بقلم: د. ذوقان عبيدات
طالعت وثيقة مُهمّة عن المناهج الدراسية، تحمل اسم الباحثة هدى العتوم، بعنوان: ” ملخص دراسات المناهج الدراسية الأردنية “2016-2023”. لمباحث التربية الإسلامية، واللغة العربية، والدراسات الاجتماعية، والرياضيات، والعلوم.
احتوى الكتاب على تحليلات ومقارنات بين مناهج قديمة، وأخرى حديثة بعضها غير مكتمل، ومئات الجداول، ومئات الباحثين.
ركزت الدراسة على ما حذف من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، والقيم الإسلامية بالدرجة الأولى،
وعن فلسطين بالدرجة الثانية، وذكر بسيط للقيم الوطنية بالدرجة الأخيرة، حيث كان الموضوع ما أنتجه المركز الوطني للمناهج.
ويشكر للباحثين جهدهم وتعبهم على بساطة النتائج التي توصلوا إليها.
كانت الدراسة تهمني خاصة وأنا مكلف بكتابة دراسة عن فلسطين في المناهج الأردنية الحديثة التي أصدرها المركز الوطني لتطوير المناهج، وذلك لغايات نشرها في مجلة علمية فلسطينية مختصة.
(01)
معايير التحليل
لم تظهِر الدراسة معايير محددة للتحليل ، وبدأت من ص ١٣ بسرد أمثلة من المحذوفات المهمة من الكتب، خاصة ما يتعلق بفلسطين وتحرير المسجد الأقصى بوصف أن الكتب القديمة كانت نضالية وباسلة، وشحنت الأجيال نحو التحرير! علمًا بأن خريجي هذه الكتب هم طلبة جامعات الآن، ولم نسمع عن أحد منهم أنه تمثل بالكتب المحذوفة، وأطلق هتافًا واحدًا يطالب بالتحرير ودعم المقاومة!
بعيدًا عن هذا، لم أجد معيارًا للتحليل!
كان برأيي أن يتم التحليل وفق نظرة حزب جبهة العمل الإسلامي التربوية، خاصة وأنه يمتلك برنامجًا تربويّا متكاملًا! ولكن ذلك لم يحدث.
وكان يمكن اللجوء إلى معايير مستمدة من الاتجاهات التربوية العالمية، وهذا لم يحدث أيضًا؛ وكان يمكن وضع معايير يتفق عليها المختصون، أو معايير مستمدة من فلسفة التربية وقانون التربية،وغيرها، لكن جماعة “البحث” فضلوا معيارًا واحدًا هو:
ما تم حذفه من آيات وأحاديث.
إذن؛ لا معايير معقولة للتحليل!
(02)
الكتاب هو وحدة التحليل!!
لجأت جماعة البحث إلى المقارنة بين كتاب سابق، وكتاب لاحق، وهذا أسلوب تنقصه الدقة لسبب بسيط وهو: قد تحذف مفاهيم من كتاب ما، لتُنقل إلى كتاب، آخر أو إلى صف آخر. ومن هنا، فإن ما حذف من كتاب قد لا يكون قد حذف من المناهج الأخرى! وهذا نقص كبير في منهجية التحليل! كما أن ما تم حذفه من كتاب قد تم حذفه بسبب تغيرات علمية، أو اجتماعية، أو نمائية أو تربوية! وليس من الضروري أن يكون الحذف تخليًا عن دين، أو مقاومة!
ولذلك فإن أي ملاحظ يعدّ ما قامت به جماعات البحث “الإسلامية ” عملًا محدودًا، بل ربما يكون خادعا للوصول إلى غايات محددة مسبقًا! وهذا عمل لا يجدر تسميته بالعلمي!
