في كل صباح من صباحات يوم الجمعة، يلتف بعض المارة حول بسطة صغيرة جدا في أحد زقاق سوق مشهور في وسط العاصمة عمان المعروف بسوق العجائب أو “الحرامية”، يقلبون عملات قديمة ويلقون بها على البسطة، وينفضون الغبار عن دساتير رصاصية وصخور قديمة منحوتة عليها نقوش غريبة وسعف نخيل، والأخطر من كل ذلك لأن بعضها منحوتة عليه اثنتان من أبرز الرموز اليهودية وهما “الشمعدان السباعي” والنجمة السداسية.
هؤلاء المارة لا يكترثون كثيرا بتفاصيل تلك الحجارة والقطع المعدنية وبعض دفاتر قديمة مهترئة، لأن أسعارها الملتهبة ستلتهم كل ما في جيوبهم المثقوبة، وسط استغراب وامتعاض بعضهم من وجود تماثيل فرعونية وقطع نقدية ذهبية وفضية وحجارة سوداء تتسيدها النجمة السداسية أو الشمعدان يهودي، والأخير يعطي شرعية للمزاعم الصهيونية بأحقية اليهود بالأرض العربية.
وثمة واقع غريب يمارسه أصحاب هذه البسطات، بدءا من مراقبة الزبون وهو يقلب بضاعتهم ويشتري منها وصولا الى عقد اتفاقيات سرية لتهريب تلك البضائع الأثرية الحقيقية الى دول مجاورة.
ومن هنا، وعلى مدار شهرين متواصلين، سعت “الغد” إلى رصد تحركات وأنشطة أصحاب هذه البسطات الخشبية الصغيرة “المشبوهة”، على الرغم من تغير ملامح وجوه أصحابها أو احجام بسطاتهم، الا ان ما تحتويه من بضائع تفتح شهية بعض المهووسين بجمع القطع الأثرية والمسكوكات المعدنية الفضية والذهبية غالية الثمن ونادرة الوجود.
ومع مرور الوقت، تحولت معدّة التحقيق الى زبونة دائمة لدى بعض بائعي هذه البسطات، بعد أن غيرت من ملامح شكلها الخارجي وطريقة كلامها، للكشف عن سلسلة أعمال “غير قانونية”، أبطالها سماسرة وتجار وممتهنو التنقيب ممن يطلق عليهم شعبيا مسمى “النبيشة”، الذين يمارسون أنشطتهم المشبوهة في وضح النهار وأمام أعين المارة والسلطات الرقابية.