صدى الشعب _أسيل جمال الطراونة
قالت الاستشارية النفسية والأسرية والتربوية حنين البطوش، إن الخجل يعد شعوراً طبيعياً يمكن أن يصيب الأشخاص في مختلف الأعمار، خاصة الأطفال وهو مزيج من الارتباك وعدم الارتياح مصحوباً بقليل من الخوف عند التواجد في مواقف اجتماعية غير مألوفة مثل مقابلة أشخاص جدد أو التحدث أمام مجموعة، ويظهر الخجل في تصرفات مختلفة منها تجنب التواصل البصري الانعزال التردد في المشاركة، والخوف من التعبير عن الرأي.
وأضافت البطوش في حديثها لـ “صدى الشعب” أن بعض الأطفال يولدون بطبيعة حساسة تجذبهم إلى الانسحاب بدلا من التفاعل، حيث يخشون الأحكام السلبية من الآخرين، ورغم أن الخجل قد يكون طبيعياً في بعض المراحل العمرية، فإنه يصبح مشكلة عندما يكون شديدا ومستمرا، ويؤثر على قدرة الطفل في التفاعل مع محيطه، وفي هذه الحالة. قد يكون علامة على اضطراب القلق الاجتماعي وهو حالة نفسية تتطلب تدخلا متخصصا.
وحول العوامل المؤثرة في الخجل، أشارت البطوش إلى أن هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى ظهور الخجل لدى الأطفال، ومنها العوامل الوراثية، حيث تلعب الجينات دورا في تشكيل شخصية الطفل. بما في ذلك ميله إلى الخجل، بالإضافة إلى العوامل البيئية مثل التنشئة الاجتماعية، ويؤدي القلق الزائد للوالدين أو أحدهما إلى زيادة حساسية الطفل تجاه المواقف الاجتماعية.
وأشارت إلى أن النقد المستمر أو المقارنة السلبية بالآخرين يعزز شعور الطفل بالخجل وضعف الثقة بالنفس وايضاً التجارب السلبية. وقد يساهم التعرض لمواقف محرجة أو مؤلمة في الماضي في تكوين رد فعل سلبي، مما يدفع الطفل إلى تجنب المواقف المشابهة مستقبلا ، وايضا نقص التفاعل الاجتماعي، وعدم توفر فرص كافية للطفل التكوين صداقات والتفاعل مع أقرانه قد يضعف مهاراته الاجتماعية ويزيد من شعوره بالخجل والعوامل النفسية مثل تدني الثقة بالنفس. والخوف من الفشل أو الانتقاد، والحساسية المقرطة تجاه آراء الآخرين.
واوضحت البطوش، أن التعامل الصحيح مع خجل الأطفال يبدأ بتقبل هذه الصفة وعدم إجبار الطفل على التغيير الفوري، وتنصح الأهل والمربين باتباع العديد من الخطوات، ومنها عدم وصف الطفل بالخجل بشكل سلبي، بل التركيز على نقاط قوته وتشجيعه على التفاعل الاجتماعي تدريجيا، وايضا خلق بيئة آمنة وداعمة توفر فرصا للطفل للتفاعل مع أقرانه في مجموعات صغيرة أو أنشطة مألوفة لديه، وتعزيز ثقته بنفسه من خلال تقديم الدعم والتشجيع ومساعدته على تحديد أهداف صغيرة والاحتفال بإنجازاته بالإضافة إلى تعليمه مهارات التأقلم مثل التنفس العميق والتفكير الإيجابي عند مواجهة المواقف الاجتماعية. واللعب بالأدوار المساعدته على التمرن على المواقف الاجتماعية المختلفة وزيادة ثقته بنفسه، وايضاً مراقبة سلوكه، فإذا كان الخجل يؤثر على حياته اليومية بشكل واضح، ينبغي استشارة أخصائي نفسي لتقديم الدعم اللازم.
أهمية تشجيع الطفل على الجرأة والتحدث بثقة حيث أن القدرة على التحدث بجرأة وثقة أمام الآخرين تعتبر مهارة ضرورية يحتاجها الطفل في حياته الدراسية والاجتماعية والمهنية ،فالطفل الذي يستطيع التعبير عن أفكاره بحرية يكتسب ثقة أكبر بنفسه، ويتعلم بناء علاقات اجتماعية صحية، مما ينعكس إيجابيا على مستقبله.
وتؤكد البطوش، أنه لتطوير هذه المهارة، يمكن للأهل والمربين اتباع عدة استراتيجيات، منها إعطاء الطفل فرصة للتعبير عن رأيه بحرية، حتى لو كان مختلفا عن آراء الكبار، وتشجيعه على التحدث في المنزل وفي المناسبات العائلية وتوفير بيئة تشجع على الحوار، والاستماع إلى الطفل باهتمام، مما يعزز لديه الإحساس بأهمية رأيه، وتشجيع الطفل على المشاركة في أنشطة تتطلب التحدث أمام الآخرين. مثل المسابقات المدرسية أو العروض المسرحية. وتدريب الطفل على مهارات التواصل الفعال مثل التحدث بوضوح واستخدام لغة الجسد المناسبة. وتنظيم أفكاره قبل التحدث من خلال دعم الطفل وتشجيعه باستمرار والثناء على جهوده حتى لو كانت بسيطة، مما يحفزه على تطوير مهاراته دون خوف من الفشلن واستخدام الألعاب والأنشطة التفاعلية مثل ألعاب الأدوار والتمثيل والقراءة بصوت عال للمساعدة في كسر حاجز الخجل.
كما وأكدت البطوش، أهمية الاستثمار في مستقبل الطفل، حيث أن تشجيع الطفل على الجرأة والكلام ليس مجرد تطوير المهارة بسيطة، بل هو استثمار في مستقبله، فكلما تعلم الطفل التعبير عن أفكاره وآرائه بثقة زادت فرص نجاحه في مختلف جوانب الحياة، ولذلك، فإن دعم الأهل والمربين المستمر والصبر في التعامل مع الطفل الخجول هما مفتاح تعزيز ثقته بنفسه وتمكينه من مواجهة الحياة بثبات وقوة.






