بدأ سريان العمل بأمر الدفاع رقم 35،بحكم مبرر فرضه واقع كوفيد 19 والحاجة لحماية صحة الانسان، لكنه يثير إشكالية تتمثل في مساسه بحقوق أساسية كفلها القانون، كالحق في الإجازة السنوية، والعلاوات، والتمكين من الوصول إلى الخدمات، فكيف يمكن الموزانة بين حقوق واجبات فرضتها قوانين دون المساس بها؟
جوهر أمر الدفاع الجديد عدم السماح للموظفين سواء للقطاع العام او الخاص الالتحاق بعملهم الا اذا تلقوا جرعتي مطعوم كوفيد 19، وحتى طالب الخدمة من منشآت القطاع الخاص والعام مطالب بهذا الشرط. ما يجعل الموازنة بين مبرر الحماية من الوباء وايفاء الناس حقوقها بموجب أمر الدفاع 35 محكوما بعلاقة عكسية في حال الالتزام بأحدها يضعف الاخر.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه خبراء قانونيون أنه من حق الحكومة اتخاذ إجراءات تشجع الناس على تلقي اللقاح، دون حرمان الناس من الوصول الى حقوقها الاساسية لانها لم تأخذ المطعوم، يرى آخرون أن التوجه الذي اعتمده البلاغ رقم 35 ينسجم مع القواعد القانونية والمعايير الدولية في حماية العاملين ومواقع العمل.
ومع بدء سريان العمل بأمر الدفاع 35 ، أطلق ناشطون حملات الكترونية تعترض عليه حيث تصدر على مدى يومين هاشتاغ “أرفض-أمر-الدفاع- 35” تطبيق تويتر وكذلك اصبح رائجا على الفيسبوك.
وكان صدر في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني “نوفمبر” الماضي أمر الدفاع رقم (35 ) لإلزام موظف القطاع العام أو العامل في منشآت القطاع الخاص تلقى جرعتي مطعوم كوفيد- 19، وإلا لا يسمح له بالالتحاق بالعمل وتحسم الأيام التي لا يسمح له بالدوام أو العمل فيها من رصيد اجازاته السنوية، وفي حال استنفاد رصيد اجازاته السنوية يعتبر في إجازة بدون راتب وعلاوات ولا يستحق خلال تلك الفترة أي راتب أو علاوة أو مكافأة، كذلك وضع أمر الدفاع ذات الشرط على كل شخص تجاوز الثامنة عشرة من عمره حول مراجعة أي من الوزارات أو الدوائر الحكومية أو المؤسسات الرسمية أو المؤسسات العامة أو الدخول لأي من منشآت القطاع الخاص، مع بعض الاستثناءات لمن يراجع المستشفيات والمراكز الصحية في الحالات الطارئة.
كذلك يعاقب أمر الدفاع الموظف الذي يسمح بدخول أي موظف أو شخص إلى مؤسسات القطاع العام بعقوبات تأديبية في نظام الخدمة المدنية وأغلاق منشأة القطاع الخاص في حال مخالفة أمر الدفاع، فضلا عن فرض غرامات على منشآت القطاع الخاص.
الناشطة في مجال قضايا حقوق الإنسان والعمال، المحامية هالة عاهد قالت “من حق الدولة في اطار سيطرتها على هذا الوباء ان تطلب شهادات فحص كورونا لا ان تشترط وصول الناس الى حقوقهم بشهادة مطعوم، من الممكن جدا ان يبرز شخص شهادة الحصول على المطعوم وان يكون مصاب في نفس الوقت”.
المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبدالعزيز تؤكد انه من حيث المبدأ من حق الحكومة اتخاذ الاجراءات التي تشجع الناس على تلقي اللقاح من اجل الوقاية والوصول الى المناعة المجتمعية، وقانون الصحة العامة يعطيها هذا الحق ولكن هناك اشكاليات بتطبيق امر الدفاع 35 حيث ان قانون الصحة العامة يرتب عقوبة جزائية على من يرفض تلقي المطعوم لكن لا يجب حرمان الناس من الوصول الى حقوقها الاساسية لانها لم تأخذ المطعوم”.
وتبين عبد العزيز ان اجبار الناس على اللقاح قد يدفع الناس الى ممارسات غير سليمة مثل التزوير ومحاولات التحايل، مؤكدة “نحن في الاردن لم نبذل الجهد الكافي لنشر الوعي خاصة في ظل تضارب تصريحات الجهات الحكومية حول ازمة كورونا وتداعياتها وكذلك تناقض الاجراءات الحكومية في هذا الشأن مثل السماح بالحفلات مثلا، ما اضعف ثقة الناس بجدية الحكومة في مواجهة كورونا”.
وقالت عبد العزيز “في الدول التي منعت الناس من دخول المنشآت دون تلقي اللقاح وفرت بدائل الكترونية خاصة في قطاعات العمل والخدمات الحكومية ولكن نحن لم نوفر ذلك”.