سوق تجاري ضخم يعيد الأمل للأغوار ويفتح افاقا جديدة للمزارعين
من مكره صحية الى محرك اقتصادي :”السوق التجاري يفتح ابوابه لمستقبل أفضل لمزارعي الأغوار”
السوق التجاري في الاغوار الشمالية يوفر 500 فرصة عمل “
مشروع حيوي يبعث الأمل: 10 مليون دينار لإستثمار سوق الحمضيات في الأغوار الشمالية .
صدى الشعب – عرين مشاعلة
في خطوة تعتبر بارقة أمل لأهالي الأغوار الشمالية الذين يعانون من التهميش والفقر، أعلن رئيس بلدية شرحبيل بن حسنة محمد سعد المرايحة عن قرب إعادة تشغيل السوق المركزي في المنطقة بعد سنوات من التعثر، حيث سينطلق المشروع بعد شهور قليلة والذي يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في القطاع الزراعي والتجاري، ليكون مصدرًا هامًا للفرص الاقتصادية.
ويأتي هذا المشروع في وقت يعاني فيه اللواء من ارتفاع معدلات البطالة والفقر، ليشكل أحد المحاور الأساسية التي ستسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي وفتح أفق جديدة للفرص التنموية.
وفي لقاء صحفي مع أسرة صحيفة “صدى الشعب”، قال المرايحة إن السوق المركزي الذي كان يُعد من أبرز المشاريع الاستثمارية في الأغوار الشمالية، عانى من العديد من العوائق التي تسببت في تعثره لفترة طويلةأبرزها سوء التخطيط ووجوده بالقرب من مستشفى أبو عبيدة ومن أسواق أخرى ما جعل المشروع غير مجدي من الناحية الاستثمارية في بداياته.
وأضاف أن هذه العوامل أدت إلى تحول السوق إلى مكان مهدم ومهمل، بل تحول إلى مرتع لبعض أصحاب الأسبقيات ومكرة صحية وهو ما تسبب في تأخير بدء تشغيله لأكثر من مرة.
وأشار المرايحة إلى أن البلديةبالتعاون مع بلدية طبقة فحل ممثله برئيسها كثيب الغزاوي بذلت جهودًا كبيرة لمحاولة إعادة تفعيل المشروع لكن ظروف التمويل كانت أحد أكبر التحديات التي حالت دون تحقيق ذلك في الوقت المناسب.
حيث تم تخصيص مبلغ 1.250 مليون دينار لهذا المشروع، جزء منه منحة من الاتحاد الأوروبي بقيمة (600 ألف دينار)، على أرض مساحتها 30 دونما، لكن تعثر المشروع كان له تأثير كبير على تحقيق الأهداف التنموية في المنطقة.
كما بيّن أن ضعف التمويل وسوء التخطيط في البداية ساعدا على تحويل المشروع إلى حالة من الإهمال، وهو ما دفع البلدية إلى البحث عن حلول بديلة لإعادة تفعيله.
إعادة تشغيل السوق المركزي: بداية مرحلة جديدة
رغم التحديات كشف المرايحة عن أفق جديد لمشروع السوق المركزي حيث تم الاتفاق أخيرًا مع جمعية الحمضيات في وادي الأردن لإستئجار السوق وإعادة تأهيله.
وأوضح أن جمعية الحمضيات ستقوم بتشغيل السوق بعد إصلاحه بالكامل، وذلك بتكلفة تصل إلى 150 ألف دينار لإعادة تشغيلة. وأضاف المرايحة أن الجمعية ستضخ ما بين 7 إلى 10 مليون دينار في السوق بعد تأهيله، الأمر الذي سينعش الاقتصاد المحلي ويخلق العديد من فرص العمل في المنطقة.
