صدى الشعب – قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الجمعة، إن روسيا تعزز قواتها على حدود أوكرانيا بمزيد من الحشود، وإن الغزو قد يحدث في أي وقت، ربما قبل نهاية دورة الألعاب الأولمبية في فبراير الجاري.
من جانبها، تشددت موسكو في موقفها من المساعي الدبلوماسية الغربية لنزع فتيل الأزمة، مؤكدة رفضها للردود التي أرسلها الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي هذا الأسبوع على مطالبها الأمنية، معتبرة أن تلك الردود ترقى لأن تكون إهانة لها.
وأظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية ونشرتها شركة أمريكية خاصة موجات انتشار جديدة للجيش الروسي في عدة مواقع بالقرب من أوكرانيا.
وفي أقوى رسالة تحذير يوجهها الرئيس جو بايدن، حتى الآن، للأمريكيين في أوكرانيا للمغادرة فورا، قال بايدن، إنه لن يرسل قوات لإنقاذ الأمريكيين في حالة وقوع هجوم روسي. وقال بايدن لشبكة “إن.بي.سي نيوز”، “يمكن للأوضاع أن تتدهور بسرعة”.
وقال بلينكن، الذي يزور أستراليا، في مؤتمر صحفي، “نحن في مرحلة يمكن أن يبدأ فيها الغزو في أي وقت، ونقول بوضوح، إن هذا قد يحدث خلال الأولمبياد”.
وتختتم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين يوم 20 فبراير.
أضاف بلينكن، “الأمر بمنتهى البساطة، أننا ما زلنا نرى مؤشرات مقلقة للغاية على تصعيد روسي، بما في ذلك وصول قوات جديدة إلى الحدود الأوكرانية”.
كانت روسيا حشدت بالفعل أكثر من 100 ألف جندي قرب أوكرانيا، وبدأت هذا الأسبوع مناورات عسكرية مشتركة في روسيا البيضاء المجاورة ومناورات بحرية في البحر الأسود.
وتنفي موسكو أي نية لغزو أوكرانيا، لكنها توضح أنها ربما تلجأ لاتخاذ إجراء “عسكري تقني” لم تحدده في حالة عدم تلبية مجموعة من المطالب، من بينها وعد من حلف الأطلسي بعدم ضم أوكرانيا مطلقا وسحب قواته من شرق أوروبا.
وقال الغرب إن المطالب الرئيسية غير منطقية ولا يمكن تلبيتها، وقدم الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي ردودا مشتركة هذا الأسبوع، قائلَين إن الدول الأعضاء في الحلف والاتحاد اتفقت على التحدث بصوت واحد. وقالت وزارة الخارجية الروسية، الجمعة، إنها طلبت ردودا بصورة منفردة من كل دولة على حدة، ووصفت الرد الجماعي بأنه إهانة.
وأضافت الوزارة، “لا يمكن النظر إلى هذه الخطوة من منظور آخر سوى أنها علامة على انعدام الأدب الدبلوماسي وعدم احترام طلبنا”.
وشرعت عدة دول غربية في مساعي دبلوماسية هذا الأسبوع، لإقناع روسيا بالتراجع، لكن موسكو تجاهلتها، ولم تقدم أي تنازلات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي زار روسيا يوم الإثنين وسخرت علانية من وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس التي وصلت يوم الخميس.
ولم تثمر محادثات رباعية في برلين بين روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا عن خطوة واحدة للأمام يوم الخميس، كانت المحادثات جزءا من عملية سلام طويلة الأمد في الصراع بين أوكرانيا وانفصاليين مدعومين من روسيا.
قالت باريس وكييف إن الوفد الروسي طلب من أوكرانيا التفاوض مباشرة مع الانفصاليين، وهذا المطلب “خط أحمر” ترفضه أوكرانيا منذ بدء الصراع في 2014.
وقال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، “إذا وافقت أوكرانيا على ذلك، سيتغير موقف روسيا من طرف في الصراع إلى وسيط فيه”.
حوار بين أبكم وأصم
قالت شركة ماكسار تكنولوجيز، التي مقرها الولايات المتحدة وترصد حشود القوات الروسية منذ أسابيع، إن صورا التقطت يومي الأربعاء والخميس تظهر موجات انتشار جديدة للقوات في غرب روسيا وروسيا البيضاء وشبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014.
رصدت ماكسار 550 خيمة عسكرية جديدة ومئات المركبات في مطار بالقرم وقوات إضافية ومركبات عسكرية وطائرات هليكوبتر في مطار في روسيا البيضاء على بعد أقل من 25 كيلومترا من الحدود الأوكرانية وانتشار ضخم جديد للقوات في غرب روسيا على بعد حوالي 110 كيلومترات من الحدود.
وتقول روسيا، إن من حقها تحريك القوات على أراضيها وفق رؤيتها الخاصة، وإنها لا تشكل أي تهديد للخارج.
ووحدت معظم الدول الغربية موقفها من خلال التهديد بفرض عقوبات اقتصادية على موسكو في حالة غزو أوكرانيا، لكن تباينت آراؤها بشأن ما إذا كان التهديد فوريا أو سريعا.
وحذرت واشنطن ولندن من أن الغزو قد يحدث في غضون أيام، فرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يصف الأيام المقبلة بأنها أخطر لحظة في أكبر أزمة أمنية تشهدها أوروبا منذ عقود.
وعلى طرف النقيض يقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يعتقد أن روسيا ليس لديها نية لغزو أوكرانيا، لكنها تريد تغييرات في الترتيبات الأمنية الأوروبية، وعملية السلام الحالية التي تقودها فرنسا وألمانيا لإيجاد حل للصراع الانفصالي في أوكرانيا.
وأيا كانت النوايا، فقد ردت موسكو بموقف رافض لكل الضغوط الغربية، وانتشرت صور ماكرون على الإنترنت هذا الأسبوع وهو جالس بعيدا جدا عن بوتين عند طرف الطاولة الضخمة في الكرملين، وكان الأمر موضع سخرية على نطاق واسع.
وقال الكرملين، إن التباعد كان ضروريا، ذلك لأن ماكرون رفض اختبار كوفيد-19 يجريه أطباء روس، وقال مسؤولون فرنسيون إن جدول ماكرون لم يترك فسحة من الوقت لانتظار نتائج الاختبار، وقال مصدران فرنسيان أيضا إن مكتب ماكرون كان يساوره القلق من حصول موسكو على الحمض النووي لرئيس فرنسا.
وفي مؤتمر صحفي مشترك بين وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، ونظيرها الروسي سيرجي لافروف، تحولت تراس إلى مادة للسخرية في العلن، عندما وصف لافروف المحادثات معها بأنها “حول بين أبكم وأصم”.
واستشهد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الجمعة، بزلة لسان واضحة من تراس، والتي صححها سفيرها بعد أن أشار لافروف إلى منطقتين روسيتين أخذتهما الوزيرة على محمل أنهما منطقتان من أوكرانيا، معتبرا ذلك دليلا على نقص الفهم لدى الحكومات الغربية.
وقال مسؤول بريطاني، إن تراس بمنتهى البساطة لم تسمع بوضوح ما قاله لافروف، وأضاف المسؤول أن توصيف بيسكوف للموقف هو “مجرد هراء ودعاية روسية معروفة من القدم”.