قالت السفيرة الفرنسية في عمان، فيرونيك فولاند-عنيني، ان فرنسا أحد المستثمرين الأساسيين والأهم في الأردن وهي المستثمر الاجنبي الأول في المملكة من خارج الدول العربية، بالاضافة الى انها شاركت في جميع عمليات الخصخصة في الاردن منذ 15 عاما، بمخزون استثماري يبلغ مليار ونصف المليار يورو.
وقالت السفيرة في مقابلة خاصة لـ”الغد” بمناسبة اليوم الوطني الفرنسي، ان هناك اهتماما فرنسيا في مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي تقترحها الحكومة الأردنية.
واضافت ان هذه المشاريع لا تزال في بداياتها ولم تطرح الحكومة الأردنية بعد العطاءات المتعلقة بها، ومن بينها مشاريع البنية التحتية والجسور وبناء مدارس مختلفة.
وقالت ان التوسع في مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، هو من أجل تحقيق الازدهار والنمو الاقتصادي في الاردن ما يعود بالنفع على الجميع.
وأكدت، أن فرنسا أكبر داعم ومدافع عن الاردن في الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، مبينة ان فرنسا تتابع باهتمام ما تقوم به الحكومة الاردنية على مستوى الإصلاح الشامل.
وضربت السفيرة، مثالاً حول مدى استفادة الاردن من مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مثل مطار الملكة علياء الدولي، مشيرة الى انه و”بفضل الاستثمار الفرنسي استطاع الاردن أن يمتلك مطاراً بهذا المستوى، كما أن الحكومة تستفيد من عائدات المطار وتوجهها للخزينة وهي مفيدة للاقتصاد الاردني وللشركة الفرنسية. وقالت ان المطار يعتبر أنموذجاً في الشراكة بين القطاعين العام والخاص”.
وأشارت السفيرة، إلى أن الحكومة الأردنية تسعى إلى ترويج واعتماد برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المستقبل، مرجعةً السبب وراء ذلك إلى أن الحكومة تحتاج إلى شركاء في مشروع بهذا الحجم، لذلك تحتاج إلى شراكات مع القطاع الخاص لتنفيذ المشاريع.
وأعطت السفيرة مثالاً بمشروع الناقل الوطني، مشيرة الى ان هذا المشروع تحتاج الحكومة الاردنية إلى شريك لتنفيذه، خصوصاً وأن تكلفته تفوق الملياري يورو، ولذلك يجب تبني نمط الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقالت فيرونيك، إن الاستثمارات الفرنسية بالاردن تركّزت في قطاعات مهمة في الاقتصاد الحقيقي المنتج، مثل محطات تنقية المياه، وإدارة مشروع الديسي، والاتصالات، ومطار الملكة علياء الدولي، وشركة توتال للمحروقات، وهي قطاعات تسهم في تنمية الاقتصاد الاردني، وفق السفيرة.
وقالت إن المشاريع الفرنسية خلقت أكثر من 30 الف فرصة عمل لأردنيين، مشيرة الى انها تسهم في تدريب وتأهيل الاردنيين.
وعلى صعيد الدعم الفرنسي للأردن، قالت فيرونيك ان” الوكالة الفرنسية للتنمية موّلت منذ إنشائها في العام 2006 ولغاية اليوم مشاريع وبرامج تقدر بملياري يورو، في مجالات مختلفة للتنمية، منها تنقية المياه والصرف الصحي، والنقل، والحوكمة، ومساعدات لللاجئين ودعم الفئات الاكثر هشاشة اقتصادياً”.
وبينت ان الدعم يهدف إلى مساعدة الاردن على مواجهة الموجات المتلاحقة من اللاجئين، التي تشمل السوريين منهم والدعم الدائم وغير المنقطع لـ”الأونروا”، ومواجهة الازمات التي يتعرض لها وتحقيق التنمية المستدامة بحسب السفيرة.
وقالت السفيرة انه بالقياس بمدى انخراط فرنسا على مستوى الدعم والاستثمارات في الاردن، فحجم التبادل التجاري بين البلدين ما زال متواضعاً، إلا ان هنالك زيادة في الصادرات والواردات بين البلدين رغم جائحة كورونا.
وثمّنت السفيرة سعي الحكومة الاردنية من أجل تحقيق انتعاش اقتصادي وديمقراطي، خصوصاً بعد إطلاق اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، مؤكدة ان هذه اللجنة جاءت في توقيتها الصحيح.
وأضافت فيرونيك، ” فرنسا ليست الوحيدة التي تتابع خطوات الاصلاح في الاردن، قائلة” نتابع باهتمام شديد قيام الحكومة بإصلاح على المستوى الديمقراطي، والمستوى الاقتصادي لتحسين مناخ الاعمال في المملكة”.
وعلى صعيد متصل، تحدثت السفيرة عن تأثر المشاريع الفرنسية في الاردن، بعد حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية، وقالت، “يؤسفني أن تكون هنالك دعوات للمقاطعة”.
وأضافت ” تصريحات الرئيس الفرنسي تم تشويهها وتعرضت لحملة الكراهية، ويجب علينا ان نعمل على تهدئة الامور، لأن المسلمين الفرنسيين هم مواطنون مثل الاخرين يتمتعون بحرية العبادة كما يتمتع بها المجتمع المدني في فرنسا”.
