بيننا الدستور.. الدولة تحسم في ساعات

 

لا نعرف في الأردن غير الدستور ناظما وحاكما للعلاقة بين النظام والشعب، وبين مؤسسات الدولة، وكل ما يخرج عن الدستور، أو يسعى لتجاوزه هو خرق وتعد على النظام والشعب يقتضي المحاسبة الصارمة.
مضى قرن من عمر الدولة التي تحتفل هذه الأيام بدخول مئويتها الثانية، وفي كل محطاتها التاريخية، خضع انتقال السلطة لقواعد الدستور ونصوصه. الدستور بهذا المعنى كان مصدر الشرعية الوحيد، وهذا ما وفر للأردن الاستقرار والصمود ولنظامه الهاشمي القائم على الركن النيابي الديمومة.
عقود المئوية الأولى لم تكن كلها سنوات استقرار، عشرات المحاولات جرت للانقلاب على الحكم والدستور، لكنها انتهت بالفشل، وظل الدستور والنظام النيابي الملكي الوراثي صامدا.
يخطئ من يظن اليوم وبعد مائة عام أن بالإمكان الانقلاب على تقاليد راسخة، وتسوية حسابات شخصية وتحقيق مطامح ذاتية خارج سلطة الدستور والقانون.
الملك يمثل الشرعية الدستورية، وهو بما له من حقوق وما عليه من واجبات نص عليها الدستور وتوافق عليها أبناء الأمة، عنوان الدولة ورأسها وحامي دستورها، وقائد قواتها المسلحة، التآمر عليه وعلى عرشه خيانة للأمة ودستورها.
استقرار الأردن وصموده ارتبط تاريخيا باستقرار مؤسسة العرش، وأي محاولة للعبث بهذه المعادلة، ستعرض المملكة لحالة من عدم الاستقرار، اختبرناها من قبل، وذقنا ويلاتها، ولن يسمح أردني يوما بتكرارها.
العشرية المنصرمة كانت درسا قاسيا، تعلمنا منها معنى وقيمة الاستقرار والأمن والسلم الأهلي، وشهدنا على دول من حولنا كيف لعبت فيها أصابع الخارج، وتركت شعوبها غارقة بالدم ومشردة في الشتات.
وكل عملية إصلاح وتطوير لنظامنا السياسي، تمت وفق مقتضيات الدستور، لا خارجه، وبتوافق بين مكوناته وبقيادة مؤسسة العرش.
الأردن بموقعه الجيوسياسي، يعد كنزا ثمينا؛ استقراره وثباته أساسي لدول المنطقة والإقليم، لكن في موقع إغراء بالتوظيف والتلاعب لتحقيق مكتسبات لبعض الأطراف، من اتجاهات عدة. عندما يشعر من حولنا أن الأردن قوي بتماسكه الداخلي، ينصاعون للأمر الواقع، لكن عندما تتوفر ثغرة لا يترددون في التسلل منها.
يبدو أن مجموعة واهمة قد راهنت على الأوضاع الاقتصادية الصعبة لبناء حالة يمكن أن تشكل أساسا في المستقبل القريب، لخرق الدستور وخلق حالة فوضى في البلاد، لحسابات خارجية، تسعى لتوظيف تمرد فردي لصالحها.
المعلومات المتوفرة لدى صانع القرار، هائلة وخطيرة وصادمة، قد لا تتوفر الظروف لكشفها كاملة لاعتبارات أمنية وسياسية، لكن جانبا غير قليل منها سيكون متاحا للرأي العام.
المهم في كل ذلك أن مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية كانت تمسك بالخيوط منذ البداية وتتابع التحركات بدقة، وهي التي قررت ساعة الصفر، ووضعت الأمور في نصابها.
شعر الأردنيون أنها ساعات ثقيلة، لكنها كانت كافية لحسم القصة، ويبقى لنا أن نتابع تداعياتها وفصولها وما ستلقيه من ظلال على المشهد الداخلي الأردني في مقبل الأيام.
بالنتيجة الأردن وكعادته تغلب على المكيدة وخرج سالما قويا.

أخبار أخرى