ماجد توبه
لا تستطيع ان تفرق أهو شعور بالفخر أم الخزي وانت تتابع قرار دولة بوليفيا في اميركا اللاتينية وهي تقطع علاقاتها مع اسرائيل احتجاجا على مجازر الإبادة في قطاع غزة! هذه الدولة التي يحكمها اليسار المناضل على بعد عشرات الاف الكيلومترات تدفعها انسانيتها وقيمها على خطوة كبيرة ضد قوة معربدة ومنفلتة من كل القوانين والاخلاق وتحت حماية وتواطؤ أكبر دولة في العالم وأكثرها إجراما.
وقبل بوليفيا لجات كولومبيا، وهي جارتها ايضا، إلى ذات الاحتجاج الصارخ ضد مجازر اسرائيل واستباحتها للقانون الدولي الانساني ضد شعب أعزل على مرأى ومسمع العالم “المتحضر”.. ويسجل ايضا تقدم موقف اغلب دول امريكا اللاتينية، التي توصف بعلم السياسية بالحديقة الخلفية للولايات المتحدة ومجالها الحيوي الأول في العالم والتي عانت وما تزال من ظلم واشنطن واستعمارها وافقارها وحصارها وإغراقها بالمخدرات والمافيات والحروب الاهلية لتبقى تحت السيطرة.
نقول شعور بالفخر لانه ما يزال في هذا العالم من يقول لا للظلم والاجرام واستهداف الشعوب بالابادة دون الالتفات لمبررات المصالح واضاليل العقلانية أمام قتل البشر بالجملة وهدم المساجد والكنائس والمستشفيات ودور الايواء والحصار المطبق على كل مقومات الحياة لاكثر من مليوني انسان.
لكنه ايضا يثير فينا شعور الخزي والغضب حد الجنون عندما يقارن فعل هذه الدول الفقيرة بمواقف الدول العربية والاسلامية، التي يفترض بانها الاقرب والأولى بفلسطين وشعبها، عندما تصمت حكوماتها صمت القبور باستثناء بيانات وتصريحات خجولة موجهة لشعوبها لا للعالم والقتلة انفسهم، فيما لم تقدم دولة عربية او اسلامية واحدة على طرد سفير اسرائيلي او اميركي او غربي، بل ولم نسمع باستدعاء سفير اسرائيلي او غربي لوزارة خارجية اي من هذه الدول لنقل رسالة احتجاج قوية، على ما يجري بغزة من قتل بالجملة للاطفال والنساء.
جُلُّ ما تفعله الدول العربية والاسلامية منذ بدء المجزرة قبل نحو شهر في غزة، هو جمع التبرعات والمساعدات وارسالها الى مصر قرب الحدود مع غزة.. لكن حتى في هذه الخطوة تشعر بالخزي والعار والغضب، عندما تتراكم هذه المساعدات والاغاثات على ابواب معبر رفح وتعجز أمة المليار ونصف المليار عن اجبار العالم واسرائيل على ادخالها لغزة.. الا يستحق هذا الهدف البسيط (إدخال المعونات لا الاسلحة والذخائر!) من الدول العربية ربط استمرار العلاقات الدبلوماسية وطرد السفراء مع اسرائيل واميركا والغرب بادخال المساعدات فورا، وعلى راسها الوقود الذي بدا نفاذه يوقف المستشفيات عن العمل ويهدد بمزيد من الكوارث واعادة غزة الى العصور الحجرية.
سلسلة من الاستقالات بدات مبكرا لدى مسؤولين اميركيين وأمميين، كان اخرهم امس مدير مكتب حقوق الانسان بالامم المتحدة، جراء بشاعة المجازر المرتكبة في غزة وتواطؤ العالم الغربي معها.. فيما لم نسمع عن استقالة مسؤول عربي او اسلامي واحد، حتى لو كان فراشا بوزارة خارجية.
اليس معيبا ان يذكرنا كعرب مسؤول البعثة الطبية النرويجية في غزة، الذي يشهد أهوال ما يحصل هناك، بأن علينا التهديد بقطع توريد النفط عن الغرب ان لم يدخل الوقود الى غزة لادامة عمل المستشفيات وابسط سبل الحياة الأخرى!!
في هذا السياق، تستورد اسرائيل نحو 60% من احتياجاتها من النفط من كازخستان واذربيجان الاسلاميتين، وهذه الكمية تمر عبر ميناء جيهان التركي.. لماذا لا تقطع هذه الامدادات ولو مؤقتا عن اسرائيل، أي ضغط وضرر كبير سيلحق بهذا العدو ويجبره على اعادة حساباته الاجرامية في غزة؟!
لقد أسمعت لو ناديت حيا!