عبدالرحمن البلاونه
تنشط ظاهرة التسول التي يجرمها قانون العقوبات الأردني، ويمارسها الكثيرون، كمهنة مدرة للدخل بأيسر الطرق، ويشكل تواجد المتسولين على إشارات المرور الضوئية، وفي الجزر الوسطية وعلى الارصفة، ظاهرة اجتماعية سلبية ومزعجة ومسيئة، تغزو مدن المملكة الرئيسية، تشوه المظهر الحضاري للمجتمع بشكل كبير ولافت للانتباه، وتؤرق المواطنين .
وينتشر عدد كبير من هؤلاء المتسولين من كلا الجنسين، ومن مختلف الفئات العمرية على اشارات المرور بصور وأشكال متعددة، فمنهم من يتستر خلف بيعه العلكة، ومنهم من يقوم بمسح زجاج المركبات، ومن بينهم نساء يحملن اطفال يرتدون ثياباً رثة، ومنهم من لديه إعاقة جسدية يستغلها لاستجداء عطف المواطنين، مشكلين بذلك خطورة على انفسهم وعلى غيرهم من مستخدمي الطريق، معرضين حياتهم لخطر الدهس عند تسابقهم على المركبات التي تتوقف على الاشارة بشكل مخجل ومعيب.
وتنشط فرق مكافحة التسول التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية بمتابعة هذه الظاهرة من خلال تنفيذ حملات على أماكن تواجد المتسولين ، خاصة عند إثارة هذه القضية عبر المحطات الاذاعية والصحف، حيث يتم فرار بعضهم ، ويتم القبض على آخرين، وتتخذ بحقهم العقوبات التي تكون في معظم الأحيان غير رادعة، مما يشجعهم على العودة إلى ممارسة عملهم الذي امتهنوه بعد فترة قصيرة من الوقت.
وتطورت هذه الظاهرة التي أصبحت في معظم الأحيان تُدار بشكل منظم، من قبل أشخاص يمتلكون الخبرة الكافية، ولديهم عدد لا بأس به من الموظفين ” المتسولين” الذين ينتشرون على إشارات المرور وفي الأسواق والأماكن المزدحمة يستعطفون المواطنين ويستغلون طيبتهم، حيث وصل بهم الأمر إلى تهديد أفراد وحدة مكافحة التسول، والاعتداء عليهم، وعرض الرشوة عليهم أحياناً أخرى، والتواصل بينهم لتحذير بعضهم لمغادرة أماكنهم عند بدء الحملات الأمنية ضدهم.
ان القضاء على هذه الظاهرة مسؤولية مجتمعية مشتركة، تبدأ بتقديم برامج توعية من خلال الإذاعات المحلية، وشاشات التلفزيون، وخطب الجمعة، لكشف خطورة هذه الظاهرة، وحث المواطنين على عدم التعاطف والاستجابة لهؤلاء المتسولين الذين امتهنوا التسول ليس لحاجة، وإنما لأنه من اسهل الطرق للكسب غير المشروع، دون جهد وعناء، وأصبحوا يمتلكون العقارات والمركبات والاستثمارات عن طريق التسول وجمع الأموال بغير وجه حق، ودعوتهم لتوجيه صدقاتهم وما تجود به انفسهم إلى الجمعيات الخيرية المتخصصة بتقديم الدعم والرعاية للمحتاجين، المدرجة اسماءهم في سجلاتها، وتكثيف حملات المكافحة، وتطبيق العقوبات الرادعة بكل جد وحزم.