نورالدين نديم
عام 1981م، ولدت فكرة مهرجان جرش، من رحم الحاجة إلى نشر الثقافة وجذب السياحة والترويج لتراث الأردن وعادات شعبه الأصيل.
ولم تكن فكرته – في أي حال- مقتصرة على الترفيه لغاية الترفيه، وإنما أريد به أن يشكّل ظاهرة ثقافيّة شموليّة، على الصعيد المحلّي، والعربي، والعالمي.
وقد أختيرت جرش لتكون مقرّاً للمهرجان، لرمزيتها التاريخيَة وإرثها الإبداعي العريق.
مهرجان جرش 2023، عاد لمبتدئه، ليهتم بالجانب الثقافي والتوزيع الجغرافي والشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني واستحقاق الفنان الأردني، أكثر.
ومن الملاحظ تأثر التفاعل المحلي بالحالة الاقتصادية، والقدرة الماديَة للمواطنين من جهة، و الظرف الصعب الذي يمر به الفن الأردني بتنوعه، من جهة أخرى، بالإضافة إلى توقيت بعض الفعاليات.
مهمَة ليست سهلة أن ترسم الابتسامة على وجوه النَاس، في ظل ما يعانوه من ضنك الحياة، وانشغال تفكيرهم بمصاريف الأسرة والتزامات البيت والتجهيز للمدارس والجامعات..
وعليه فإن حمل إدارة مهرجان جرش ليس بالأمر الهيَن، وبنفس الوقت هو فرصة لكي نثبت للجميع أنّنا أقوى من الظروف، وأننا سنتخطَى هذه المرحلة بكل ثقة وأمل.
مهرجان جرش أضحى استراحة فرح، يستظل بها الناس من الداخل والخارج، يجب أن يبقى وينمو باتجاه دعم الفن الوطني، وبعث رسائل الأمل، وبرقيات الوحدة والعروبة، ونشر ثقافة الانتماء، والقراءة وذوق المشاهدة والاستماع، وهذا بحاجة لتكاتف جهود الجميع من جهات ومؤسسات رسمية ومؤسسات مجتمع مدني، وناشطين ومؤثرين.
ويجب أن ننثرالألق والفرح في كل محافظات المملكة، التي تمتاز بعمق التاريخ وجمال الآثار، وتنوع انعكاسات التراث في اللهجة واللباس والطعام وتعابير الفرح، من خلال إتاحة مزيدٍ من المساحة للفعاليات فيها.
مهرجان جرش لا تقتصر أهدافه على الأبعاد الثقافية والفنية فقط، بل يتعدَاها إلى الاجتماعية والإنسانية والحضاريِة، وهذا يرتب علينا مسؤولية عظيمة، لطالما كان المواطن والوطن الأردني على قدرها، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.