وبين أن الاتفاق مع جمعية الحمضيات تضمن أن تقوم الجمعية بإستئجار السوق مقابل 5 آلاف دينار سنويًا، مع فترة سماح تبلغ ثلاث سنوات لإعادة تأهيله وبعد انقضاء هذه الفترة، سيتم رفع الأجرة بنسبة 25% كل عام حتى نهاية العقد البالغ 25 عامًا.
وأكد أن هذا الاتفاق سيسهم في تحريك عجلة التنمية في المنطقة بشكل كبير، خصوصًا وأن السوق سيتحول إلى مصنع للعصائر الطبيعية من الحمضيات وآخر متخصص في تدريج وتشميع وتبريد الحمضيات، وهي خطوة استراتيجية لدعم المزارعين المحليين وتحفيز القطاع الزراعي.
فرص العمل: دعم كبير لأبناء المنطقة
وأكد المرايحة أن إعادة تشغيل السوق المركزي سيكون له أثر كبير على خلق فرص العمل في المنطقة حيث من المتوقع أن يوفر هذا المشروع حوالي 500 فرصة عمل مباشرة لأبناء اللواء في مختلف المجالات مثل الإنتاج، التعبئة، والتوزيع.
وأضاف أن هذا المشروع سيشجع أيضًا على استقطاب المزيد من الاستثمارات في المستقبل، مما يساهم في تقليص نسب البطالة المرتفعة التي يعاني منها اللواء بشكل مستمر.
وأوضح أن المزارعين في المنطقة سيستفيدون من هذا المشروع بشكل كبير، حيث سيساهم في تسويق منتجاتهم الزراعية، وخاصة الحمضيات، والتي تعد من أهم المحاصيل الزراعية في الأغوار الشمالية.كما سيفتح المشروع آفاق جديدة لإنشاء مشاريع تجارية أخرى في محيط السوق مما سيسهم في تحفيز التنمية الاقتصادية وانعاش المنطقة .
وشكر المرايحة بلدية طبقة فحل التي عملت جنبًا إلى جنب مع بلدية شرحبيل بن حسنة لتحقيق هذا الإنجاز، مؤكدًا أن التعاون بين البلديتين كان أساسيًا في إعادة تفعيل السوق وتحقيق الاتفاق مع جمعية الحمضيات.
وأثنى على دعم وزارة الإدارة المحلية ووزارة الزراعة لهذا المشروع، قائلاً: “الشكر موصول إلى وزيرا الإدارة المحلية المهندس وليد المصري، وزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات، اللذين أبديا دعمهما الكامل للمشروع، وساهموا في تسهيل كافة الإجراءات لتحقيق هذا الهدف الكبير”.
التحديات المالية: الأعباء المستمرة
ورغم التفاؤل الكبير الذي يرافق إطلاق هذا المشروع، أشار المرايحة إلى أن بلدية شرحبيل بن حسنة لا تزال تواجه تحديات مالية كبيرة. وقال: “البلدية تعتمد بشكل أساسي على إيرادات محدودة تأتي من مخالفات السير، ورسوم الترخيص، وعوائد المحروقات.
ومع ذلك فإن هذه الإيرادات لا تكفي لتغطية احتياجات البلدية الأساسية مثل صيانة الطرق والشوارع وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين”.
وأكد أن هذه الظروف المالية الصعبة تحد من قدرة البلدية على تنفيذ مشاريع تنموية أخرى كانت تهدف إلى تحسين حياة المواطنين.
وأشار المرايحة أيضًا إلى أن ميزانية البلدية تبلغ 2 مليون دينار و ديون مترتبة عليها بقيمة 400 ألف دينار لصالح الضمان الاجتماعي.
ولفت إلى أن البلدية لا تملك القدرة على استملاك الأراضي أو تخصيصها لمشاريع جديدة، بسبب تعقيدات إدارية تتعلق بتداخل الصلاحيات بين البلديات والوزارات المعنية.
