صدى الشعب – كتبت د.دانييلا القرعان
التحديث السياسي يعتمد بالدرجة الأولى على مدى الإهتمام بالشباب والمرأة ، والذي يعتبر تنفيذًا لرؤية جلالة الملك والدولة الأردنية، وفقًا لقانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022، وعند تشكيل القوائم الحزبية، فإنه يشترط وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل وكذلك ضمن المترشحين الثلاثة التالين، بالإضافة الى وجود شاب أو شابة يقل عمره عن (35) سنة ضمن أول خمسة مترشحين، والهيئة المستقلة للانتخاب كما هو معلوم عملت على إنشاء وحدة لتمكين المرأة تحت شعار ” تمكين وتساوي الفرص “، الهيئة تعمل مشكورة على مراقبة أي محاولة للعنف الانتخابي ضد المرأة أو التعدي على المرشحات والعاملات في الانتخابات، وكذلك ضرورة الالتزام بتمكين المرأة، من خلال توفير منصة للطالبات للتعبير عن أرائهن ورفع مستوى وعيهن وتحفيزهن على المشاركة السياسية، وتعزيز دورهن في كافة المجالات، وكذلك أهمية تمكين النساء للمشاركة في الانتخابات وإكسابهن المهارات اللازمة للانخراط في الحياة السياسية، وتطوير البرامج التنموية التي تخدم المصلحة العامة، وخلق جيل من النساء أكثر وعيًا وإدراكًا داخل مجتمعهن بما يتماشى مع عملية التحديث السياسي. ولا ننسى فكرة انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات التي كان لها الأثر الكبير في تعزيز مفهوم الديمقراطية والمشاركة في العملية السياسية، والدور الذي تلعبه الهيئة المستقلة للانتخاب في هذا المجال، من خلال إعداد طلبة واقصد الاناث تحديدا لمرحلة ما بعد التخرج، والانخراط في الحياة العامة بكافة المجالات، ووجود مجالس الطلبة في الجامعات ما هو الا تدريب عملي على العمل السياسي والعمل العام.
إن الشباب والمرأة حظيا برعاية ملكية كبيرة من خلال تخفيض سن الترشح إلى 25 عامًا، واشتراط أن يكون من ضمن أول 5 مرشحين في القائمة الحزبية شابًا عمره بين 25 و 35 عامًا، ورفع عدد مقاعد “كوتا” المرأة في الدوائر المحلية إلى 18 مقعدًا، وأن يكون من ضمن أول 3 مرشحين في القائمة الحزبية إمرأة.
ولا ننسى الدور الكبير للحكومة الأردنية وامتثالًا للتوجيه الملكي السامي ستدعم وتسند جهود الهيئة المستقلة للانتخاب لإجراء الانتخابات النيابية في 10 أيلول المقبل، وأن هذه الانتخابات ستكون أولى مراحل مشروع التحديث السياسي الذي بدأ من خلال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي وضعت مسودة مشروعي قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية اللذين أقرهما مجلس الأمة.
بالفعل الانتخابات النيابية 2024 ستكون فرصة تاريخية غير مسبوقة للمرأة الأردنية لزيادة نسبة تمثيلها تحت قبة البرلمان. ولأول مرة، يخصص قانون الانتخاب 18 مقعدا للمرأة على نظام الكوتا، علاوة على أنه يلزم الأحزاب بتخصيص مقعدين على الأقل للمرأة من ضمن المقاعد الستة الأولى في قوائمها التي ستخوض بها الانتخابات البرلمانية المقبلة، لهذا فإنه من المتوقع في ضوء الحسابات الموضوعية أن يصل عدد المقاعد النيابية التي ستشغلها الأردنيات في البرلمان القادم لأكثر من 20 بالمئة.
وسأقول جملة مهمة “لقد كان التوجه الملكي سببه إحداث نقلة نوعية في حياة الأردنيين السياسية خلال المئوية الثانية من عمر الدولة، وإن جلالة الملك عبدالله الثاني هو الراعي والضامن لتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والاهتمام بالمرأة والشباب، وهو ما ترجمته اللجنة بتعزيز حضورهما في المشهد البرلماني والحزبي”.
وأعرب عن أملي الكبير بإقبال المرأة للتصويت للمرأة في صناديق الاقتراع، وأن نرى جهدًا وطنيًا من مؤسسات المجتمع المدني لإسناد المرأة وتشجيعها على الترشح والتصويت.