وقالت السفيرة ان “المشاريع الفرنسية تأثرت بعد حملات مقاطعة المنتجات الفرنسية، كما تأثر الفرنسيون في الاردن من الناحية النفسية، وتراجعت مبيعات المنتجات الفرنسية بعد سوء الفهم الذي حصل، وهدفنا أن نبين حقيقة الامور وإزالة سوء الفهم وتوضيح حقيقة الوضع”.
وحول العلاقات الأردنية الفرنسية، قالت، “هي علاقات قديمة تعود لمائة عام، منذ نشأة الدولة الاردنية، وانتهز فرصة الاحتفال بمئوية الدولة الاردنية لأتقدم للشعب وقيادته بأمنيات التقدم والازدهار”.
وعلى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين، أكدت أنها تشهد تطابقاً وتقارباً في وجهات النظر حول معظم القضايا الكبرى في المنطقة سواء القضية الفلسطينية أو استقرار الأوضاع في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
وعلى مستوى العلاقات المتعددة الاطراف، قالت، “نشترك مع الأردن في تمسكنا وحرصنا على تعددية الأطراف في العلاقات الدولية، والاردن جزء من تحالف من أجل تعددية الاطراف الذي أنشأته فرنسا وألمانيا، ونشترك في الكثير من القضايا التي تتعلق في المناخ ومكافحة الارهاب والبيئة وقضايا أخرى عالمية”.
ويأتي هذا الحرص على الادارة المشتركة للقضايا الدولية التي تهم العالم، وتتجلى في الطريقة التي نعمل فيها معا في مواجهة أزمة فيروس كورونا، وفق السفيرة.
وأشارت، الى أن مواجهة أزمة كورونا لا يمكن أن تنجز إلا من خلال العمل المشترك وبرامج مشتركة مثل برنامج “كوفاكس” وهو الآلية العالمية لتأمين لقاحات للدول النامية الذي أطلقه الاتحاد الاوروبي واستفاد الاردن منه.
وبينت، أن العلاقات بين الدولتين لا تنحصر في المبادئ السياسية الكبرى والتي هي موضع حوار ونقاش مستمر بين وزيري خارجية البلدين، مؤكدةً أن العلاقة كانت ممتازة خلال العشر سنوات الاخيرة، وحالياً هي علاقات مميزة، وهنالك تواصل دائم بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، وكذلك هنالك حوار دائم بين وزيري خارجية البلدين، وهذه العلاقات تندرج في إطار مجموعة عمان التي أنشأت قبل عام ونصف.
وأكدت وجود تنسيق أردني فرنسي حول مختلف القضايا الاقليمية، وحول سوريا، قائلة “نأمل بوجود حل سياسي يحترم حقوق الشعب السوري وحقوق الانسان في سوريا”.
وحول القضية الفلسطينية، قالت السفيرة “لدينا حوار مستمر في الاردن من خلال مجموعة عمان وندعم حل الدولتين واستئناف الحوار السياسي بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وهناك توافق مع الموقف الاردني وندعم ما يقوم به الاردن”.
وحول أهمية يوم العيد الوطني الفرنسي، قالت، انه هو يوم مهم جدا بالنسبة لنا، حيث يتوجه رئيس الجمهورية بخطاب للشعب الفرنسي يقدم فيه حصيلة العام المنصرم للتعليق على الاحداث وهو خطاب تقليدي يرسم افاق العام القادم.
ويعتبر العيد الوطني الفرنسي بحسب السفيرة، “لحظة مهمة للشعب الفرنسي للتجمع والاحتفال، لكن وبسبب الظروف الصعبة التي نمر بها بجائحة كورونا لن نتمكن من إقامة احتفال كبير في الأردن كما جرت العادة، وسننظم احتفالا رقمياً سيبث العديد من الفعاليات أسميناه 14 تموز الرقمي”.
وقالت ان العيد يعد فرصة للتعبير عن الامتنان للأشخاص، الذين يبذلون جهودا للحفاظ على صحة الجميع من الكوادر الطبية أو الاشخاص المنخرطين في حملة التطعيم.
وحول الحضور الفرنسي في الاردن، قالت، لدينا علاقة قديمة مع الشعب الاردني تدعمها مجموعة من المؤسسات، من خلال السفارة التي تعمل على العديد من القضايا التي تتعلق بالثقافة والجوانب الاجتماعية والاقتصادية.
واضافت السفيرة “لدينا في جبل اللويبدة أقدم معهد فرنسي في المنطقة الذي أسس عام 1963، ويساهم في تنشيط الحياة الثقافية في عمان منذ أكثر 60 عاما، وهنالك المعهد الفرنسي للشرق الأدنى الذي يعمل من خلال باحثين وعلماء اجتماع وعلماء اثار ومهندسين معماريين منذ سنوات طويلة لنشر دراسات وأبحاث مرجعية حول تاريخ الاردن وفق السفيرة.
وقالت انه “لدينا المدرسة الفرنسية الدولية في عمان، التي تضم مئات الطلبة الاردنيين وتحظى بنجاح عال نتيجة جودة التعليم الذي تقدمه، وهنالك برنامج تعاون مع الجامعات الفرنسية يُمكّن طلبة اردنيين من مواصلة الدراسات العليا في فرنسا، وأكدت أن الجانب الفرنسي منخرط في مجال التأهيل المهني للشباب الاردني”.
وحول أجمل المناطق في الاردن التي تنصح أصدقاءها الفرنسيين بزيارتها، قالت السفيرة،” منطقة أم قيس لوجود حضور جغرافي وتاريخ قديم وهو موقع فائق الجمال”.