في انتظار ما ستسفر عنه الاتصالات “العائلية” مع الأمير حمزة، يتعين على الجهات الرسمية فعل الكثير لمواكبة الحدث الحساس على مختلف المستويات.
قضية بهذا الحجم تستدعي في هذه المرحلة من التحقيق عقد مؤتمر صحفي يومي لوضع المواطنين بصورة التطورات ونتائج التحقيقات. ما حصل يوم السبت الماضي من غياب للرواية الرسمية وإقصاء للإعلام الأردني يجب ألا يتكرر.
كما ينبغي التفكير بعقد جلسة مغلقة لمجلس الأمة لوضع ممثلي الشعب وأعيانه بصورة التفاصيل الكاملة لمحاولة زعزعة استقرار الأردن. وتنظيم اجتماعات مع ممثلي المجتمع البارزين في مختلف مواقعهم بالمملكة لشرح القضية وأبعادها الخطيرة على الأمن الوطني الأردني.
على المستوى الخارجي، أظهر العالم تضامنا واسعا مع الأردن ومساندة مطلقة للإجراءات التي اتخذها لتأمين أمنه واستقراره، ودعما كاملا لجلالة الملك.
التحدي أمام مؤسسات الدولة حاليا هو تصليب الجبهة الداخلية، وحشد قوى المجتمع الحية خلف القيادة السياسية وجلالة الملك. نحن أمام ملف مفتوح على كل الاحتمالات. الوساطة العائلية ربما لا تفلح في ثني الأمير عن نشاطه السياسي المناوئ للحكم، وقد يتطلب الموقف خطوات لا يرغب بها أحد، وعليه يجب توفير مظلة حماية مجتمعية واسعة لمواجهة كل السيناريوهات.
لقد ارتكبنا على مدار سنوات طويلة أخطاء لا تحصى، في أسلوب إدارة الدولة لعلاقتها مع المجتمع، كلفت المؤسسات والقيادة الكثير، وقد حان الوقت لمراجعة سلوك الدولة السياسي والأمني، وإعادة بناء الاجماع حول الثوابت.
الظروف التي تزامنت مع تفجر القضية صعبة ومعقدة، فالبلاد تعاني من تداعيات الجائحة، والظروف الاقتصادية الصعبة أصبحت مدخلا لاختراق الجبهة الداخلية، والتأثير على ولاء المواطنين المشوش أصلا للدولة، في وقت يعتري فيه الضعف مفاصل مهمة في مؤسسات القرار، وتراجع كبير في سوية رجال الدولة وقدرتهم على الإقناع وإدارة العلاقة مع جمهور غاضب ومحتقن، يخضع يوميا لسيل من الإشاعات والأكاذيب المبرمجة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
إننا في مرحلة أحوج ما نكون فيها لإظهار القدرة على القيادة المبدعة في التعامل مع الرأي العام. وأفضل ما يمكن أن نفعله في هذه المرحلة، هو أن نطلق عملية إصلاح واسعة النطاق، تبدأ بالمجال السياسي، تشعر معها أطراف المعارضة قبل الموالاة، بأنها شريك أساس في مسيرة الدولة والوطن، ونتخلص من إرث سياسي طالما أثقل كاهل الدولة والمجتمع وأفقدها قدرتها على المناورة والانتصار.
إن توسيع قاعدة الشرعية السياسية للحكم ينبغي أن تكون على رأس أولوياتنا في هذه المرحلة. لقد ضاقت اللعبة السياسية في البلاد إلى الحد الذي يجعل المؤسسات معزولة ومنبوذة في نظر الأغلبية، وفي أحسن الأحوال شعور هذه الأغلبية بعدم الاكتراث حيال مصير الدولة.
الأزمات فرصة الدول لإصلاح سياستها وأدواتها، وها هي تتوفر لنا من غير أن نختارها.