل هذه الوظيفة، وأن يكون باب الترشيح والمنافسة وتقديم الطلبات حقاً لكل مواطن أردني يجد في نفسه الكفاءة والأهلية والقدرة على شغل هذه الوظيفة والتعيين عليها، وأن يتم استقبال هذه الطلبات ودراستها من قبل لجنة متخصصة قادرة على تقييم طلبات التوظيف على أسس موضوعية وعلمية ونزيهة وشفافية وتعمل هذه اللجنة على تنسيب الأفضل والأكفأ والأكثر تأهيلاً ليقوم المرجع المختص بالتعيين بتعينه لينهض بواجبات ومهام الوظيفة باقتدار ليحقق المصلحة العامة بأمانة ومسؤولية.
وبذلك يَتَبَيَّن أنه تم مخالفة أحكام المادة (22) من الدستور ومقتضياتها، ومخالفة أحكام المادة (7) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها الأردن والتزم بأحكامها، وهذه المخالفة تؤدي بالضرورة إلى هدر حقوق المواطنين الأردنيين الدستورية والدولية والأممية وتحرمهم من حق المنافسة والترشح وحق تقديم طلبات التوظيف على هذه الوظيفة العامة، وتجعل التعيين على هذه الوظيفة على هذا النحو أساسه شخصي، وليس أساسه موضوعي وعلمي تتوافر فيه مبادئ ومتطلبات النزاهة والشفافية.
ثامناً: وعليه يتبيَّن بأن الطريقة التي تم بها تعيين المحامي طارق أبو الراغب مديراً عاماً لهيئة الاعلام هي طريقة مخالفة للدستور ولاتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد ولنظام التعيين على الوظائف القيادية، وهي طريقة تعيين غير موضوعية وغير علمية ولا تتوافر فيها مبادئ الشفافية والنزاهة والحياد والكفاءة، وإنما هي طريقة تعزز الشخصنة والمحسوبية والشللية والفساد؛ فباب الترشيح والمنافسة على هذه الوظيفة العامة تم هدره من قبل مجلس الوزراء خلافاً لأحكام الدستور ولأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ولأحكام نظام التعيين على الوظائف القيادية على نحو ما قد تم بيانه تفصيلاً.
تاسعاً: إن غياب الشفافية على هذا النحو يثير الشكوك في مدى توافر النزاهة والموضوعية والحياد في التعيين على هذه الوظيفة المهمة، كما يثير الشكوك بأنه لم يتم التقيد بإجراءات التعيين على هذه الوظيفة، وهي إجراءات يجب التقيّد والالتزام بها، وللمحكمة الإدارية حق بسط رقابتها القضائية على مدى تنفيذ هذه الواجبات والالتزامات الإجرائية والقانونية تحت طائلة إبطال وإلغاء قرار التعيين المخالف للقانون ولهذه الإجراءات، حيث يحق لكل متضرر من عدم الالتزام بأحكام القانون وهذه الإجراءات الطعن في قرار تعيين المحامي طارق أبو الراغب مديراً عاماً لهيئة الاعلام لدى المحكمة الإدارية وأن يطلب إلغاء هذا القرار، وللمحكمة الإدارية سلطة إلغاء قرار التعيين متى كانت أسباب الطعن واردة على هذا القرار.
عاشراً: إن مؤسسات المجتمع المدني الرقابية الرسمية والأهلية التي تُعنى بالشفافية والنزاهة والحوكمة الرشيدة ومحاربة الفساد معنية اليوم بمتابعة هذا الموضوع المهم مع الجهات ذات العلاقة التي تعنى بتعزيز منظومة الشفافية والحوكمة الرشيدة.
الحادي عشر: إن (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) أجاز لذوي الشأن ممن يجدون في أنفسهم الكفاءة والجدارة في تولي وظيفة مدير عام هيئة الاعلام الطعن في القرار الإداري المتعلق بالتعيين على هذه الوظيفة العامة، التي تعتبر من الوظائف القيادية العامة التي يحق للمواطنين الأردنيين التعيين والتنافس عليها وفق مبادئ الكفاءة والنزاهة والشفافية وعلى أساس المؤهلات العلمية والعملية، وهذا ما كفله الدستور في المادة (22) واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في المادة (7) ونظام التعيين على الوظائف القيادية على نحو ما تقدم.