المصري: انحباس الأمطار يوثر على المحاصيل البعلية ويزيد الاعتماد على الآبار الجوفية
الزعبي: الانحباس المطري سيزيد من فاتورة الاستيراد ويؤثر على الأسعار
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
أكد مختصون وخبراء في القطاع الزراعي أن حالة الانحباس المطري التي تشهدها المملكة هي نتيجة للتغيرات المناخية العالمية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي في الأردن.
وأشاروا خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” إلى أن قلة الأمطار تؤدي إلى انخفاض كميات المياه المتاحة للري، ما يزيد من تكاليف الإنتاج بسبب الاعتماد على المياه الجوفية والري الصناعي.
كما أوضحوا أن هذه الظروف قد تسهم في زيادة أسعار بعض المنتجات الزراعية بسبب تراجع العرض المحلي وارتفاع فاتورة الاستيراد.
وأكدوا ضرورة تعزيز استثمارات تقنيات الري الحديثة وتطبيق الزراعة المستدامة لمواجهة هذه التحديات، مع التأكيد على أهمية تخزين المياه من خلال مشاريع حصاد المياه لضمان استدامة الإنتاج الزراعي في المستقبل.
الى ذلك أكد وزير الزراعة الأسبق، سعيد المصري، أن على حالة الانحباس المطري التي تمر بها المملكة في الوقت الحالي هي نتيجة للتغيرات المناخية التي يشهدها العالم.
وأضاف خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن هذا الاستغلال المفرط أدى إلى تغيرات مناخية غير متوقعة، أصبحت البشرية اليوم تعاني من آثارها الواضحة.
وأوضح أن هذه التغيرات تجعل من الصعب التنبؤ بالأنماط المناخية المستقبلية، مشيرًا إلى أن الأردن يشهد حاليًا انحباسًا مطريًا، لكنه لا يستبعد أن تؤدي موجة البرد القادمة إلى هطول أمطار غزيرة قد تصل إلى حد الفيضانات.
وأكد أن هذه التقلبات الحادة تمثل جوهر ظاهرة التغيرات المناخية، حيث تتأرجح الأحوال الجوية بين نقيضين في فترات قصيرة.
كما وأكد أن الواقع الحالي يثير القلق، مشيرًا إلى أنه في حال مرور الموسم المطري بالكامل دون أي هطول للأمطار، فسيكون ذلك سابقة لم تحدث من قبل.
وأوضح أن هذا الوضع سيجبر المزارعين على اللجوء إلى استخدام الموارد المتاحة، مثل الآبار الجوفية، مما سيؤدي إلى زيادة التكاليف عليهم بسبب ارتفاع تكلفة استخراج المياه.
وأضاف أن انخفاض كميات المياه سيؤثر على الإنتاج الزراعي، حيث ستنخفض كمية المحصول الناتج لكل وحدة مساحة، مما يجعل المنتج الزراعي أكثر تكلفة، ورغم أن تأثير هذا الأمر في الموسم الحالي قد لا يكون مدمرًا، إلا أن استمرار هذا النمط في الموسم المقبل قد تكون له آثار خطيرة على القطاع الزراعي.
وأكد أن استمرار بنفس النهج سيسهم في تحقيق فائض في بعض المحاصيل، مما يؤدي أحيانًا إلى إتلاف كميات منها بسبب زيادة العرض عن الطلب.
وأشار إلى أن هذا الفائض ينعكس على الأسعار، حيث تنخفض أسعار بعض المنتجات مثل البندورة والخيار إلى درجة لا تغطي حتى تكاليف الحصاد.
وأوضح أنه في حال استمرار انحباس الأمطار هذا الموسم، فإن العملية الإنتاجية ستستمر، لكنها ستظل ممكنة حتى نهاية الخريف القادم، وهو الموعد المتوقع لعودة الموسم المطري.
وأضاف أن عودة الأمطار في الموسم المقبل ستقلل من تأثير انحباس المطر الحالي، أما في حال استمراره للعام التالي، فقد يكون التأثير أكثر خطورة.
ورجّح المصري أن التغيرات المناخية في الأردن والمنطقة تشير إلى نمط متكرر، حيث تتبع سنوات الجفاف مواسم مطرية غزيرة.
وأوضح أن المعدل السنوي لهطول الأمطار في الأردن يتراوح بين 6 إلى 8 مليارات متر مكعب، مؤكدًا أهمية مراقبة كمية الأمطار هذا الموسم، لأن انخفاضها عن 6 مليارات سيكون سابقة غير مألوفة.
أكد أنه الوضع الحالي لا يؤثر على الإنتاج الزراعي، مشيرًا إلى أن التأثير الأكبر سيظهر هذا العام في مجال الزراعات البعلية، مثل القمح والشعير، التي يتم زراعتها من الشمال إلى الجنوب على طول ما يُعرف بالخط الأخضر.
وأوضح أن هذه الزراعة تعتمد بشكل أساسي على الهطول المطري ونسبة الرطوبة في التربة، وليس على الري المباشر، مما يجعلها أكثر تأثرًا بتغيرات الطقس، مضيفا أن هذه المحاصيل ستكون الأكثر تأثرًا في حال استمرار انحباس الأمطار هذا الموسم.
وانتقد الحكومة لعدم إيلائها الاهتمام الكافي بمشاريع حصاد المياه، مؤكدًا أن الأصل هو أن لا نركن إلى الهطول المطري السنوي سواء كان كافيًا أم لا.
