في الوقت الذي يشكل فيه الوقف التعليمي ذراعا استثمارية مهمة لدعم العملية التعليمية، يبقى السؤال هل سيتمكن هذا الوقف منفردا او بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم من بناء 600 مدرسة خلال 10 سنوات، وبواقع 60 مدرسة سنويا، وفق الحاجة التي كانت أعلنت عنها وزارة التربية والتعليم مؤخرا.
في هذا الصدد، يقول رئيس وقفية التعليم حمدي الطباع إن الوقفية تعد ذراعا مساندة لوزارة التربية والتعليم لمواجهة التحديات التي يعاني منها القطاع، والتي ضاعفتها جائحة كورونا، لافتا إلى أن الوقف التعليمي موجود تاريخيا ودعت إليه غالبية الأديان السماوية.
واضاف الطباع الثلاثاء، إن وقفية التعليم تعد من أهم المبادرات الوطنية في مجال دعم العملية التعليمية التي اطلقت العام 2018 حيث تم بناء مدرستين، إحداهما في منطقة عين الباشا والاخرى في المفرق.
وبين أن دور الوقف التعليمي يتعاظم الآن في ظل جائحة كورونا التي شكلت عبئاً إضافيا على الوزارة؛ نتيجة انتقال أعداد كبيرة من طلبة القطاع الخاص إلى الحكومي، ما استدعى تحويل عدد كبير من مدارسها إلى نظام الفترتين.
وبين أن الوقفية ستكون بمثابة الذراع الاستثمارية الأهم للوزارة، بهدف توفير البيئة التعليمية المناسبة للطلبة، في مجالات العملية التعليمية التعلّميّة كافة.
ولفت الى أن مجلس الوقفية الذي اجتمع الخميس الماضي، يتكون من وزارتي الاوقاف والمقدسات الاسلامية، والتربية والتعليم، واعضاء من القطاع الخاص، درس إقرار النظام الداخلي للوقفية ومناقشة إمكانية تنفيذ حملة إعلامية لتجذير ثقافة الوقف التعليمي من خلال خطة توعوية.
وأوضح أن الحاجة الفعلية لوزارة التربية والتعليم ما قبل جائحة كورونا هي 600 مدرسة للعقد المقبل، أي ما يعادل 60 مدرسة سنويا، لمواكبة النمو الطلابي، مؤكدا ضرورة تجذير ثقافة الوقف التعليمي في المجتمع، تفعيلا للشراكة المجتمعية بين القطاعين الحكومي والخاص.
ولفت إلى أن الوقف لا يعني أراضي فقط بل تحمل نفقات بناء مدارس أو ترميم أخرى، خاصة في المحافظات أو تجهيزها، لافتا إلى أن هناك أراضي حكومية مخصصة للتربية يمكن للوقف أن يتحمل إنشاء أبنية مدرسية عليها.
واكد انه في العام المقبل ستتماشى خطة الوقفية مع متطلبات الوزارة، من حيث إنشاء رياض الأطفال وغيرها، مشيرا الى ان حملة التوعوية حول الوقف التعليمي والشراكات المجتمعية ستنطلق غدا في سائر مديريات التربية والتعليم، لتبدأ في مديرية تربية الزرقاء الاولى، بغية تجذير ثقافة الوقف، ولبيان أهميته ودوره في النهوض بالعملية التعليمية.
بدورهم أكد خبراء تربويون في أحاديثهم أن “الوقف التعليمي لن يكون بديلا عن دور الحكومة بدعم قطاع التربية والتعليم، ولكنه يشكل إضافة نوعية للدعم الحكومي”.
وبينوا أن إنشاء مدارس عبر الوقف التعليمي سينهض بالعملية التعليمية التربوية بسائر مكوناتها، اضافة إلى مساهمتها بتغيير الصورة النمطية للوقف، بحيث يصبح أعم وأشمل، بحصول قطاع التعليم على نصيبه المناسب من الوقف، لافتين الى ضرورة تثقيف وتوعية فئات المجتمع بأهمیة الوقف التعلیمي والشراكة المجتمعیة في دعم التعلیم.
كما أكدوا الأثر الإيجابي لمثل هذه المبادرات على التربية والتعليم، كونها تساهم بدعم العملية التعليمية في مراحلها المختلفة، وتمكن من تجهيز المدارس والمختبرات باحتياجاتها من الأجهرة والمستلزمات العلمية الحديثة.
واقترحوا إعادة طرح فكرة “القرش الخیري” لدعم التعلیم، على غرار فلس الریف، والتوجه نحو بناء مدارس حكومية أهلية، ووضع خطة اعلامية إجرائية للحث على الوقف التعليمي، وعقد شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، بهدف إنشاء أبنية مدرسية.
وكان قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021 أظهر زيادة في موازنة وزارة التربية والتعليم بنسبة 6.5 %.
وحسب الموازنة المقدرة للعام 2021، بلغ مجموع النفقات الجارية والرأسمالية 1.56 مليار دينار مقارنة بـ991.607 مليون دينار لموازنة 2021.
وقال وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور محمد الوحش إن ثقافة التبرع تعد صفة حميدة لأي عمل خيري، وثقافة يجب نشرها وتعزيزها من ناحية التعاون والتكافل الاجتماعي.
وأضاف الوحش لـ”الغد” أن ثقافة بناء مدارس بوساطة الاهالي في الأرياف والقرى في السنوات الماضية كانت رائجة بشكل كبير، على عكس ما هو سائد في المدن الكبيرة.
وبين أن إنشاء مدارس وقفية سينهض بالعملية التعليمية التربوية بسائر مكوناتها، لكنه لن يغطي الحاجة الفعلية لوزارة التربية والتعليم، ولذا لا يمكن التعويل عليه كثيرا، لافتا إلى أن متطلبات بناء المدارس ليست مجرد أرض أو بناء غرف، بل تحتاج إلى مواصفات وتجهيزات تقنية.
وأكد أن بناء المدارس يجب أن يبقى من مسؤولية الدولة، وخاصة في ظل وجود مخصصات مالية لها في الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى المنح والمساعدات المخصصة لبناء المدارس.
بدوره، قال وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور فايز السعودي إن الوقف التعليمي يعد عنصرا مهما لمعالجة بعض التحديات التي يواجهها قطاع التعليم العام، والتي يتصدرها اكتظاظ الغرف الصفية، واللجوء إلى نظام الفترتين وغيرهما.
واضاف السعودي ان الوقف التعليمي لن يكون بديلا عن دور الحكومة في دعم قطاع التربية والتعليم، لكنه يشكل إضافة نوعية لهذا الدعم، مشيرا الى ان الوقف التعليمي باب مهم من أبواب الإنفاق على التعليم، لذلك يجب العمل على ايجاد آلية من أجل تشجيع التبرع له.
وشدد على أهمية وضع خطة اعلامية إجرائية للحث على الوقف التعليمي، داعيا الى ضرورة توفير شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص تهدف الى انشاء أبنية مدرسية.