وأتأمل أن تستثمر المرأة الأردنية هذه المعطيات وتغتنمها وتبدأ في العمل على رفع نسبة تمثيلها في مجالس النواب المقبلة والمجالس المنتخبة الأخرى لتصل هذه النسبة إلى أكثر من 30 بالمئة وهو الحد الأدنى الذي أقره مؤتمر بكين للمرأة عام 1995″.
هنالك الكثير من البرامج التدريبية للنساء اللواتي يرغبن في خوض الانتخابات من خلال تمكينهن وتزويدهن بالمعرفة اللازمة لخوض غمار هذه التجربة ليكن شريكات حقيقيات في صنع المستقبل؛ إذ تسهم هذه التدريبات في جسر الفجوة التي أحدثتها الثقافة الاجتماعية في الأردن في أن المشهد السياسي يقتصر على الرجال دون النساء.
والتعديلات الدستورية والتشريعية المنجزة ضمن مسار التحديث السياسي، خاصة قانوني الانتخاب والأحزاب، تشكل فرصة كبيرة أمام النساء لتعزيز حضورهن السياسي تحت قبة البرلمان، وأقول أن وصول المرأة لمواقع صنع القرار السياسي والتشريعي مصلحة وطنية وتنموية؛ خاصة أن المرأة أكثر ارتباطًا بقضايا مجتمعها.
الاستحقاق الانتخابي المقبل، يؤكد أن الأردن قادر على تخطي الصعاب والتحديات الإقليمية بممارسة الديمقراطية والاستمرار في مسارات التحديث، من خلال التأكيد على أن انتخابات 2024 ستكون بمثابة أبرز المحطات التي يحتفي بها الأردنيون ضمن احتفالاتهم باليوبيل الفضي لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش، هذه المسيرة التي عزز من خلالها جلالته ترسيخ دعائم الدولة الأردنية القوية. استذكر في هذا المقام، جهود سمو الأميرة بسمة بنت طلال، رئيسة اللجنة الوطنية، في دعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية والتي ساهمت في الوصول إلى إدخال الكوتا النسائية لأول مرة في قانون الانتخاب في العام 2003.
فرصة النساء في الانتخابات المقبلة كبيرة؛ بحكم التشريعات والقوانين الحالية الناظمة للحياة السياسية، فضلا عن أن السياسة العامة للدولة الأردنية، سواء الحكومة والمؤسسات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، جادة في تحقيق مسار التحديث السياسي وتمكين المرأة سياسيًا لما فيه من تمكين للدولة وتقدمها، وأشيد بالخطوات التي اتخذها الأردن في مسار التحديث السياسي لتعزيز حضور المرأة في المواقع السياسية والتشريعية، وأصف انتخابات 2024 “بالتاريخية”؛ بحكم أن قانوني الانتخاب والأحزاب الحاليين سيعززان من نسبة تمثيل المرأة في البرلمان.
أرى أن المراة الاردنية وصلت الى ما تطمح اليه في حال تم تنفيذ رؤى جلالة الملك عندما اهتم تحديدًا بالمرأة ومنحها مساحة كبيرة للمشاركة في صنع القرار وتمثيل نفسها تحت قبة البرلمان. وعندما نستذكر اليوم العالمي للمرأة أقول شكرًا لكل سيدة أردنية ترى نفسها شريك حقيقي مع الرجل في صنع القرار. لكنني بوجهة نظري لن أحكم على نجاح التجربة الانتخابية الجديدة إلا بعد نتائج الانتخابات، وأرى أين أصبح موقع المرأة الاردنية تحت قبة البرلمان؟
نعم عملية التحديث السياسي والتي أفرزت مؤخرًا قوانين متقدمة له، قد استهدفت المرأة بصورة مباشرة، وهذا نابع من الحرص الملكيّ على تمكين المرأة ومنحها الفرص المتساوية، كحزبية وناخبة ومرشحة، وفي الوظائف القيادية العليا، فالمرأة الأردنية لم تعد قيد اختبار؛ بل حققت الانجازات كيف ما وُجدت، ويحق لها اليوم أن تطوّر مسيرتها، وتسعى إلى أن تتعدى مرحلة الأرقام كما كانت تُرى سابقًا، لتصبح مشاركتها السياسية نوعًا بالإضافة الى الكمّ، وهذا ما يجب أن نبحث به اليوم من خلال إزالة العقبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ لتُصبح في الموقع الذي تستحق مما يُسهم في نهضة العمل الجماعي الوطني.