(03)
هل فعلًا تم حذف الآيات والأحاديث؟
لو أخذنا نماذج مما تم الادعاء بحذفه، ونماذج مما جاء في الكتب الجديدة لوجدنا أن الكتب الجديدة احتوت على ما تم الادعاء بحذفه مثل: القرآن الكريم تمت تغطية جميع سور القرآن الكريم وآياته من الصف الأول الأساسي، ولغاية الصف الثاني عشر عن طريق:
– نصوص التلاوة الصفية.
– نصوص الحفظ.
– نصوص التفسير.
– نصوص الاستشهاد.
– نصوص التلاوة البيتية.
بالإضافة ل QR Code وأوراق العمل والواجبات المنزلية المشار إليها في دليل المعلم.
الجهاد:
تحتشد الكتب بالمفاهيم المتعلقة بالجهاد، مثل: الجهاد، القتال، المعركة، الغزوة، نيل الشهادة، الشهيد، المقاومة،الاحتلال…وقد وردت هذه المفاهيم على النحو الآتي :
– عناوين دروس، الجهاد في الإسلام الصف الحادي عشر ، الفصل الأول.
– في محتوى دروس السيرة والحديث عن الغزوات والمعارك والسرايا…
– ضمن تفسير الآيات القرآنية وشرح الأحاديث النبوية الشريفة…
– في سياق الحديث عن الأعلام والمساجد، حيث تم ربط ذلك بالآدوار الجهادية والدعوية (انظر: درس من مساجد العالم الإسلامي ) الصف الحادي عشر الفصل الثاني
فلسطين:
حضرت المفاهيم المتعلقة بالقضية الفلسطينية…مثل:
– فلسطين.
– القدس.
– المسجد الأقصى.
– معركة الكرامة.
– حرب 1973.
– باب الواد.
– الشيخ جراح.
– قوات الاحتلال الإسرائيلية.
– المنظمات الصهيونية.
– الهجوم الصهيوني.
– القوات الصهيونية.
– العدو.
الصف العاشر/ الفصل الثاني
(04)
هذه أمثلة لما ورد في كتب التربية الإسلامية الجديدة، كما أن ما صدر من كتب اللغة العربية، والدراسات الاجتماعية يؤكد الاهتمام بفلسطين، حيث تم وضع قصيدة ثورية عن فلسطين للشاعر خالد محادين، ونصّ عن الشاعر إبراهيم طوقان، وفدوى طوقان، كما تم وضع نصّ عن القضية الفلسطينية في كتاب التربية الوطنية للصف العاشر الفصل الثاني!
وهناك حوالي ثلاثين نصًا دينيًا في وحدة المساءلة في كتاب اللغة العربية.
لا أدافع عن أحد!!
نحن مقصرون في إعداد أطفالنا تربويّا! ولكن لا يجوز أن نعمل دراسة” مناقصة” عما تم حذفه!
لا أريد الخوض في متاهات أنا في غنى عنها، لكني فضلت مناقشة الموضوع من الناحية الشكلية المنهجية!
ما تم حذفه ليس معيارًا للتحليل!
والكتاب المدرسي ليس وحدة تحليل! والعاملون في التأليف ليسوا عملاء يتلقون أوامر!
مرة أخرى! لا أدافع عن المناهج الجديدة! فأنا أكثر من نقدها، وربما أحرجها، تحتاج المناهج إلى تقويم وفق معايير غير تلك المسماة بمعايير الحذف!
(05)
معايير التقويم العلمية
قمت شخصيّا بعمليات تحليل بعض الكتب الصادرة عن المركز الوطني؛ استنادًا إلى المعايير الآتية:
-معيار إدماج المفاهيم الحياتية.
-معيار مهارات التفكير.
-معيار مهارات المستقبل.
-معيار الموازنة بين المحلي والعالمي.
لم أكن سعيدًا بالمناهج الجديدة
لسبب بسيط:
كان بالإمكان الحصول على مناهج أفضل!
فهمت عليّ جنابك؟!
ملاحظة:
أرفق فيما يلي نماذج مما ورد في عدد من الكتب بمدى الاهتمام بفلسطين