صدى الشعب – كتب محمد علي الزعبي
في خريطة الدولة الأردنية، تبقى وزارة الإدارة المحلية من أكثر الوزارات التصاقًا بنبض الشارع، واتصالًا مباشراً بمصالح المواطن اليومية. فهي ليست وزارة خدمات فحسب، بل وزارة القرار المحلي، والتخطيط القاعدي، والشراكة المجتمعية.
وقد مرت هذه الوزارة بمحطة مفصلية حين اعتلت إدارتها قامة وطنية بحجم معالي المهندس وليد المصري، صاحب الرؤية الإدارية الصلبة والعقل الإصلاحي المتقد. فانطلقت من النهج إلى الفعل، ومن الشعارات إلى النتائج. الهيكلة التي طالت الوزارة لم تكن إجراءً إداريًا عابرًا، بل عملية جراحية عميقة أعادت ضبط الإيقاع البلدي، وجعلت من البلديات روافع حقيقية للتنمية، بعد أن أنهكها الترهل والتداخل في الصلاحيات.
ما جرى من إصلاحات لم يكن تجميلًا للواقع، بل تغييرًا في البنية والجوهر. فقد شملت إعادة تنظيم الأدوار، وتعزيز معايير الكفاءة، وترسيخ قيم الشفافية والحوكمة الرشيدة. وهو ما انعكس مباشرةً على أداء البلديات، وقدرتها على تقديم الخدمة وتنفيذ المشاريع، والانخراط الفاعل في التنمية المحلية.
وفي انسجام تام مع رؤية التحديث السياسي، سعت الوزارة إلى مراجعة وتعديل القوانين والأنظمة والتعليمات الناظمة لعملها، بما يرسّخ مبادئ اللامركزية، ويوسّع من صلاحيات المجالس المحلية، ويعزز من تمثيل المواطن في دوائر القرار القاعدي، لتكون البنية القانونية مواكبة للتحول الديمقراطي والإداري المطلوب.
أما الرقابة والتدقيق، فقد شهدت قفزة نوعية، حيث تحوّلت من إجراءات شكلية إلى منظومة صارمة قائمة على المساءلة والوقاية والمتابعة المستدامة. لم تكن رقابة تكميم أو محاسبة عبثية، بل كانت أداة إصلاحية تهدف إلى حماية المال العام، وتصويب الخلل قبل تفاقمه.
ومع الرؤية الاستراتيجية التي حملها الوزير، تم تعزيز مفهوم الاستدامة في البلديات، عبر تأهيل الكوادر، وتطوير أدوات العمل، وإدخال مفاهيم الإنتاجية في العمل البلدي. فانتقلنا من بلديات تستهلك إلى بلديات تبادر وتُنتج.
هذا التحول لم يكن إداريًا فقط، بل وطنيًا بامتياز، حيث أُعيد بناء الثقة بين المواطن ومؤسساته القاعدية، وتم تمكين المجالس البلدية لتكون صاحبة قرار ومسؤولية، لا مجرد أدوات تنفيذ.
وهكذا، لم تُعد وزارة الإدارة المحلية ظلًا باهتًا في هيكل الحكومة، بل تحوّلت إلى ذراع تنموية رقابية صلبة، تسند الأطراف وتُسهم في صون تماسك الدولة من قاعدتها إلى قمتها.