لنا تجارب عريقة في الحوار الوطني حول قانون الانتخاب “الذي نريد” وفي أرشيف الحكومة والنواب مجلدات من الاقتراحات ومشاريع القوانين، وفي السنوات الثلاثين الماضية اختبرنا أشكالا متنوعة من الأنظمة الانتخابية لا حصر لها، لكننا وبعد كل موسم انتخابي نعود للحديث عن الحاجة لتغيير قانون الانتخاب.
ينبغي ألا تغيب هذه التجارب عن بالنا ونحن نتجه اليوم لجولة جديدة من الحوار حول تعديلات قانون الانتخاب. قانون الأحزاب مشمول بالجولة لكنه لا يحظى بنفس الاهتمام نظرا لعدم وجود تباينات جوهرية حوله.
المهم، مجلس النواب ينوي إطلاق حوار حول قانون الانتخاب، وهو لغاية الآن لم يحدد شكل الحوار وآلياته، وقد يكلف إحدى لجانه بالمهمة أو يشكل لجنة خاصة لإدارة الحوار.
حوار النواب سيكون أقرب لجلسات الاستماع، وتلخيص المقترحات المقدمة من الاحزاب وأصحاب الاختصاص، ووضعها على طاولة الحكومة للاستئناس بها عند صياغة التعديلات على القانون.
الحكومة هي صاحبة الاختصاص والتكليف بهذه المهمة، ومن المنتظر أن تتخذ في غضون الأيام المقبلة خطوات عملية لإدارة حوار منضبط يفضي إلى التفاهم على صيغة توافقية.
وأيا تكن الآلية التي ستعمل فيها الحكومة، فهى ليست مضطرة لعقد ندوات حوارية مطولة أو تشكيل لجان على غرار ما حصل في السابق. الأفكار والمقترحات متوافرة وبكثرة، ووسائل الاعلام ومنصات التواصل لن تدخر جهدا في عرض وجهات النظر المختلفة حول القانون.
والتكليف الملكي للحكومة واضح ومفصل بهذا الشأن وقد عرضه جلالة الملك في مقابلته الأخيرة مع وكالة الأنباء الأردنية ويشكل بمجمله المبادئ التي يستند إليها التعديل المطلوب على قانون الانتخاب.
ووفق تقديرات متداولة من المرجح أن يتركز النقاش في أروقة القرار الرسمي على صيغة لنظام انتخابي تشبه الصيغة التي جرت على أساسها انتخابات 2013، أي قائمة على مستوى الوطن إلى جانب الصوت الواحد. الاختلاف سيكون في شكل القائمة إذ يميل الكثيرون إلى نظام القائمة الوطنية المغلقة، وبموجب هذا التصور يمنح الناخب صوتين، صوت للقائمة الوطنية، وصوتا لمترشح فردي على مستوى الدائرة الانتخابية، على ألا تقل حصة القائمة عن ثلث مقاعد المجلس.
لا نية على ما يبدو لإجراء أي تغييرعلى نظام تقسيم الدوائر الانتخابية، مع تفكير جدي بتخفيض عدد مقاعد المجلس إلى 120 مقعدا بدلا من 130.
التعديلات المقترحة تحفظ حق الكوتات الشركسية والمسيحية والنساء في التمثيل من خلال مقاعد الدوائر، وكل ما يتحقق لهذه المكونات من مقاعد من خلال القائمة الوطنية يعد مكتسبات إضافية.
يتعين على الحكومة ألا تهدر الوقت في حوار لا ينتهي على القانون، ومن المناسب هنا وضع سقف زمني للمداولات العامة، ثم بعدها تعرض الحكومة مقترحا متكاملا للنقاش العام وتحيله لمجلس النواب لاستكمال الحوار عليه، على أن تنجز هذه الخطوات قبل نهاية العام الحالي.