صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
في ظل تصاعد الجدل حول مستقبل العلاقة التعاقدية في قطاع التعليم الخاص، تتجدد الخلافات بين نقابة أصحاب المدارس الخاصة والعاملين فيها، وسط مساعٍ حثيثة من وزارة العمل للوصول إلى توافق يُنهي حالة التوتر المتصاعدة.
وبعد إعلان نقابة أصحاب المدارس انسحابها من اتفاقية العمل الجماعية الموقعة في 2023، والتي تنص على حقوق مكتسبة للعاملين، وعلى رأسها الزيادة السنوية وتاريخ بدء العقد الموحد، اشتعلت موجة من المخاوف بين المعلمين، خاصة في ظل التلويح بتعديلات تمس جوهر الامتيازات المتفق عليها.
وفي المقابل، شددت نقابة العاملين في التعليم الخاص واتحاد نقابات العمال على أن أي انتقاص من هذه الحقوق يُعد خرقًا للقانون ولن يُسمح بتمريره، مؤكّدين تمسكهم بالنصوص القانونية والاتفاقيات الرسمية كضمان لاستقرار القطاع وصون حقوق العاملين فيه.
ويعاني آلاف المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة من أجور دون الحد القانوني، وصعوبات في تجديد العقود، وضغط للاستقالة خلال العطلات، وممارسات تمييزية ضد الحوامل، على الرغم وجود الآليات القانونية والمنصات الرسمية، إلا أن التنفيذ يفتقد للرقابة الكافية، مما يترك المعلمين مهمشين وغالبًا خائفين من المطالبة بحقوقهم.
قم مع المعلم لـ”صدى الشعب”: تحايل وإجبار معلمين على الاستقالة الجماعية بمدارس خاصة
وبهذا الخصوص أكدت منسقة حملة “قُم مع المعلّم”، صفية الدكن، أن الحملة رصدت عدداً كبيراً من التجاوزات والانتهاكات التي تمارسها بعض إدارات المدارس الخاصة بحق معلميها، وذلك خلال الفترة الأخيرة، لا سيما ما بين شهري أيار (5) وحزيران (6)، وما زالت هذه التجاوزات ترد إلى الحملة حتى اليوم.
أكدت الدكن خلال حديثها لـ”صدى الشعب”، منسقة حملة “قُم مع المعلّم”، في تصريح خاص لصحيفة “صدى الشعب”، أن انسحاب نقابة أصحاب المدارس الخاصة من الاتفاقيات الجماعية كان مفاجئاً.
وأشارت إلى أن المعلومات الواردة للحملة تفيد بأن النقابة كانت قد أعلنت بتاريخ 4 حزيران عن التزامها ببنود العقد الجماعي الإلكتروني، مع إدخال بعض التعديلات على نصوصه.
وبيّنت أن التطبيق الفعلي لهذا الالتزام لم يظهر على أرض الواقع في عدد من المدارس الخاصة، التي واصلت انتهاك حقوق المعلمين من خلال ممارسات متعددة تتنافى مع ما تم الاتفاق عليه.
استقالات جماعية وتحايل على القانون
وأشارت إلى أن أبرز الانتهاكات التي رُصدت مؤخراً تمثّلت في فرض الاستقالات الجماعية على المعلمين في عدد من المدارس الخاصة، وهو ما اعتبرته “تحايلاً مباشراً على القانون”، مؤكدة أن هذه الممارسات ليست جديدة، بل هي متكررة لدى عدد من المدارس التي دأبت على خرق القوانين الناظمة لعلاقات العمل.
كما تحدثت عن ممارسات أخرى تمثّل خرقاً واضحاً للحقوق العمالية، من بينها توقيع المعلمين على “إجازة بدون راتب”، إلى جانب صرف الاشتراكات الخاصة بالضمان الاجتماعي دون صرف الرواتب فعلياً.
وأشارت إلى أن بعض المدارس قامت بصرف الضمان الاجتماعي لكافة الموظفين، لكنها لم تصرف لهم رواتبهم وهناك مدارس صرفت رواتب شهر تموز (7) فقط، وأرفقتها مع اشتراكات الضمان الخاصة بشهر آب (8).
العمل الإجباري خلال العطلة الصيفية
وأكدت أن عدداً من المدارس لم تلتزم بدفع رواتب الصيف، رغم إدراج المعلمين في اشتراكات الضمان خلال تلك الفترة، مشيرة إلى أنه تم إجبار المعلمين والمعلمات الذين رفضوا التوقيع على الاستقالات الدوام من الساعة السابعة صباحاً وحتى الثالثة ظهراً، في ظروف عمل تنتهك حقوق المعلمين، إضافة إلى إلزام بعض المعلمين بالعمل في النوادي الصيفية بدون أجر.
وأشارت إلى حالات أخرى، مثل نقل بعض الموظفين من فروعهم الأصلية إلى فروع أخرى تابعة لنفس المؤسسة التعليمية، لكنها تقع في مناطق بعيدة نسبياً، دون موافقة واضحة أو مراعاة لظروفهم.
القانون كافٍ لكن التطبيق غائب
وفيما يتعلق بموقف الحملة من الوضع التشريعي، شددت على أن البيئة القانونية الحالية “كافية لحماية حقوق المعلمين”، موضحة أن المشكلة لا تكمن في القوانين نفسها، ولا في مؤسسات الدولة، بل في التطبيق الفعلي على أرض الواقع.
وأشارت إلى أن بعض المؤسسات التعليمية والمدارس الخاصة تمارس أشكالاً متعددة من التحايل على القانون، رغم الجهود الواضحة التي تبذلها وزارات العمل، والضمان الاجتماعي، والتربية والتعليم في متابعة الشكاوى الواردة إليها دون تهاون.
وأضافت أن أصحاب هذه المدارس غالباً ما ينجحون في استغلال الثغرات القانونية أو ابتكار أساليب جديدة للالتفاف على الأنظمة، مما يُبقي حقوق المعلمين عرضة للانتهاك.
دعوات للأتمتة والمتابعة الحثيثة
ودعت الدكن مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارات التربية، والعمل، والضمان الاجتماعي، إلى تعزيز التعاون الرقمي وأتمتة البيانات فيما بينها، بما يتيح كشف التجاوزات والانتهاكات فور وقوعها.
كما شددت على أهمية التزام المدارس الخاصة ببند العقد السنوي الكامل، أي أن يكون العقد لمدة 12 شهراً وليس أقل، باعتباره من الحقوق الأساسية التي يجب أن تضمن استقرار المعلمين ومساواتهم بباقي العاملين في القطاع التربوي.