عويس لـ”صدى الشعب”: أهمية تأهيل المعلمين لضمان نجاح التعليم الدامج
الأحمد: التعليم الدامج بحاجة إلى سياسات لا صفوف فقط
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
فيما اعلنت وزارة التربية والتعليم عن استحداث 55 صفا للطلبة ذوي الإعاقة الذهنية المتوسطة والشديدة في مدارسها، إضافة لاستحداث 13 مدرسة للطلبة الصم ومدرسة للمكفوفين،أكد خبراء تربويون أنها، خطوة هامة نحو تحقيق تكافؤ الفرص والعدالة التربوية.
وأشاروا خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” إلى أن هذه الخطوة تسهم في توفير بيئة تعليمية دامجة تتيح لكل طالب أن يتعلم ويشارك وينمو ضمن بيئة آمنة ومحفزة، ما يسهم في بناء مجتمع أكثر شمولًا وإنصافًا.
ولفتوا إلى أن هنالك عدد من التحديات ما زالت قائمة، خاصة في ما يتعلق بتحسين البنية التحتية وتدريب المعلمين بشكل مستمر، مشددين على أهمية توفير الدعم النفسي والتربوي لضمان النجاح وتحقيق النتائج مستدامة.
وكان مدير مديرية برامج الطلبة ذوي الإعاقة في وزارة التربية والتعليم الدكتور محمد الرحامنة، قال في تصريح سابق لـ”صدى الشعب” إن عدد الطلبة من ذوي الإعاقة الملتحقين بالمدارس الحكومية للعام الدراسي الحالي بلغ نحو 30 ألف طالب وطالبة، مقارنة بـ28 ألفًا و600 طالب وطالبة في العام الماضي.
وأضاف، أن هؤلاء الطلبة موزعون على ما يقارب 1200 مدرسة حكومية وخاصة، مشيرًا إلى جهود الوزارة في دعم هذا القطاع من خلال تعزيز الكوادر التعليمية والبنية التحتية والخدمات المساندة.
وأوضح أن الوزارة عملت على إلحاق نحو 1500 معلم مساند في المدارس التي تضم طلبة من ذوي الإعاقة، بما يسهم في تقديم الدعم اللازم للمعلمين وتمكينهم من أداء دورهم التربوي على النحو المطلوب.
التعليم الدامج شهد تطوراً ملحوظاً وحقق نتائج إيجابية
وفي هذا الإطار، أكد وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الأسبق، الدكتور وجيه عويس، على أهمية التعليم الدامج لذوي الإعاقة في الأردن، مشيراً إلى أن هذه القضية تُعد من القضايا الأساسية التي تلبي حقوق شريحة كبيرة من الطلاب في المملكة.
وأوضح أن وزارة التربية والتعليم تواصل اهتمامها المتزايد في هذا المجال، وتسعى جاهدة لتوفير البيئة التعليمية المناسبة لجميع الطلبة، وخاصةً ذوي الإعاقة.
وقال، إن الوزارة تبذل جهوداً مستمرة لضمان توفير حلول لكافة المشكلات التي قد يواجهها الطلاب ذوو الإعاقة، من خلال توفير المدارس المتخصصة التي تعنى بالدمج وتولي اهتماماً خاصاً بالجانب النفسي للطلاب.
وأكد على أن هذا المسار لا يواجه أية مشاكل كبيرة، حيث أن الوزارة تعتبر هذا النوع من التعليم حقاً من حقوق المواطنين، وبالتالي فإن الهدف هو تحقيق تكافؤ الفرص لجميع الأطفال في الحصول على التعليم.
وأشار إلى أن التعليم الدامج شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث تمكَّن العديد من الطلاب من الاندماج في النظام التعليمي بنجاح.
وأضاف أن ذلك ساهم في تخفيف الأعباء الثقيلة على الأسر، وهو ما يعكس نجاح هذه التجربة على صعيد توفير فرص تعليمية أفضل لشريحة واسعة من الطلبة.
