-عاملون في المجال الطبي يصفون حالة الرعب والخوف جراء تعاملهم اليومي مع النفايات الخطرة.
-حارقتان وخمس شركات تعمل على معالجة النفايات الطبية حراريا في المملكة.
كتبت : آية الجعفري – صدى الشعب
من أكبر التحديات التي واجهت القطاع الصحي خلال جائحة كورونا، مشكلة التعامل مع النفايات الطبية وكيفية التخلص منها ، لخطورتها وما قد تسببه من نقل العدوى للإنسان والبيئة، بسبب سميتها واحتوائها على الاشعاعات, وخاصة في ظل عدم وجود بروتوكولات طبية تضع حلولا مناسبة للحدِّ من مخاطرها على حياة الناس وحماية البيئة ومصادرها مثل التربة والمياه والهواء.
وضعت جائحة كورونا القطاعات الطبية في حيرة بعد أن ثبت زيادة الكميات الكبيرة من النفايات سواء في المستشفيات والعيادات ، وأجنحة المراقبة ، وأجنحة العزل ، وغرف الفحص الخاصة ، والمختبرات الطبية، والنفايات في المنازل ،فكان يتم التخلص منها بطرق بدائية تزيد من نسب التلوث بالفيروسات والاشعاعات والكيماويات دون معرفة بكيفية اخراج المخلفات الطبية من غرف عزل المرضى، وكيف تتم، وأين سيؤول مصيرها ؟
وأكدت الدراسات ان معظم نفايات المستشفيات هي مواد أو أشياء بيولوجية معدية، ملوثة؛ تتضمن أشياء معدية مثل المنسوجات والضمادات والمحاقن والأشياء الأخرى المعرضة للعدوى من خلال الاتصال مع المرضى، وأدوات جراحية وغيرها من الأدوات المستخدمة أثناء العمليات، كل ذلك يطرح تساؤلات عديدة حول آلية التخلص من النفايات الطبية، وفي مقدمتها : كيف يمكن تصنيف النفايات الطبية من كونها خطرة أم غير خطرة ؟
النفايات الطبية وكيفية التعامل معها
يقول رئيس وحدة الصحة العامة في مستشفى البشير مالك النجيلي ، إن الاجهزة الطبية اتبعت في إدارتها لملف النفايات الطبية التعليمات الصادرة عن قانون الصحة العامة لعام ٢٠٠٨ وتعديلاته ، حيث يتم فرز النفايات الطبية بثلاثة أكياس : أكياس باللون الاصفر تحتوي على النفايات الطبية وهي كل شيء ملوث بسوائل الجسم أو بوجود الدم ، وأكياس سوداء تحتوي على مخلفات ورقية وتسمى المخلفات المنزلية ، وأكياس حمراء يتم من خلالها وضع النفايات الكيماوية التي تحتوي على نفايات علاجية لمرضى كورونا كونها نفايات مُعدية.
ويعتبر أن من أكبر الأخطار المحتملة أثناء العمل عملية الوغز للعمال الذين يقومون بالتخلص من النفايات الطبية، وفي حال وقعت إصابة مباشرة يتم طلب مطعوم التهاب الكبد الوبائي فوراً ويتم معالجته مباشرة .
الممرض محمد الرزي من المستشفى الإسلامي يتحدث عن تجربته في هذا المجال عندما يتعامل مع مرضى كوفيد-١٩ في قسم العزل قائلا : يتم التخلص من النفايات الطبية الحادة في وعاء خاص للنفايات الحادة مثل : الإبر وغيرها ، أما عن النفايات الصلبة الأخرى الملوثة غير الحادة فيتم وضعها في سلة نفايات ذات لون أحمر مميزه وخاصة لغرف العزل والنفايات التي يجب التخلص منها بطريقة تمنع نقل العدوى عن طريق هذه النفايات، وكذلك أغطيه المرضى التي تذهب للمصبغة حيث توضع في أكياس حمراء اللون؛ ليتم التنبيه الى أنها أتت من غرف العزل ليتم التعامل معها بطريقه خاصة وتعقيمها ثم اعادتها للقسم لإعادة استعمالها مرة أخرى .