لم يعد الأساس اليوم إعادة تعريف وتوضيح دور النساء في العمل السياسي، فالشعارات العامة باتت معروفة للجميع، وشعار المرأة نصف المجتمع بل أصبحت المجتمع بأكمله وغيرها من الشعارات بات مُستهلكًا، مما يوجبنا الحديث اليوم بلغة عملية عن التدريب والتأهيل وتمكين المرأة وضرورة المساواة في الفرص بين الجميع؛ وهذا ما نسعى اليه جميعًا اليوم.
طبعا كان واضحا للاحزاب والدور الذي يقومون به في تمكين المرأة باعتباره دور محوريّ، ضمنته أولاً التشريعات الناظمة، ويبقى التطبيق مسؤولية مشتركة، بين الأحزاب في تطبيق ما ورد في القانون في وجود ما نسبته ( 20 % ) من المؤسسين من السيدات كحدٍ أدنى، وفي تفعيل دورهن ، والخروج من نظرية الرقم والنسبة الى الدور الفاعل، وتضمين برنامج الحزب رؤيته لتمكين المرأة، وتصدير قيادات نسائية حزبية تشجع الأردنيات على الانتساب والمشاركة، كما أن على المرأة ذاتها دور هام اليوم في المبادرة وعدم انتظار المنّة الذكورية، بل أن تقدم نفسها كفاعلة ومشاركة وناشطة في العمل الحزبيّ.
ما تحصلت عليه المرأة الاردنية وما وصلت اليه في تحديث المنظومة السياسية مؤخرًا لإنجاز نفاخر فيه الأمم، فكانت إضافة كلمة الأردنيات إلى الدستور إنجازًا يُحترم، واشتراط نسبتها وتوزيعها في الأدوار المتقدمة في الاحزاب والقوائم الانتخابية لتعزيزٌ بالغ الاهمية لدورها في الحياة السياسية، مما يدفع المرأة الاردنية الى ضرورة تبني مسؤولياتها الوطنية والاستثمار في هذا المناخ الداعم لها والابتعاد عن المحبطين، وان تكون شريكة في التقدم والازدهار؛ وصولا إلى الهوية الوطنية التي تدمج الجميع في مواطنة فاعلة؛ عمادها سيادة القانون؛ تطبيقاً للديمقراطية الراسخة التي انتهجها الاردن في منظومة نزاهة وطنية قوية ومستقلة، واريد أن أثني على الجهود التي يبذلها مركز الحياة _ راصد والهيئة المستقلة في التوعية باهمية المشاركة السياسية، في الوقت ذاته أن الكرة اليوم في ملعب المرأة ذاتها، فالإرادة التي يتبناها جلالة الملك مباشرة إرداة داعمة، والقوانين المحدثة أنصفتها، فحصتها في الاحزاب والانتخاب مصانة كحدٍ أدنى؛ أما الحد الأعلى يعتمد عليها وعلى إقبالها على المشاركة، ويأتي دورنا جميعاً في توعيتها وتدريبها كشركاءَ في التحديث السياسي وفي الانجاز الذي نريد.
إن الدور الأهم اليوم أصبح على الأحزاب في دعم المشاركة السياسية للمرأة من خلال طرح برامج تعزز من دورها السياسي وتدعم وجودها داخل الأحزاب باعطائها دورها الذي يحرز تقدمها داخل الأحزاب لتكن شريكة في التقدم والبناء، والمسؤولية في ضمان تمثيل المرأة حزبيًا وسياسيًا لا يمكن وضعها فقط على الأحزاب، بل إنها مسؤولية مشتركة من الجميع وعلى رأسهم الأحزاب والمرأة ذاتها والهيئة المستقلة للانتخاب ومؤسسات المجتمع المدني وكافة الجهات الفاعلة، و لا بد أن يكون هناك دوراً فاعلاً للقطاع الخاص من خلال المشاركة في الأحزاب ودعمها، ولا ننسى في هذا اليوم المرأة الفلسطينية وتضحياتها وصمودها، وما قدمته أمام العالم من صور وأمثلة في الإقدام والشجاعة، سائلين الله أن يخفف عن نساء غزة وأطفالها وأهلها وأن يعيد لهم الأمن والاستقرار في وطنهم. الاوراق النقاشية التي أصدرها جلالة الملك والتي تصب في تأسيس حياة دمقراطية يقودها الرجال والنساء ع حد سواء في انجاح العملية الانتخابية الجديدة المقبلين عليها. ولا ننسى الدور الكبير للجنة الملكية لتحديث وتطوير المنظومة السياسية والتشريعية والتي أرادها الملك بإرادة ملكية حتى تكون البوابة والشرارة الأولى للانطلاق نحو قانون انتخاب جديد وقانون احزاب جديد انصف المرأة بشكل كبير، ولا ننسى إضافة كلمة الاردنيات للدستور الاردني في المادة السادسة والتي أعطت الاردنيات الصلاحيات اذا كانوا يمتلكن الارادة السياسية والحزبية لخوض غمار الانتخابات، وجلالته وجلالة الملكة رانيا العبدالله يريدان أن يتباهيا بالنساء الاردنيات على مستوى العالم.
