2025-12-22 | 6:22 مساءً
صحيفة صدى الشعب
  • الرئيسية
  • محليات
  • عربي دولي
  • جامعات
  • اقتصاد
  • الرياضة
  • تكنولوجيا
  • أخبار الفن
  • صحة و جمال
  • وظائف
  • تلفزيون صدى الشعب
  • عدد اليوم
    • الصفحات الكاملة لصحيفة صدى الشعب PDF
No Result
View All Result
صدى الشعب
Home كتاب وأراء

الأشقر تكتب: كلمة واحدة قد تهدم عالمًا كاملًا

الأربعاء, 1 أكتوبر 2025, 21:49

صدى الشعب – كتبت: سوسن الأشقر

لا يختلف اثنان على أن التربية مسؤولية شاقة، وأن الأب أو الأم يتعرضان في كثير من الأحيان لمواقف محرجة حين يتصرف أطفالهما بطريقة غير لائقة أمام الأقارب أو الأصدقاء أو في الأماكن العامة.

وفي تلك اللحظات المليئة بالتوتر، يلجأ بعض الآباء والأمهات إلى أسلوب التوبيخ العلني، فيرفعون الصوت على الطفل، أو يوجهون إليه كلمات جارحة أمام الجميع، ظنًا منهم أن ذلك هو الحل الأسرع والأكثر فعالية، ولكن الحقيقة التربوية والنفسية تؤكد أن هذا السلوك ليس مجرد خطأ عابر، بل خطيئة تربوية تُلحق بالطفل أذى عميقًا قد يلازمه طوال حياته.

وحين ينتقد الأب ابنه أو تعنف الأم ابنتها أمام الناس، فإن الرسالة التي تصل إلى الطفل لا تقتصر على أن سلوكه كان خاطئًا، بل تمتد لتقول له “أنت شخص غير مرغوب فيه”، “أنت أقل من غيرك”، “لا تستحق الاحترام”.

وهذه الرسائل لا تذوب بمرور الوقت، بل تترسخ في ذاكرة الطفل وتتحول إلى جروح عاطفية عميقة، والطفل بطبيعته هش في تكوينه النفسي، حساس في تلقيه للكلمات والمواقف، فيشعر بالخذلان ممن كان من المفترض أن يكون له السند والحماية.

وإن الآباء الذين يلجأون إلى الانتقاد العلني كثيرًا ما يبررون فعلتهم بالرغبة في حفظ ماء الوجه أمام الحاضرين، أو إثبات الحزم والقدرة على الضبط، غير أن النتيجة تكون عكسية تمامًا، فالطفل الذي يُهان أمام الآخرين يفقد ثقته بنفسه، ويتراجع عن التفاعل الاجتماعي خشية التعرض لموقف مشابه، وفي بعض الحالات يتطور الأمر إلى نزعة عدوانية يحاول الطفل من خلالها استعادة كرامته المهدورة، ومع مرور الوقت، قد يعاني من اضطرابات في شخصيته تجعله مترددًا، أو منطويًا، أو عاجزًا عن بناء علاقات صحية.

ولقد أظهرت دراسات تربوية ونفسية عديدة أن الأطفال الذين يتعرضون للانتقاد المستمر، وخصوصًا العلني، يعانون من مستويات مرتفعة من التوتر النفسي، ومن ضعف ملحوظ في الأداء الأكاديمي والإبداعي، كما أظهرت هذه الدراسات أن مشاعر الخزي والإحباط التي ترافق التجارب المؤلمة لا تزول بسهولة، بل قد تلازم الطفل إلى مرحلة المراهقة والرشد، لتنعكس على ثقته بنفسه وقدرته على مواجهة تحديات الحياة، إننا أمام آثار طويلة المدى، تبدأ بوجه طفل يطأطئ رأسه خجلًا، ولا تنتهي إلا بشاب مرتبك أو بالغ مثقل بالذكريات الجارحة.