وأوضح أن من الضروري أن يكون هناك عدد كبير من الحفائر والسدود الترابية إلى جانب السدود الأسمنتية لتخزين المياه، معتبرا أن حصاد المياه يعد الحل الأمثل لمواجهة فترات الجفاف.
وأشار إلى أن كميات المياه الكبيرة التي تسقط خلال الأمطار تتجمع وتغذي المياه الجوفية، مما يساهم في تأمين المياه للمواسم المقبلة التي تشهد شحًا في الأمطار.
ووفقًا لتقديره، يوجد في الأردن حوالي 4000 حفيرة وسد ترابي، تجمع سنويًا حوالي 130 مليون متر مكعب من المياه.
وأكد أن توسيع هذه المشاريع في مناطق الشمال والوسط والجنوب يمكن أن يساعد في تغذية الأحواض المائية المستخدمة في الزراعة والشرب.
وأضاف أن الأردن هذا العام سيعتمد بشكل كبير على المياه المخزنة، حيث يستخدم الجزء الأكبر من المزارعين الآبار، مما يساهم في تقليل الخسائر إلى أدنى حد، ورغم احتمال زيادة الأسعار بسبب قلة كميات المياه، إلا أنه شدد على ضرورة أن يكون هناك خطط طويلة الأمد لتخزين المياه وعدم الاعتماد فقط على المطر.
كما أكد أن مشروع الناقل الوطني يعد أمرًا ضروريًا لحل أزمة المياه في المستقبل، خاصة في ظل التذبذب المحتمل في الهطول المطري.
من جانبه قال الخبير الدولي في الأمن الغذائي، الدكتور فاضل الزعبي، إن قلة الهطول المطري في أي دولة تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على أسعار المنتجات الزراعية بسبب عدة عوامل مرتبطة بالتكاليف والإنتاج والطلب.
وأوضح الزعبي خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أنه في الأردن، من المتوقع أن تؤدي قلة الأمطار إلى نقص في توافر المياه السطحية والجوفية المستخدمة في الري، مما سيؤثر بشكل كبير على كمية الإنتاج الزراعي، خصوصًا بالنسبة للمحاصيل التي تعتمد على مياه الأمطار.
وأضاف أن قلة الأمطار تساهم أيضًا في زيادة تكاليف الإنتاج، حيث يضطر المزارعون إلى استخدام مياه إضافية من خلال جلب تنكات مياه، بالإضافة إلى اللجوء إلى الري الصناعي والمياه الجوفية لتعويض نقص الأمطار، وهو ما يزيد من التكاليف سواء من ناحية الكهرباء أو الوقود، كما أن انخفاض العرض المحلي لبعض المنتجات الزراعية يؤدي إلى ارتفاع أسعارها في السوق بشكل مباشر.
وأشار، إلى أن النقص في الهطول المطري سيجبر الأردن على الاعتماد بشكل أكبر على استيراد المنتجات الزراعية، مما سيسهم في زيادة فاتورة الاستيراد.
وأوضح أن هذا الوضع سيجعل السوق المحلي مرتبطًا بتقلبات الأسعار العالمية، إلى جانب تأثير تكاليف النقل، لافتا إلى أن قلة الأمطار تؤدي إلى تذبذب الإنتاج الزراعي، وهو ما يساهم في تدهور الأراضي الزراعية وفقدان الغطاء النباتي، مما يؤثر بشكل مباشر على نوعية التربة وإنتاجيتها.
وتوقع الزعبي أن يؤدي هذا التدهور إلى ارتفاع تكلفة استئجار الأراضي الزراعية في المستقبل.
قال، إنه يجب على الأردن زيادة استثماراته في تقنيات الري الحديثة، مثل الري بالتنقيط، لتحسين كفاءة استخدام المياه في ظل شح المياه.
وأشار إلى أن نصيب الفرد من المياه في الأردن يبلغ 62 مترًا مكعبًا سنويًا، وهو ما يعكس حالة القحط المائي في البلاد، في حين أن دول الجوار تتمتع بمعدل أكبر بكثير من المياه، حيث يبلغ نصيب الفرد 6000-6500 متر مكعب سنويًا، بينما المعدل العالمي المثالي يصل إلى ألف متر مكعب.
وأضاف أنه من الضروري التنويع في المحاصيل الزراعية والتركيز على المحاصيل المقاومة للجفاف، التي تتطلب كميات أقل من المياه. وأكد على أهمية تغيير الرزمانة الزراعية لمواكبة تحديات المياه.
كما أشار إلى أهمية الزراعة المستدامة المعروفة بالزراعة الحافظة، التي تسهم في الحفاظ على التربة والمياه.
وتابع بأن تكنولوجيا الزراعة الحديثة تعتبر أساسية، خاصة وأن 90% من المزارعين في الأردن هم من صغار المزارعين الذين يفتقرون إلى الإمكانيات المادية لتبني هذه التقنيات.
وأوضح أنه يجب على أصحاب القرار في القطاع الزراعي أن يعملوا على وضع حزم تحفيزية، مثل صناديق الدعم الزراعي، لمساعدة المزارعين في مواجهة تكاليف الإنتاج المرتفعة.
وفيما يتعلق بتخزين المحاصيل، أكد أهمية تخزين المحاصيل بشكل جيد، خصوصًا القمح، حيث أن الأردن لا ينتج سوى 30 ألف طن من القمح سنويًا، بينما يستهلك ما يقارب مليون طن.