لذلك التعديلات القانونية أعطت المساحة الكاملة والآمنة للمراة الأردنية لمواصلة مشوارها محو المناصب القيلدية العليا والتي أصبحت ليس حكرًا على الرجال. ولا ننسى الدور الكبير للاحزاب في دعم المرأة واستقطاب اعداد كبيرة حتى يتاح لهن الفرص الحقيقية لدخول مرحلة جديدة.
أما فيما يتعلق بدور المرأة في المجالس النقابية، والذي هو غالبية في الهيئات وأقلية في القيادة، نطرح الأسلوب الآتي: هل مشاركة المرأة نقابيًا توازي مشاركتها حزبيا؟
على الرغم من الدعم الكبير للمراة الاردنية في مشاركتها بالاحزاب، والتقدم المحرز نسبيًا في قضايا المساواة بين الجنسين في الأردن إلا أنه وللأسف التمثيل النسائي في المجالات النقابية وتحديدًا مجالس النقابات المهنية ما يزال متواضعًا ولا يعكس الحضور النسائي في النقابات المهنية.
وتعتبر هذه المسألة تحديًّا جوهريًّا يواجه المجتمع الأردني في ظل الرغبة المتزايدة لزيادة التمثيل النسائي في القطاعات المهنية خاصة في النقابات التي تشكل فيها المراة غالبية أعضاء الهيئات العامة مثل المحامين والممرضين والصيادلة.
أريد أن ان أقول نقطة جدًا هامة، في الوقت الذي تبرز الإحصائيات تفوّق المرأة في التحصيل الأكاديمي الجامعي والدراسات العليا، وارتفاع نسبة عمالة المرأة في بعض القطاعات مثل التعليم، التمريض، السكرتاريا، الزراعة والتجميل، نجد أن تواجد المرأة ودورها في النقابات المهنية والعمالية ضعيف جدًا إلى درجة كونه تمثيلاً شكليًا تجميليًا لا يتجاوز اسمًا في قائمة.
هذا الغياب الحقيقي للمرأة عن النقابات المهنية والعمالية، يحمل الصفة الإقصائية لا سيما وأن هذه النقابات لم تقدم أي برامج تحفزّ المرأة على الانخراط والعمل فيها، إلا في بعض الحالات التي لم تتجاوز البُعد النظري فقط، دون وجود أنشطة حقيقية وفعاليات موجهة، معللة ذلك بانخفاض نسبة المرأة في صفوفها أصلاً، وعدم رغبتها في العمل النقابي. إضافة الى ما يثقل كاهل النقابات – العمالية بشكل خاص- من غياب للديمقراطية الحقيقية فيها خاصة في قوانينها الانتخابية، وبالتالي ضعف التغيير في هيئاتها القيادية وعدم رفدها بعضوية شبابية ونسوية جديدة.
وإذا ما سعينا إلى تفعيل دور هذه النقابات السياسي والوطني، فلا بدَّ لنا أيضًا من الربط بين ضعف تمثيل المرأة في النقابات بضعفه أيضاً في الأحزاب ذاتها الفاعلة والناشطة في جسم النقابة ذاته.
من جهة أخرى، لا بدَّ من الإشارة للدور السلبي الذي تلعبه الاتحادات والمؤسسات النسوية في تنمية هذا القطاع، حيث نجد غياب كامل للبرامج التشجيعية والتوعوية لأهمية تواجد المرأة وعملها النقابي. وعدم الاهتمام الجديّ من قبل هذه المؤسسات بالانضمام إلى النقابات والانخراط فيها ارتباطًا بعدم الوعي لأهمية هذه النقابات في الدفاع عن حقوقهن، مع ملاحظة الغياب الكامل للتنسيق بين هذه المؤسسات النسوية والنقابات المهنية والعمالية لتجاوز هذه الظاهرة، فكانت المحصلة الغياب الكامل في أغلب الأحيان لتمثيل المرأة عن الهيئات الإدارية والقيادية في النقابات.