أما الممرضة أسيل سلامة في المستشفى التخصصي فتبين: ” نحن نضع بكل مكان أكياس باللون الاحمر وهناك عمال مختصون إذ يقومون بإغلاق الأكياس بطريقة غير قابلة للفتح مرة أخرى ويتم التخلص منها بطريقه معينة “.
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن العاملين في الرعاية الصحية ينبغي أن يتلقوا تدريبا جيدا سواء خلال أخذ عيّنات ممسوحة أنفية أو بلعومية من المرضى المصابين بكورنا أو المشتبه بهم ، أو من خلال الاجراءات الشخصية التي يتخذونها عند ارتداء الملابس الخاصة التي يجب أن تكون نظيفة والنظارات الواقية والقفازات، والتي تقلل من مخاطر العدوى من النفايات الطبية التي تظهر مثل المعادن الثقيلة أو الكلور، وانتشار المواد السامة في الغلاف الجوي ،التي تنبعث بسبب درجات الحرارة العالية أثناء عملية الحرق أو عدم كفاية مراقبة الانبعاثات.
توضح منسقة وحدة ضبط العدوى في مستشفى البشير سوزان حرب : ” ان العاملين في مجال التخلص من النفايات الطبية يجب أن يحصلوا على مطعوم التهاب الكبد ب ، قبل مباشرتهم في العمل لانهم قد يتعرضون الى إصابة عمل من وخز أي أداة حادة ،لذلك يتم التأكد من حصوله على المطعوم وإذا لم يأخذه يتم سحب عينات للالتهاب الكبد (ويتم ارساله للطبيب الجهاز الهضمي وبعدها يتم المتابعة مع العامل لمدة 3 اشهر . “b-c-HIP)
حالة خوف دائمة لدى العاملين بالتخلص من النفايات الطبية
حالة الخوف التي يعاني العامل (معتز) جعلته يصف الوضع بقوله ” والله كل يوم ايدي على قلبي وأدعو ربي أروح عند ولادي وعيلتي بخير وسلامة “..
ولا يخفي ما يعانيه من تعب وجهد أثناء عمله اليومي الروتيني في المستشفى لجمع نفايات مرضى كورونا “نحن في حالة قلق دائم أمام مرض جديد لا نعرف التعامل معه ولا مع أدواته” .
وأثبتت الدراسات أن النفايات الطبية أول ما تشكل من خطر على الأشخاص الذين يقومون بجمعها، مثل عمال النظافة وعمال مرادم النفايات وعمال معامل ترميد (حرق النفايات) .
عامل اصيب بكورونا أثناء نقل النفايات الطبية.
ويروي محمد خالد أحد العاملين في مستشفى البشير أنه أصيب أثناء جمعه للنفايات الطبية بقسم العزل الخاص بمصابي كورونا، إثر وغز إبرة في أُصبعه وتم التعامل معه وفق إجراءات المستشفى من خلال أخذ مطعوم التهاب الكبد الوبائي، ولأنه لم تحدث أعراض أخرى فقد استكملت عملي لعدم وجود أي اخطار اخرى” .
ويقول (عمر) العامل في جمع النفايات لمرضى كوفيد -١٩ في أحد المستشفيات أنه عند نقله للنفايات الطبية الى حاويات المستشفى أُصيب من وغز إبرة وتعرض لوعكة صحية كان من اعراضها الصداع والتعب العام وارتفاع في درجات الحرارة وتم التعامل معه كباقي المرضى وتم ادخاله الى قسم العزل .
التخلص من نفايات مرضى كوفيد -١٩
وبحسب مديرة إدارة النفايات في وزارة البيئة المهندسة هاجر مجر، فإن طرق المعالجة تتم من خلال استخدام المحارق، مؤكدة وجود حارقتين احداهما بإقليم الوسط ( حارقة البيئة الخضراء/الغباوي) وأخرى في الشمال ( جامعة العلوم والتكنولوجيا) ، وتستخدمان التقنيات الحديثة بنظام الفرم والتعقيم)،مبينة أنه تم ترخيص (5) شركات حالياً تعمل على جمع ونقل النفايات الطبية ومعالجتها حراريا دون حرق .
