من بين سائر علماء وأطباء الأوبئة في العالم، هناك طبيب واحد في العالم هو أمين عام وزارة الصحة الأردنية ومسؤول ملف كورونا الدكتور وائل هياجنة يملك من الثقة واليقين القاطع بأن لقاح كورونا سيتوفر لمواطني بلده مع بداية العام المقبل. هي بضعة أسابيع فقط، يقول الطبيب المحترم، وتنتهي التجارب السريرية “المرحلة الثالثة” على اللقاح ومن ثم تصنيعه وتوزيعه على نطاق واسع.
لا نعلم على وجه التحديد عن أي لقاح يتحدث الطبيب، فهناك تجارب تجري على عدد كبير من اللقاحات في العالم، وبعضها بلغ مراحل متقدمة.
لكن هل يكفي ذلك للاعتقاد بأن اللقاح أصبح في متناول اليد لمواطنينا؟
هذا العام عانى الأردن مثل دول كثيرة من أجل توفير مطعوم الإنفلونزا المتاح في الأسواق منذ سنوات طويلة. بسبب الطلب العالمي المتزايد لم تتمكن وزارة الصحة من توفير أكثر من ربع مليون جرعة، في وقت كان فيه كل مواطن أردني يكافح من أجل الحصول عليه. وها هو الموعد الموسمي لتلقي المطعوم يكاد ينتهي، دون أن نتمكن من توفير المزيد منه.
ترامب رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم وعد ناخبيه بتوفير لقاح كورونا قبل موعد الانتخابات الرئاسية. حل موعد الانتخابات ولم يحصل الأميركيون إلا على المزيد من الوفيات والإصابات.
قد نجد عذرا لترامب، فهو مرشح شعبوي ويطلق الوعود الانتخابية وليس بالضرورة أن تتحقق، بينما وعلى حد علمنا، فإن الدكتور الهياجنة موظف كبير في وزارة الصحة ولا يخوض الانتخابات النيابية.
يحذر أطباء وكبار العلماء من التفاؤل المفرط بقرب التوصل للقاح لفيروس كورونا. الدكتور والخبير في الوبائيات البريطاني سايمون كلارك”مستشار حزب المحافظين الحاكم”، قال في مقال له قبل أيام”عندما نسمع السياسيين وأطباء التلفزيون يعلنون أن التجارب السريرية تسير على ما يرام فإنهم يقومون بتظليلنا،لأن التجارب عمياء، وهم لايعرفون إلى أي مدى تسير بشكل جيد”. ويضيف أن الحديث عن حقنة مليئة باللقاحات الفعالة سوف تصل قريبا هي أفضل مهدئ للناس في العالم 2020 ليس أكثر.
لو نتذكر فأن التوقعات كانت تشير إلى قرب توفير اللقاح في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، لكن ذلك لم يحصل بالطبع. وإذا كان بعض أطبائنا يعول على لقاح أكسفورد البريطاني، فها هو رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يعلن لمواطنيه أن الحياة قد لا تعود إلى طبيعتها حتى نهاية 2021.
الانتهاء من مرحلة التجارب السريرية وتقييم النتائج، قد يستغرق وقتا غير معروف بعد، حتى وإن أكد البعض بأن شركات عالمية بدأت الاستعداد لإنتاج اللقاح. هذه ليست النهاية السعيدة، فقد تحمل المعطيات السريرية نتائج تتطلب مزيدا من الدراسة والتجربة. كما ان انتاج مئات الملايين من الجرعات وتوزيعها في العالم يتطلب وقتا طويلا. وليس هناك من مبرر للاعتقاد بأن الأردن سيكون من أوائل الدول التي تحصل على اللقاح، في ظل تنافس عالمي شديد، وسيطرة كبريات الدول على سوق الانتاج والتوزيع.
إن مثل هذه التصريحات المتفائلة التي يطلقها الطبيب المحترم والمتحمس، تؤدي إلى رفع مستوى التوقعات عند المواطنين،لا بل تشجعهم على عدم الاكتراث، فما دام المطعوم في السكة إلينا بعد أسابيع، لماذا نخشى التجمعات والتواصل الاجتماعي، ونلزم أنفسنا بالكمامة.
كل ما تفعله هذه التصريحات أنها تتحول إلى وعود لم تتحقق في سجل الحكومة.