أما البُعد الثالث لهذه الظاهرة، فهو يتمثل في المجتمع وإرثه المشكك في قدرة المرأة على العمل والعطاء والانتقاص من مكانتها دون الالتفاف إلى غياب تكافئ الفرص الحقيقي في العمل النقابي. وسطوة العادات والتقاليد في المجتمعات الشرقية التي تعتبر مهمة المرأة محصورة بالمنزل.
غياب المرأة عن جسم النقابات المهنية والعمالية ينعكس بدوره على وجودها في أماكن صنع القرار وبالتالي وجود خلل في القرار الناتج على أساس النظرة الدونية للمرأة مما يؤدي إلى إهمال حقوقها القانونية وتوفير بيئة مناسبة للعمل وعدم تحقيق مساواتها الحقيقية.
والمطلوب من أجل إنهاء هذه الظاهره تثقيف وتوعية المرأة وتدريب النساء العاملات وتعريفهن بحقوقهن النقابية، وضرورة مشاركتهن في العمل النقابي من أجل خلق قيادات نقابية جماهيرية مؤثرة. وإصدار قوانين وتشريعات عادلة تصون حرية التنظيم النقابي للعاملات والعمال دون تمييز، وتضمن زيادة دور المرأة في تطبيق التشريعات العمالية وتعديلها الذي يتطلب زيادة دورها في الحياة العامة. وصولاً إلى زيادة تمثيلها في المواقع القيادية، وإشراكها في القوائم الانتخابية والحرص على وجودها.
لتحقيق هذه النقاط والوصول إلى هدف تفعيل دور المرأه في النقابات المهنية والعمالية، مطلوب من الهيئات والاتحادات النسوية، الأحزاب، والنقابات العمل والتكاتف في خطط برامجية موجهة تدعم وصول المرأة وانخراطها في العمل النقابي.
فالايمان بدور المرأة في المجتمع بكل هيئاته وأطيافه هو الأساس الحقيقي لتنمية المجتمع وتحقيق العدالة فيه.
بالإضافة إلى أن التشريعات غير عادلة وغير منصفة، وعدم وجود تساوي في المناصب القيادية وعدم الثقة بالخبرة النقابية”. وفيما يخص السياسات والخطط الاستراتيجية في النقابات العمالية والمهنية غير مستجيبة للنوع الاجتماعي، ونلاحظ هنالك تدنيًا كبيرًا في رغبة النقابيات بالعمل التطوعي، وكذلك مشاركتهن في اللجان النقابية والمجالس التنفيذية، كما أن الأسباب التي تحدّ من المشاركة في العمل النقابي هي عدم إدراج قضايا المرأة ضمن أولويات النقابة، وعدم ملاءمة الكثير من أماكن وأوقات عقد الاجتماعات النقابية، كونها غالباً ما تنظم خارج أوقات العمل، وعدم توفر خدمات رعاية الأطفال خلال أوقات الإجتماعات أو الأنشطة النقابية، وعدم تطبيق السياسات المعمول بها ضد العديد من الممارسات مثل التحرش والعنف. أما التوصيات المقترحة والمأمول تبنيها لزيادة تمثيل النساء الفاعل في العمل النقابي، فهي ضرورة مراجعة وتطوير القوانين واللوائح والأنظمة الداخلية للنقابات (عمالية أو مهنية) بشكل يسهم في تعزيز بيئة مستجيبة للنوع الاجتماعي، وتخصيص كوتا نسائية في مجالس النقابات العمالية والمهنية، وإدماج منظور النوع الإجتماعي بالسياسات والخطط والبرامج في النقابات، وتطوير عدد من المؤشرات المرتبطة بالنوع الاجتماعي. إلى جانب ضرورة توثيق إنجازات النقابيات وربطها بالأدوار التنموية للمرأة، ورفع الوعي والمعرفة بمفهوم وأهمية العمل النقابي والانخراط به، والخبرة في صياغة القرارات، وتفعيل دور لجان المرأة داخل النقابات.
