حافظت الاستثمارات الأجنبية في بورصة عمان على مستوياتها خلال العام 2020 وفي الأشهر المنقضية من العام 2021 وهذا ناجم عن عامل ثقة كبيرة في الاقتصاد الأردني بالرغم من العواصف التي مر بها الأردن نتيجة لجائحة كورونا وللأزمات السياسية والأمنية في الإقليم.
وشــكلت الأســهم المملوكة مــن قبــل غيــر الأردنييــن 50.8 بالمائة مــن إجمالــي القيمــة الســوقية للبورصــة فــي نهايــة شــهر كانــون الثانــي 2021، حيـث شـكلت مسـاهمة العـرب مـا نسـبته 32.3 بالمائة ومسـاهمة غيــر العــرب 18.5 بالمائة مــن إجمالــي القيمــة الســوقية للبورصــة. أمــا مــن الناحيــة القطاعيــة، فقــد بلغــت نســبة مســاهمة المســتثمرين غيــر الأردنييـن فـي الشـركات المدرجـة فـي البورصـة للقطاع المالـي 52.7 بالمائة ولقطــاع الخدمــات 19.3 بالمائة ولقطــاع الصناعــة 64.1 بالمائة.
وهذه الأرقام تشير بلا أدنى شك إلى حرص المستثمر غير الأردني على الاستمرار في الاستثمار في بورصة عمان وتنويع محفظته الاستثمارية في ظل درجة الشفافية والتنظيم العاليين التي تتمتع به بورصة عمان، بالإضافة إلى انخفاض درجة تذبذب الأسعار في البورصة نسبياً، علاوة على الأداء الجيد لعدد من الشركات المساهمة العامة الكبرى وتمكنها من جذب رؤوس الأموال للاستثمار. فالمستثمر الأجنبي سواء كان فردا أو مؤسسة أو صندوقا استثماريا أو حكومة، يتطلع في الغالب إلى الأمان في البيئة الاستثمارية والعائد على الاستثمار. ولا شك أنه يجدهما في بورصة عمان وإلا لما بقيت نسبة ملكية غير الأردنيين محافظة على مستواها تقريبا خلال العام 2020. الاستقرار في الأوضاع السياسية في المملكة يُعد عاملاً مهماً من وجهة نظر المستثمرين الأجانب، بخاصة في ظل استمرار حالة التوتر في الأوضاع الجيوسياسية في بعض الدول المجاورة.
ونعلم أن تداعيات انتشار فيروس وإغلاق القطاعات الاقتصادية والإجراءات التي تم اتخاذها كإجراء احترازي للحد من انتشار الوباء شكلت ظرفاً ضاغطاً على نشاط الشركات في الأردن في مختلف القطاعات وانعكس ذلك على أداء البورصة خلال العام 2020.
فكما تشير البيانات، فقد انخفض الرقم القياسي العام لأسعار الأسهم المرجح بالأسهم الحرة ASE100 لبورصة عمان ليصل إلى 1657.2 نقطة نهاية العام 2020 مقارنة مع 1815.2 نقطة نهاية العام 2019، أي بانخفاض نسبته 8.7 بالمائة. وانخفضت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في بورصة عمان نهاية العام 2020 إلى 12.9 مليار دينار أي بانخفاض نسبته 13.5 بالمائة مقارنة مع القيمة السوقية للأسهم المدرجة في نهاية العام الماضي 2019. وبذلك فإن القيمة السوقية للأسهم المدرجة في بورصة عمان لعام 2020 شكلت ما نسبته 41.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
باعتقادي أن ما تحتاجه بورصة عمان اليوم هو وضع وتطبيق السياسات اللازمة لجذب الاستثمار المؤسسي، وخاصة من خلال صناديق الاستثمار، تمهيداً لعودة السيولة للسوق. ولطالما تحدثنا عن توفير صناع للسوق Market Makers مرخصين في البورصة، ولم نر ذلك على أرض الواقع، حيث أن من شأن ذلك تخفيض التقلبات في الأسعار وتوفير ثقة أكبر في مستويات الأسعار السائدة، والمحافظة على سيولة السوق. كما ولا بد من تعزيز السوق الأولية للأوراق المالية الحكومية (السندات) من خلال توسيع قاعدة المستثمرين، وتنويع أدوات الدين العام، وتشجيع وجود سوق ثانوية كفؤة للأوراق المالية الحكومية.
وتنبع أهمية تنشيط بورصة عمان نظرا لأنها الطرف الثاني في النظام المالي الذي يلعب دور الوسيط في الاقتصاد بحيث يقوم بتحويل المدخرات الوطنية إلى استثمارات تشكل مصدراً أساسياً لتمويل الشركات المساهمة العامة المدرجة في البورصة وبنفس الوقت توفير التمويل للخزينة والقطاع العام والاقتصاد الوطني.