الاحتياجات الأساسية: الطريق والصرف الصحي
وفي حديثه عن التحديات الأخرى التي تواجه المنطقة، أشار المرايحة إلى معاناة أهالي المنطقة من تهالك البنية التحتية، وخاصة الطرق، حيث تعتبر العديد من الشوارع في المنطقة غير صالحة للسير، بل وأصبحت تشكل خطرًا على حياة المواطنين. وذكر أن “شارع الموت”، وهو الطريق الرئيسي في بلدية شرحبيل بن حسنة، يشهد العديد من الحوادث التي تزهق أرواح المواطنين سنويًا.
وطالب المرايحة وزارة الأشغال العامة والجهات المعنية بإعطاء الأولوية لتحسين هذه الطرق الحيويةالتي باتت تشكل خطرًا كبيرًا على الجميع.
كما تحدث المرايحة عن مشكلة الصرف الصحي في المنطقة، حيث يعاني العديد من المواطنين من تلوث مياه الصرف الصحي وتدفقها إلى الشوارع مما يسبب العديد من الأمراض.
وأضاف أن البلدية بحاجة ماسة إلى صهريج نضح للتعامل مع هذه المشكلة حيث تزداد شكاوى المواطنين بسبب تكلفة نضح الحفر الامتصاصية المرتفعة. وقال: “نحتاج إلى دعم عاجل لإنشاء شبكة صرف صحي جديدة ومحطة معالجة للمياه العادمة التي تؤثر بشكل كبير على صحة المواطن وبيئته.”
تطوير القطاع الصحي والتعليمي في المنطقة
من ناحية أخرى أكد المرايحة على ضرورة تحسين القطاع الصحي في الأغوار الشمالية، حيث دعا إلى تحويل المركز الصحي الأولي في المنطقة إلى مركز صحي شامل يلبي احتياجات سكان منطقة كريمة البالغ عددهم نحو 30 ألف نسمة، على الرغم من توفر قطعة أرض مخصصة لهذا المشروع إلا أنه لم يتم تنفيذه بعد.
كما شدد المرايحة على أهمية إنشاء جامعة في المنطقة للتخفيف من معاناة طلاب الجامعات الالتحاق بجامعاتهم في المحافظات الاخرى منذ ساعات الصباح الباكر، والذي يزيد من معاناتهم المالية المتزايدة بسبب بُعد الجامعات عنهم وارتفاع تكاليف التنقل.
مشكلة الذباب والبعوض ودعوات للمزارعين
وأشار المرايحة إلى مشكلة انتشار الذباب والبعوض في المنطقة التي تعود إلى استخدام المزارعين للأسمدة العضوية غير المعالجة وارتفاع درجات الحرارة، كما أن الري المستمر في فصل الشتاء في البيوت البلاستيكية يزيد من تفاقم هذه المشكلة ورغم جهود البلدية لمكافحة هذه الظاهرة، إلا أن هناك تحديات متعددة، من بينها نقص الموارد، ما يعيق إيجاد حلول مستدامة لهذه المشكلة.
مستقبل أفضل للأغوار الشمالية
وفي ختام حديثه، دعا المرايحة الحكومة إلى دعم المنطقة بشكل أكبر في مختلف المجالات، خاصة في مجال المشاريع الاستثمارية والبنية التحتية، التي تعد أساسًا لتحقيق تنمية مستدامة في الأغوار الشمالية. وقال: “نحن بحاجة إلى مشاريع تنموية حقيقية تعزز من الاقتصاد المحلي وتوفر فرص العمل لأبناء المنطقة، وتساهم في تحسين حياة المواطنين الذين يعانون من ظروف اقتصادية صعبة.”
وشدد المرايحة على أن الأغوار الشمالية هي سلة غذاء الأردن، وأن دعم المزارعين وتوفير فرص العمل لأبناء المنطقة يعد من الأولويات التي يجب أن تحظى باهتمام أكبر من الجهات المعنية، لضمان تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة بشكل شامل.