صدى الشعب – كتب – جهاد الفار
تابعنا جميعًا باهتمام مشهد افتتاح متحف مصر الكبير، ذلك الصرح الذي يجسد التاريخ والحضارة والفن في أبهى صورة. مصر قدّمت للعالم رسالة واضحة: أن الانتماء والإرادة يصنعان المعجزات. هناك، ترى دولة تبني مجدها بالحجر والعلم والعمل، وتكرّم تاريخها كما يكرّم الابن والده.
أما نحن في الأردن العظيم، بلد الحضارة والعراقة، أرض البتراء ووادي رم والبحر الميت، فما زلنا نرى العجائب تُهمَل والفرص تضيع.
لدينا وادي رم، قطعة سماوية على وجه الأرض، مقصِد الملايين من كل دول العالم. ومع ذلك، المتحف الذي أُقيم هناك — وكان يُفترض أن يكون واجهة حضارية وسياحية للأردن — تحوّل اليوم إلى مكان مهجور، بلا إدارة ولا روح ولا رؤية.
تجولت فيه العدسات يومًا على أمل أن يصبح منارة، فإذا به يتحول إلى رمزٍ للإهمال المؤلم.
كيف وصلنا إلى هنا؟
الجواب، ببساطة، لأننا تركنا مواقع المسؤولية في أيدي من لا يشعرون بنبض هذا الوطن كما نشعر نحن.
مسؤولون يعيش بعضهم بوجوهنا ويخطط بعقولٍ ليست من تراب الأردن، يحملون جنسياتٍ أخرى، وبيوتًا أخرى خارج الوطن، يعيشون بين عالمين واحدٌ للخطابات، وآخر للراحة بعيدًا عن همّ المواطن ومعاناته.
فكيف لمن لم يَذُق طعم الهمّ أن يسعى لحلّه؟
وكيف لمن لم يمشِ على تراب هذا الوطن يوميًا أن يشعر بثقله وألمه؟
الوطن لا يُدار عن بُعد، ولا يُبنى بالتصريحات، بل بالانتماء الحقيقي والعمل الصادق.
في المقابل، نرى دولًا شقيقة كسرت المستحيل في سنوات قليلة.
مشاريع عملاقة، خطط مستقبلية، استثمار في الإنسان قبل البنيان.
أما نحن، فما زلنا نُرحّل الأزمات بدلًا من حلّها، ونستبدل الفعل بالشعارات.
البطالة تتزايد، المعيشة تتراجع، والناس تصبر على أملٍ لا يأتي.
حتى السماء بدت وكأنها تحجب غيثها عنا لتدعونا نراجع أنفسنا، نراجع ضمائرنا، ونعود إلى الأصل — إلى حب الوطن بالفعل لا بالقول.
ورغم كل شيء، سيبقى الأردن وطني الذي لا أملك سواه، وسيبقى في القلب يقين أن التغيير قادم ما دام في هذه الأرض من يؤمن بها بصدق.
نحن لا نكتب غضبًا، بل حبًا.
ولا ننتقد شماتة، بل خوفًا على وطنٍ نحبّه أكثر مما نحب أنفسنا.
اللهم احفظ الأردن،






