صدى الشعب – كتب: د.عايش النوايسة خبير ومستشار تربوي
استجابةً لرؤى جلالة الملك عبدالله الثاني، التي تبلورت في منتدى التعليم في أردن المستقبل عام 2002، بدأ الأردن مشروعاً وطنياً طموحاً لتطوير التعليم نحو اقتصاد المعرفة. ونظراً لأهمية الطفولة المبكرة في دعم النمو المتكامل للطفل في جوانبه العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية، ركّز المكوّن الرابع من المشروع على تطوير برامج الطفولة المبكرة من خلال توسيع نطاق الوصول إليها، والارتقاء بجودة خدماتها، وتعزيز قدرة الطفل على التعلم إلى أقصى مدى ممكن.
وانطلق هذا المكوّن من هدف أساسي يتمثل في تحقيق عدالة أوسع في الخدمات المقدمة، وتحسين نوعية البرامج، وتعزيز دور الأسرة والمجتمع في دعم مرحلة الطفولة المبكرة. وشمل ذلك تطوير العمل المؤسسي لرياض الأطفال، ورفع كفاءة معلمات هذه المرحلة، والتوسع في إنشاء الرياض في المناطق الأقل حظاً، ونشر الوعي المجتمعي بأهمية التعليم المبكر.
وقد أسهمت هذه الجهود في إحداث نقلة نوعية، تمثّلت في إنشاء وزارة التربية والتعليم مديرية متخصصة للطفولة المبكرة، والتوسع في افتتاح رياض الأطفال في جميع المديريات، بعد أن كانت هذه الخدمات محصورة في المدن الكبرى وضمن القطاع الخاص. ومع استمرار عملية التطوير، أصبحت مرحلة رياض الأطفال مرحلة دراسية أساسية تسبق المدرسة وإلزامية الالتحاق، مما أدى إلى انتشارها الواسع في المدارس الحكومية.
وضمن مشروع التحديث الاقتصادي، ركّزت الوزارة على ضمان جودة الخدمات المقدمة في رياض الأطفال من خلال نظام شامل للجودة يساعد الرياض الحكومية على تحسين برامجها باستمرار، وبما ينسجم مع رؤية وزارة التربية القائمة على التميز ورضا المستفيدين. ويغطي هذا النظام مجالات التخطيط التربوي، والقيادة والحوكمة، والتدريب والتنمية المهنية المستمرة، وتعزيز العلاقة مع أولياء الأمور، وإدارة المقترحات والشكاوى، وتطوير أدوات التقييم، إلى جانب معايير البيئة الصفية وتجهيزاتها ومتطلبات الصحة والسلامة وجودة الساحات والألعاب، وقياس رضا العاملين. ويساعد هذا النظام رياض الأطفال على تحديد نقاط القوة والضعف، ووضع خطط واضحة للتحسين تشمل التدريب، وتطوير البنية التحتية، وتطبيق إجراءات السلامة، وتوفير المواد التعليمية، بما يضمن استدامة تقديم خدمات عالية الجودة.
وتعمل وزارة التربية، ضمن مسار التحديث الاقتصادي، على رفع نسبة الالتحاق برياض الأطفال إلى 100% بحلول عام 2033، وهو هدف يتطلب توسعاً في البنية التحتية عبر إنشاء رياض جديدة في المناطق منخفضة الالتحاق، وإضافة شعب داخل المدارس الأساسية، وتوفير بيئات صفية آمنة ومناسبة للأطفال. كما يشمل ذلك تطوير المناهج بالتركيز على التعلم من خلال اللعب، وتدريب المعلمات باستمرار، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص للاستفادة من خبراته في دعم مرحلة الطفولة المبكرة.