ومن زاوية أخرى، فإن التوبيخ العلني لا يضر الطفل وحده، بل يضر العلاقة التربوية التي يفترض أن تكون قائمة على الحب والثقة والأمان، فالأب أو الأم اللذان يحرجان أبناءهما أمام الناس يضعفان الرابط العاطفي معهم، فيفقد الطفل الشعور بأن والديه هما الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه في الأزمات، وبدلًا من أن يبوح لهما بمشكلاته أو يعبر عن مخاوفه، يتردد ويتقوقع على نفسه، أو يبحث عن بدائل قد لا تكون آمنة أو صحية.

إن التربية الحقيقية لا تعني الانتصار في لحظة إحراج، ولا تعني إظهار القوة على حساب مشاعر طفل لم يكتمل وعيه بعد. التربية تعني الصبر والفهم والقدرة على التوجيه في الوقت والمكان المناسبين، فإذا أساء الطفل التصرف، فالأجدر أن يؤجل الوالد أو الوالدة النقاش معه إلى حين الانفراد به، ليشرحا له بهدوء الفرق بين السلوك المقبول والسلوك المرفوض، ومن خلال لغة واضحة وحنونة وحازمة في آن واحد، يمكن تصحيح الخطأ من دون أن تُكسر نفسية الطفل أو تُهدر كرامته.

إن السؤال الذي يجب أن يطرحه كل أب وأم على نفسيهما في تلك اللحظة الحرجة هو أيهما أهم، صورتي أمام الآخرين أم مستقبل ابني النفسي؟ أيهما أخطر، أن أبدو متساهلًا للحظة أم أن أترك في قلب طفلي ندبة تبقى عالقة لعشرات السنين؟ إن الإجابة العقلانية والوجدانية معًا تقود إلى خيار واحد لا تنتقد طفلك أمام الآخرين، ولا تجعل من تربيته مشهدًا عامًا، فالتربية ليست عرضًا مسرحيًا يُقدَّم للجمهور، بل هي عملية بناء صامتة تحتاج إلى رعاية وهدوء وصبر طويل.

في النهاية، يمكن القول إن التوبيخ العلني للطفل ليس وسيلة تربية، بل وسيلة هدم، إنه يطفئ شعلة الثقة بالنفس، ويضعف الروح الإبداعية، ويشوّه العلاقة الأسرية، أما التربية الرشيدة، فهي التي تُشعر الطفل بأنه محبوب ومقبول رغم أخطائه، وأن هناك دائمًا فرصة للتعلم والتصحيح من دون إهانة أو فضيحة، حين نختار الاحترام بدلًا من الانتقاد العلني، فإننا لا نحمي مشاعر أبنائنا فقط، بل نبني مجتمعًا أكثر صحة وتوازنًا، قائمًا على أفراد واثقين بأنفسهم وقادرين على العطاء بثبات وقوة

ShareTweetSendShare

أخبار أخرى

كتاب وأراء

“الواسطة”… شفاعة محرّمة

الإثنين, 22 ديسمبر 2025, 16:00
كتاب وأراء

المشروع الوطني للأمن المائي فوق أجندات التشويش

الإثنين, 22 ديسمبر 2025, 15:04
كتاب وأراء

هاني الملقي بين قسوة اللحظة وعدالة الفكرة ..

الأحد, 21 ديسمبر 2025, 17:43
كتاب وأراء

وصفي التل في ذكرى استشهاده .. تعزيز للسردية الأردنية

الأحد, 21 ديسمبر 2025, 15:28
كتاب وأراء

مكاسب مونديال العرب

الأحد, 21 ديسمبر 2025, 11:18
كتاب وأراء

يا صحبي

الأحد, 21 ديسمبر 2025, 10:56
  • سياسة الخصوصية
  • من نحن
  • اعلن لدينا
  • اتصل بنا

© 2023 جميع الحقوق محفوظة لصحيفة صدى الشعب الاردنية اليومية

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • محليات
  • عربي دولي
  • جامعات
  • اقتصاد
  • الرياضة
  • تكنولوجيا
  • أخبار الفن
  • صحة و جمال
  • وظائف
  • تلفزيون صدى الشعب
  • عدد اليوم
    • الصفحات الكاملة لصحيفة صدى الشعب PDF

© 2023 جميع الحقوق محفوظة لصحيفة صدى الشعب الاردنية اليومية