وأوضح أن أبرز التحديات التي تواجه عملية الدمج تتعلق بضرورة تأهيل المعلمين بشكل مناسب من الناحية النفسية والاجتماعية والتعليمية، وذلك لضمان أن يكون لديهم القدرة على التعامل مع الطلاب ذوي الإعاقة بشكل طبيعي وملائم.
الاستمرار في تحسين المدارس الدامجة
وشدد على ضرورة أن يمتلك المعلمون معرفة واسعة بقدرات هؤلاء الطلاب، ويكون لديهم الاستعداد لتحفيزهم وتنمية مهاراتهم لرفع مستواهم الأكاديمي.
وأكد أن وزارة التربية والتعليم تمتلك استراتيجية واضحة لدمج الطلاب ذوي الإعاقة في المدارس، مع التركيز على تأهيل المعلمين وتدريبهم بشكل مستمر.
وقال أن اهم عنصر في العملية التعليمية هو المعلم، الذي يجب أن يكون مربيًا قدوةً ومثقفًا في نفس الوقت، وهو ما توليه الوزارة اهتماماً كبيراً من خلال البرامج التدريبية والتأهيلية.
وتابع أن الوزارة لا تقتصر جهودها على تدريب معلمي التعليم الأساسي فقط، بل تشمل كذلك معلمي رياض الأطفال والتعليم الثانوي، وذلك لضمان جودة العملية التعليمية في جميع مراحل التعليم.
وأضاف أن البنية التحتية للمدارس في الأردن مقبولة إلى حد ما، لكنها بحاجة إلى تحسين وتطوير مستمر، مشيراً إلى أنه إذا استمر الوضع كما هو عليه، فقد تواجه المملكة نقصًا في المدارس يصل إلى حوالي 1000 مدرسة خلال العشر سنوات القادمة، مما يتطلب إنشاء 100 مدرسة جديدة سنويًا لضمان بيئة مدرسية أفضل.
وأكد على أهمية تحسين البنية التحتية للمدارس في المستقبل، خاصة في ظل الحاجة لتوسيع مدارس التعليم الدامج، مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا في تحسين الأداء التعليمي وتسهيل الوصول إلى التعليم لكل الطلبة.
وأضاف أن استراتيجية الوزارة المستقبلية يجب أن تقوم على فكرة تجميع المدارس وتوسيعها مع توفير وسائل مواصلات ميسرة للطلاب، وذلك لتقليل التكلفة وتسهيل الوصول إلى التعليم.
وأشار إلى أن الوزارة تُولي اهتمامًا كبيرًا بالمدارس التي تقدم تعليمًا دامجًا، حيث تتابع العملية التعليمية فيها بشكل مستمر، بما في ذلك متابعة التحصيل العلمي للطلاب، وإعداد تقارير دورية تهدف إلى تحسين هذه المدارس وتطويرها بشكل مستمر.
وأكد على ضرورة أن تكون الوزارة قادرة على تقديم الدعم المستمر لهذه المدارس لضمان أن يحقق الطلاب ذوو الإعاقة النجاح الأكاديمي والشخصي.
ودعا إلى ضرورة أن تواصل وزارة التربية والتعليم جهودها في تطوير وتحسين التعليم الدامج لذوي الإعاقة في المملكة، مشددًا على أن هذا الأمر يعد جزءًا من بناء مجتمع شامل ومتقدم يمكن لجميع أفراده الاستفادة من فرص التعليم.
ثقافة العيب تعيق الدمج وتعمّق العزلة
من جهتها أكدت الخبيرة التربوية د. ضياء الأحمد أن خطوة استحداث صفوف ومدارس متخصصة لدمج الطلبة من ذوي الإعاقة تُعدّ حلاً مرحلياً محدوداً، ما لم تُرفق بعوامل أساسية تضمن نجاح منظومة التعليم الدامج بشكل مستدام وشامل.
وقالت الأحمد، خلال حديثها لـ”صدى الشعب”، إن نجاح التعليم الدامج يتطلب إحداث تغيير شامل في سياسة التعليم، بحيث تُبنى بيئة تعليمية آمنة ودامجة تستجيب لاحتياجات جميع الأطفال من ذوي الإعاقة، قبل الحديث عن تدريب المعلمين أو توفير الدعمين الطبي والنفسي.