وتضيف ..أنه وفقا للقانون الإطاري والذي ينظم الأدوار والمسؤوليات المحاطة بكافة الجهات المعنية لضمان ادارة سليمة بيئيا وصحيا للنفايات الطبية، تقوم وزارة البيئة بترخيص المنشآت المعالجة للنفايات الطبية على الأسس التجارية والرقابة عليها بالتعاون مع مديرية صحة البيئة.
أما بخصوص الرقابة وادارة النفايات الطبية داخل منشآت الرعاية الطبية فهي من صلاحيات وزارة الصحة ، وفق مجر، حيث تتولى الوزارة مهمة متابعة إنفاذ التشريعات والتفتيش على منشآت ومرافق إدارة النفايات الطبية داخل مؤسسات الرعاية الصحية وتعمل على اعطاء الموافقة على استيراد اجهزة التعقيم المستوفية الاشتراطات ، فيما تتولى وزارة البيئة مهمة متابعة إنفاذ التشريعات والتفتيش على المنشآت التجارية التي تعالج النفايات الطبية إضافة إلى التفتيش على نواتج معالجة النفايات الطبية في مؤسسات الرعاية الصحية وبالتنسيق مع وزارة الصحة و تتولى ترخيص المنشاة التجارية ومركبات نقل النفايات الطبية ومتابعتها.
ويسرد المدير المسؤول عن أجهزة عملية التعقيم لشركة المدينة للنفايات الطبية والمسؤول عن مستشفيات وزارة الصحة المهندس طارق خضر ، طريقة عمل جهاز التعقيم وهو جهاز من شركة فرنسية ، يقوم بفرم وتعقيم المواد الطبية بمرحلة واحدة .. وتبدأ مرحلة التشغيل من خلال التحميل في مصعد تابع للجهاز ، وبعد إغلاقه ينتقل إلى مرحلة الفرم التي تحتاج تقريباً إلى ١٥ دقيقة تكون درجة الحرارة بين ٦٧-٦٩ ويتم النزول لمرحلة التسخين ، تليها مرحلة التعقيم، ومن ثم التبريد والصرف وسحب البخار والتفريغ وصولاً لنهاية الدورة .
مدير مستشفى البشير الدكتور عبدالمانع سليمات يرى أن الوزارة بالتعاون مع المستشفيات تعامل ضمن الاسس المتبعة مع ملف النفايات الطبية” ولم تقصر” معبرا عن رضاه عن عملية إدارة النفايات في المستشفى.
ويؤكد أن الغرض من إدارة نفايات المستشفيات الحد من خطر الأضرار التي تلحق العاملين في الرعاية الصحية والسكان والبيئة وتقليل الحد من كمية النفايات وأخيراً التخلص منها بطريقة صحية وصديقة للبيئة.
يشار الى ان قانون الصحة العامة الصادرة عن وزارة الصحة ينص على ضرورة التزام المؤسسات الطبية في القطاعين العام والخاص بالنظافة العامة والتخلص من النفايات الطبية السائلة والصلبة الخطرة منها وغير الخطرة تحت طائلة المسؤولية القانونية ،كما نص على عقوبات متفاوتة تتراوح بين الحبس والغرامة.
وحظر قانون حماية البيئة الصادر عن وزارة البيئة ادخال اي نفايات خطرة إلى أراضي المملكة او استيرادها او تخزينها او تداولها او استعمالها او إتلافها او القاءها بأي طريقة وتحدد هذه النفايات بموجب يصدر لهذه الغاية.
كما حظر القانون تجميع اي من المخلفات او الانقاض او الفضلات الصلبة او السائلة او نقلها او القاءها او فرزها او معالجتها او طرحها او حرقها او نبشها او العبث بها او التخلص منها او التصرف فيها بأي وسيلة خلافا للشروط والإجراءات المواقع المعتمدة من قبل وزارة البيئة.