لم يعد سرًا ضعف حضور المرأة في عمل وهياكل النقابات المهنية والعمالية وهيئاتها الإدارية ، فالطموحات تصطدم بواقع قوامه جملة من المعوقات الثقافية والاجتماعية التي تحول دون مشاركة المرأة في العمل النقابي، في مقدمتها غياب وعي المرأة بأهمية المشاركة في هذا العمل، وظروفها الأسرية والاجتماعية، فضلاً عن تعصب الرجل لجنسه، وهو الأمر الذي ينسحب على كل المجالات .
غير أن طموحات المرأة ما زالت تعيد الكرّة محاولة تكثيف حضورها وتفعيل دورها في العمل النقابي، ومن الأمثلة ع ذلك الدكتورة مها فاخوري (أول امرأة تحصل على عضوية مجلس نقابة الأطباء)، والصحفية فلحة بريزات (أول امرأة تترشح لمنصب نقيب الصحفيين)، والفنانة ريم سعادة التي ترشحت فيما مضى لمنصب نقيب الفنانين .
احتاجت المرأة الطبيبة لأكثر من ستة عقود حتى تصبح عضوًا في نقابة الأطباء، فمها فاخوري نجحت في انتخابات نقابتها عام 2013، علماً أن النقابة تأسست عام 1951 ، فعام 2011 أضرب أطباء وزارة الصحة مطالبين بتحسين أوضاعهم ، ومن هنا وجدت فاخوري في اجتماع الأطباء على هذا الهدف فرصة لترشيح نفسها ضمن قائمة وتبنت مطالب زملائها، فكُتب لها النجاح .
بعد نجاحها، اكتشفت فاخوري أن التحديات التي واجهتها أكبر من مجرد الترشح والفوز، فقد كانت بحاجة لاكتساب خبرة سريعة جدًا في مجالس نقابية مدتها سنتين فقط في ذلك الوقت، لكنها تعتبر أنها استطاعت تذليل الصعوبات واكتساب الخبرة كونها امتلكت الشغف أولاً والقناعة بتغيير سلبيات الواقع الصحي، وكان همها الأول والأخير تمثيل الأطباء وتمثيل متلقي الخدمة على حدٍ سواء .
لم يحالف الحظ فلحة بريزات في انتخابات نقابة الصحفيين التي جرت مؤخرًا ، إلا أنها ترى هذه التجربة من أميز التجارب في مسيرتها وأثراها لجهة نوعيتها وحجم الاسناد الذي رافقها طوال مرحلة الترشح وما بعدها وعلى أكثر من مسار.
ولا تنكر بريزات التحديات والصعوبات التي واجهتها خلال ترشحها لمنصب نقيب الصحفيين، لكنها في توصيفها العقلاني هي تحديات ضرورية وحقيقة كانت تصنفها غالبًا في الباب الإيجابي منها، مؤكدة ” كلما تعرضت لموقف قد يحد من المواصلة والتقدم، تزيد لدي فاعلية إعمال العقل وتجديد الطاقة ،لأن الهدف كان أكبر وأسمى من أن تخرجه هذه المعطيات عن مساره المخطط له .
وفي المضمار ذاته، لم تسعف ريم سعادة خبرتها في عضوية نقابة الفنانين ومنصب نائب النقيب، وخبرتها قبل ذلك عندما كانت أمينة سر رابطة الفنانين قبل تحويلها لنقابة، مما منحها الثقافة القانونية اللازمة في العمل النقابي وتشريعاته، فضلاً عن علاقاتها المشتعبة والطيبة سواء مع الموسيقيين أو فناني الدراما ، كل ذلك لم يسعفها للفوز بمنصب نقيب الفنانين الذي ترشحت له عام 2005، وقتها اصطدمت بواقع ينظر لها ولقدراتها وخبراتها بالكثير من التشكيك كونها امرأة، وعن ذلك تقول ” اكتشفت أن الجيل الجديد من الفنانين كان أكثر تعصبًا وأكثر ذكورية، كما دخلت العشائرية في انتخابات فنانين من المفترض أنهم يتمتعون بثقافة تجعلهم يتجاوزون النظر إلى أصل الإنسان وجنسه، وفوق هذا كله دخل المال في الانتخابات وقام منافسي بتسديد اشتراكات بعض الفنانين مقابل الحصول على أصواتهم، والمضحك المبكي أنني لم أكن أعرف أن من صفات النقيب أن يكون (شغل جاهات وعطوات)”.