وأضافت أن تطوير البيئة التعليمية يجب أن يشمل أيضاً تعديل المناهج الدراسية، وتكريس مبدأ تقبّل الطلاب والمعلمين لبعضهم البعض، بما يعزز من فرص التكيف الاجتماعي والدراسي لهؤلاء الطلبة داخل المؤسسات التعليمية.
وفي ما يتعلق بأبرز الصعوبات، أكدت أن التحديات متعددة التي تواجه الطلبة من ذوي الإعاقة رغم وجود صفوف متخصصة ومعلمين مساندين، تبدأ من العوامل المجتمعية والأسرية، لافتة إلى أن ثقافة العيب ما تزال تُشكّل عائقاً أساسياً أمام عملية الدمج، إذ تسهم في تعزيز الشعور بالعزلة وتقلل من فرص التعاون بين الأسرة والمدرسة.
وأضافت أن هذه الثقافة تؤثر سلباً على اتجاهات المعلمين والآباء والطلبة أنفسهم، إلى جانب التحديات التقنية، مثل نقص الأدوات التكنولوجية المتخصصة، وغياب الدعم الأسري المتكامل، وعدم كفاية تدريب المعلمين على التعامل مع الطلبة من ذوي الإعاقة، ما يقلل من فرص تكيفهم الأكاديمي والاجتماعي.
وأشارت إلى أن المناهج الدراسية المعتمدة حالياً لا تتسم بالمرونة الكافية، ما يفرض تحديات إضافية أمام استيعاب هذه الفئة في الصفوف الدراسية العادية.
المدارس بحاجة لبنية تحتية صديقة للإعاقة
وفي ما يتعلق بواقع البنية التحتية المدرسية، أكدت ضرورة العمل على تهيئة بيئة مادية ومرافق مجهّزة تُراعي خصوصية الطلبة من ذوي الإعاقة، بما في ذلك تسهيل حركة الطلبة داخل الحرم المدرسي، وتوفير تكنولوجيا مساعدة ومعدات خاصة لبعض الحالات، لاسيما أولئك الذين يعانون من صعوبات بصرية.
ودعت إلى تطوير الموارد التعليمية، مثل المناهج والمكتبات، بحيث تكون مهيّأة بشكل يتناسب مع احتياجات هذه الفئة، وتمكنهم من ممارسة حقهم في التعليم بشكل متكافئ مع أقرانهم.
وفي ما يتعلق بتأهيل المعلمين، شددت على أهمية توفير دورات تدريبية متخصصة للمعلمين الأساسيين والمساندين، حول كيفية التعامل مع الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالتعاون مع أقسام الإرشاد التربوي في المدارس، ما يسهم في دمجهم بشكل أكثر فاعلية في البيئة الصفية.
كما أكدت أهمية تنظيم ورشات تثقيفية توضح القوانين والتشريعات والتعليمات الخاصة بذوي الإعاقة، ما يساهم في رفع وعي الكوادر التربوية بأهمية ومضامين التعليم الدامج.
وبشأن آليات قياس نجاح تجربة التعليم الدامج في الأردن، رأت أن التقييم يجب ألا يقتصر على الأرقام الرسمية، بل أن يُبنى على قياس مدى تطور المهارات الأكاديمية والاجتماعية للطلبة، وهو ما يُعد مؤشراً واقعياً أكثر دقة وفعالية.
وأشارت إلى أن وزارة التربية والتعليم مطالَبة في السنوات المقبلة بالتركيز على أولويات جوهرية، في مقدّمتها محاربة ثقافة العيب، وإطلاق مبادرات توعوية وتثقيفية، خصوصاً في الجوانب الإرشادية والنفسية، إلى جانب توفير فرص متكافئة لجميع الطلبة.
ودعت إلى تعزيز البنية التحتية للمدارس، والاستفادة من أدوات التكنولوجيا الحديثة لتعزيز فرص الوصول إلى تعليم جيد، يضمن العدالة والشمولية لكافة الطلبة، بغض النظر عن اختلافاتهم.






