في الوقت الذي يستعد فيه السوريون لانتخاب رئيس الجمهورية، بلغ عدد المتقدمين الراغبين في الترشح 51 شخصًا بما فبهم الرئيس الحالي بشار الأسد، في سابقة هي الأولى من نوعها.
وانتهت أمس الأول (الأربعاء)، فترة تقديم طلبات الترشح لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية، وبلغ عدد طالبي الترشح، خلال الفترة التي بدأت في 16 نيسان/ أبريل الجاري، 51 شخصا بينهم 7 سيدات، ويتعين على الراغب في خوض الانتخابات الرئاسية المرتقبة الحصول على تزكية 35 نائبا من نواب البرلمان السوري البالغ عددهم 250.
وقال مراقبون إن ترشح هذا العدد الكبير للانتخابات لا يعني شيئا ولن يمثل أي فارق، حيث سيتم استبعاد من لا تنطبق عليهم الشروط، ولن تتخطى الأعداد النهائية 8 مرشحين.
أعداد كبيرة وشروط محددة
ومن أبرز من قدموا أوراق ترشحهم لخوض المعركة الانتخابية، الرئيس الحالي بشار الأسد، ومحمود مرعي، الأمين العام للجبهة الديمقراطية المعارضة، أمين عام هيئة العمل الوطني الديمقراطي، عضو وفد معارضة الداخل المفاوض في جنيف.
ومن بين المترشحين 7 سيدات، وهذه ليست المرة الأولى التي ترشح سيدة نفسها في الانتخابات الرئاسية في سوريا.
ويحتاج طالب الترشح إلى 35 صوتا من أعضاء مجلس الشعب ليصبح مترشحا لخوض الانتخابات، ويحق للعضو إعطاء صوته لمرشح واحد فقط حيث بدأ الأعضاء بعد يوم من تلقي مجلس الشعب طلبات الترشح بإعطاء أصواتهم لمرشحيهم ضمن صندوق اقتراع.
وبعد انتهاء أعضاء مجلس الشعب من الإدلاء بأصواتهم يحول الصندوق إلى اللجنة الدستورية العليا ليتم فرز الأصوات وإعلان النتائج وبعد ذلك تعطي اللجنة مدة خمسة أيام لطالبي الترشح للطعن بنتائج التصويت، ويتم النظر فيها والبت بها من قبل اللجنة وفي حال ثبتت أحقية أحد الطاعنين بالترشح يقبل ترشحه.
تصفية العدد
قال الدكتور أسامة دنورة الخبير السياسي والاستراتيجي السوري إنه عندما تم وضع دستور عام 2012، ووضع قانون الانتخابات العامة الذي بني عليه (القانون 5/ لعام 2014)، عمل المشرعون والخبراء الدستوريون على تقليص الشروط الضرورية المطلوبة للترشح لمنصب الرئيس إلى الحد الأدنى، وذلك رغبةً منهم في صياغة نصوص تفتح أبواب الترشح أمام أكبر عدد من الشرائح المجتمعية ودون تمييز، فلم يشترط الدستور ولا القانون حصول المرشح على تواقيع بضع مئات من المواطنين الداعمين له.
وأضاف دنورة لـ “سبوتنيك”، أنه في قانون الانتخابات العامة، وفي باب “التعاريف”، تم تعريف المرشح على أنه: “كل مواطن يرغب بترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية….”، لافتا إلى أن واقع الأمر يشير إلى أنه قبل الحصول على تأييد 35 عضواً من أعضاء مجلس الشعب، فإن طلب الترشيح لا يعد مقبولاً، ولذلك والحال كما سلف، يعتبر المرشح قبل نيل دعم أعضاء مجلس الشعب مرشحاً من قبل نفسه وحسب، أو أنه “طالب للترشيح”، وبالتالي فإن ترشيحه لا يكون مقبولاً بعد لخوض السباق الرئاسي.
وتابع أنه بناءً على قاعدة الـ 35 عضواً مؤيداً من مجلس الشعب فإن السباق الرئاسي نظرياً سوف يقتصر بالحد الأعلى على 7 مرشحين، وقد لا يتجاوز العدد مرشحَين اثنين (وهو الحد الأدنى المقبول دستورياً) وذلك وفقاً لحجم التأييد الذي قد يحظى به أي من المرشحين، والذي ربما يتجاوز الحد الأدنى (35 عضواً) بكثير، وبالتالي لا يبقى عدد كافٍ لكي يبلغ عدد المرشحين المقبولين حده الأقصى (7) ، باعتبار ان القانون لا يسمح لعضو مجلس الشعب بمنح تأييده لأكثر من مرشح واحد.
ومضى بقوله: “ولذلك وتأسيساً على ما سبق، فإن العدد الحقيقي للمرشحين (المبدأيين) لا يعبر عن المرشحين الحقيقيين أو المقبولين أو الجديين، ولا علاقة له على الإطلاق بعدد المرشحين الذين سيكونون طرفاً في التنافس ضمن السباق الرئاسي”.
بروباغندا إعلامية
في السياق ذاته، اتفق المحلل السياسي السوري، فريد سعدون، مع دنورة، في أن الأعداد الكبيرة التي ترشحت لانتخابات الرئاسة السورية، لا أهمية لها على الإطلاق، وتأتي في سياق البروباغندا الإعلامية، لا غير.
وأكد أنه بحسب هذه الشروط، لن يتجاوز عدد المترشحين لرئاسة الجمهورية السورية 8 مترشحين فقط، ووصول عددهم إلى 51 مرشحًا لا يتعلق بالجدية أو توافر الصفات المطلوبة، فلا قيمة لهذه الأرقام، ولا تشكيل أي معادلة في لعبة الانتخابات الرئاسية.
ويرى سعدون أن “المرشحين منقسمون بين راغبي الترشح من أجل الشهرة الإعلامية فقط، دون أي أهداف سياسية، والبعض الآخر بترتيبات مع الدولة للحصول على منافسين لرئاسة الجمهورية، من أجل تحقيق مبدأ الديمقراطية المطلوبة”، على حد قوله.
وأشار إلى أن الأزمة الحقيقية هي “عدم نظر الجماهير في سوريا للانتخابات الرئاسية بشكل جدي، الأغلبية غير مبالين في ظل الظروف المعيشية الكارثية في سوريا، وتردي الأوضاع وزيادة معدلات الفقر والنزوح”.
وحدد مجلس الشعب السوري موعد الانتخابات الرئاسية، في 26 أيار/ مايو المقبل، في داخل سوريا، وفي 20 منه للسوريين القاطنين خارج البلاد. وفترة رئاسة الجمهورية تبلغ 7 سنوات.
وبحسب الدستور السوري، فإن الراغب في الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية يجب أن يكون قد أتم الأربعين من عمره، ويتمتع بالجنسية السورية بالولادة من أبوين متمتعين بالجنسية بالولادة أيضا، بجانب ألا يكون متزوجا من غير سورية.
ومن بين الشروط أيضا أن يكون مقيما في سوريا مدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة متصلة عند تقديم طلب الترشح، وهو الأمر الذي يجعل من الصعب على أي من المعارضين التقدم للترشح حيث بدأت الأزمة السورية قبل نحو 10 سنوات وأجبرت الملايين على النزوح