تأبى الحكومة من جديد، إنهاء العام 2020، إلا بفرض مزيد من الضغوطات والصعوبات على العامل الأردني، ما يؤشر على وجود خلل واضح في الإجراءات والقرارات، التي تُتخذ بشكل عام، وجراء تداعيات وآثار جائحة فيروس كورونا المستجد، بشكل خاص.
ورغم أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور من 220 إلى 260 دينارًا، تم اتخاذه في بداية العام الماضي، إلا أن اللجنة الثلاثية لشؤون العمل، المعنية بتحديد الحد الأدنى للأجور، اتخذت قرارا مستهجنا باستثناء العاملين من هذه المنفعة، ممن يعملون في القطاعات والمنشآت والأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررًا، وتلك غير المُصرح لها بالعمل.
السواد الأعظم من الشعب الأردني، يعمل وفق الحد الأدنى للأجور، فهل مبلغ أربعين دينارًا شهريًا، سبب رئيس لهدم منشأة أو قطاع اقتصادي؟ أم أن الحكومة تُحابي بكل ما أوتيت من حيل وخطط، أصحاب العمل، وعلى حساب فئة تتحصل على فتات من الأموال.
أكاد أجزم بأن لا أحد، يعلم لماذا تعتبر الحكومة حقوق العمال “حيطة واطية”، وبالأخص أولئك أصحاب الأجور، التي يجوز أن نطلق عليها، بالأكثر من المتدنية.. الغريب أن مثل هذا القرار يُتخذ في وقت الكل يُنادي فيه بتحقيق مبادئ العدالة الاقتصادية والاجتماعية.
كان الأولى والأصح، أن يكون القرار هو رفع الحد الأدنى للأجور أكثر من ذلك وبكثير، وربطه بشكل حقيقي بمستويي التضخم، الذي بات واضحا للجميع كم هو مرتفع، وكذلك بخط الفقر، الذي أصبح يُقارب خمسمائة دينار للأسرة الواحدة المكونة من خمسة أفراد.. وهذا باعتراف مسؤولي الحكومات المتعاقبة، علمًا بأن المؤسسات المستقلة تؤكد أنه أعلى من ذلك وبكثير.
قد يكون تعليل اللجنة المتخصصة، بأن من شأن ذلك القرار، الذي صفته الأساس هي “التغول” على العامل المسكين، المساهمة قدر الإمكان في بقاء القطاعات والمنشآت، لكنها، بلا شك، تغاضت عن أن ذلك سيعود بآثار أكثر سلبية على العامل ويضر بمصالحه، بشكل مباشر؛ فمتطلبات الحياة المعيشية أصبحت كثيرة صعبة، وبالكاد يستطيع المواطن العامل، تحقيق متطلباتها الأساسية فقط.
أكثر من مرة، كما كتب العديد من الكتاب والخبراء والمتخصصين، بأن مساعدة صاحب العمل، والعامل، في الوقت نفسه، لا تكون من خلال قرارات عشوائية أو غير مدروسة. ولا تكون كذلك على حساب فئة دون أخرى، وإن كان الأولى الوقوف حتى النهاية مع العامل، وخاصة أن الأجر الذي يتقاضاه، قليل جدًا، إذا ما قورن بالجهد الذي يبذله، وبمتطلبات المعيشة والأوضاع الاقتصادية.
لا يختلف اثنان، على ضرورة بذل كل الجهود وتطويع كل الإمكانات، من أجل بقاء القطاعات الاقتصادية، لا بل تقويتها، لكن بعيدًا عن العامل وحقوقه.. فجائحة كورونا أسهمت وساعدت الكثير من المنشآت على المضي قدمًا في الاستغناء عن العديد من عمالها وموظفيها.
ما يُضير الحكومة، مثلًا، لو اتخذت قرارًا يقضي بتقديم إعفاءات ضريبية لأصحاب العمل، ولو على الأقل في هذه الفترة وتلك المقبلة؟.. وما يُضيرها أيضًا، لو أنها قامت بدفع قيمة أو جزء من اشتراكات العاملين في الضمان الاجتماعي؟.