ماجد توبه
تطورات متسارعة ودراماتيكية تتوالى في الشرق الاوسط، الذي يشتعل منذ اربعة اشهر بالعدوان الهمجي على قطاع غزة، وارتداداته في غير ساحة وجبهة، تصعيدا واشتباكا مع المصالح الامريكية والاسرائيلية، سواء من جبهة لبنان او اليمن او العراق وسوريا.
الولايات المتحدة توجت هذه التطورات فجر اليوم السبت ببدء ردها العسكري الموعود على استهداف جنودها في قاعدة على الحدود الاردنية السورية، حيث بدات سلسلة غارات واستهدافات طالت مواقف في سورية والعراق، بينما اعلنت اميركا ان الغارات والعملية العسكرية ستمتد على عدة ايام، وقد ترافقت ايضا مع استمرار قصف قواعد ومناطق يمنية، وكل ذلك تحت عنوان استهداف اذرع ايران بالمنطقة التي حملتها امريكا مسؤولية مقتل واصابة جنودها.
تاتي هذه التطورات العسكرية الواسعة بعد ان ارتفع منسوب الحديث عن الاقتراب من الوصول الى صفقة تبادل للاسرى بين المقاومة في غزة واسرائيل، والدخول في هدن طويلة ووقف لاطلاق النار. انباء هذه الصفقة رغم تضارب ردة الفعل تجاهها من الاطراف المعنية تحديدا حكومة المجرم نتنياهو والمقاومة، تؤشر العديد من المعطيات انها تسير باتجاه التوقيع والاتفاق بضغط امريكي واسع، ان فشل نتنياهو وجيشه المجرم في تحقيق اهدافه الرئيسية المعلنة للعدوان، وعلى راسها اطلاق سراح اسراه لدى المقاومة.
ما يربك الصورة على الصعيد الاسرائيلي تجاه الصفقة المنتظرة هو الموقف الصعب الذي يجد فيه المجرم نتنياهو نفسه فيه، حيث اعتاد على اللعب على التناقضات لاطالة عمر حكومته وتهربه من المساءلة والحساب، ليجد نفسه اليوم امام لحظة الحقيقة والاختيار، فهو لا يستطيع التهرب اكثر من استحقاق ضرورة الافراج عن اسراه والنزول عن الشجرة بعد فشله في استئصال المقاومة وقادتها مقابل محاصرة الكيان اكثر دوليا جراء جرائم الابادة والتدمير الشامل للحياة في غزة.
نتنياهو الذي بات يفهم هذه المعادلة وتدفعه للذهاب الى الصفقة مع حماس والجهاد، مضطر للمناورة مع اليمين المتطرف الذي يحافظ على استقرار حكومته ولا يفضل الذهاب الى التحالف مع المعارضة لتشكيل حكومة جديدة لتمرير الصفقة، لكن المراوحة والتردد والتلاعب على الجميع بات امام لحظة الحقيقة والاختيار، ولن يستطيع التهرب من الحسم اكثر، خاصة وان الولايات المتحدة باتت تخشى من انجرارها لحرب اقليمية واسعة وتدهور الوضع في الشرق الاوسط كله اذا ما استمرت الحرب في غزة، فيما ترى ان اسرائيل غير قادرة على الحسم عسكريا ولا تحقيق اهدافها المعلنة.
ويبدو واضحا وثابتا سعي الولايات المتحدة وادارة بايدن الى تجنب الانجرار لحرب اقليمية، والتي هي مرتبطة اساسا باستمرار العدوان على غزة، فرغم بدء شنها هجمات جوية ضد اهداف في العراق وسورية واستمرارها بها ضد اليمن، فانها لا توفر فرصة للتاكيد انها لا تهدف الى التوسع في عمليتها العسكرية لمستوى الحرب ولا حتى الاصطدام مباشرة بايران.
اما المقاومة الفلسطينية، فرغم ان ما يعرض في الصفقة المطروحة لا يلبي كل مطالبها، الا انها تبدو مناسبة الى حد كبير لها، حيث ستضطر اسرائيل الى وقف العدوان لفترات طويلة ما يفقد العملية زخمها وينقل الازمة الى الداخل الاسرائيلي، وايضا يخفف من حجم المعاناة التي يعانيها مدنيو غزة، ويفتح الباب لدينماكية جديدة يمكن لها مع الضغط الدولي احتواء العدوان واثاره، مع بقاء المقاومة صامدة وجاهزة.
هذه التطورات الدراماتيكية التي تحدثنا عنها، تؤشر الى ان بابا قد فتح لاحتواء العدوان على غزة وتدهور الاوضاع في الاقليم كله.. لتبقى احتمالات الوصول الى مرحلة توقيع الصفقة المنتظرة امرا واردا بقوة.. وهو ما ستكشفه الايام القليلة المقبلة.