إما أن يكون المرء مؤمناً بالعقاب والثواب الإلهيين، أو لا يكون. فإذا كان مؤمناً بهما أصلاً كما في حالة الفاسدين في بلادنا فإنهم بالفساد يكفرون بالله، أو يعتقدون أن الله يغفر لهم بفتوى ما، من مثل أن مال الدولة حلال، لأنها ليست دولة إسلامية، ولا تطبق الشريعة. وإلا كيف تفسر هذا الفساد الإداري والمالي المتواصل، وسرقة الماء والكهرباء…؟
لو كان الإنسان مؤمناً حقاً أن الله يراقبه وسيحاسبه فإنه لا يجرؤ على ارتكاب مخالفة واحدة، وعليه فإن «المؤمن» الفاسد يتخلى ضمناً عن الدين المحرّم للفساد ليفسد.
ولأن الفساد يقع رغم ذلك، أي لأن الدين لا يستطيع منعه كلياً، فإن الدولة تقوم بالردع عبر القانون والقضاء. ولكن القانون لا يعمل دون انسان.
تفيد البحوث على الحيوان أن الشمبانزي يستطيع أن يسرق ولكنه لا يفعل لأن مجتمع الشمبانزي مفتوح وكل فرد فيه يراه الجميع. وعليه فإن إمكانية أو سهولة العمل في الخفاء في المجتمع البشري هي التي تجعل الفساد ممكناً وسهلاً. وكلما كبر المجتمع وتفذلك وتعقد زادت فرص الفساد إذا غاب القانون والعدالة والرقابة والشفافية التامة.
لا يخاف الفاسد إلا من أمرين وهما: الاقتصاص وفقدان السمعة، والاقتصاص قد يكون جسدياً أو نفسياً.
لعل فقدان الفاسد سمعته التي بناها عبر سنين طويلة فإنه يفقدها بالمحاكمة العلنية والعقوبة المناسبة. ويصبح من الصعوبة استرجاعها وإن تم العفو عنه. كما أنه يصبح موضوعاً للاستغابة، وهي سلاح خطير لما تضاف إليه من معلومات لا يكشف عنها التحقيق أو لا يتوصل إليها القضاء.
لقطع دابر الفساد أو لتحجيمه يجب ان يكون سيف ديموقليس معلقاً فوق الرؤوس، والشفافية كاملة ودائمة، وكما في كل بلد ديمقراطي. ألم تروا كيف انتحر إبشتاين الأميركي بمجرد أن تم القبض عليه ووضعه في زنزانة، لأن العالم كله عرف عن أفعاله القذرة وتابعها أولاً بأول! بدءاً من إلقاء القبض عليه مروراً بالتحقيق معه، وانتهاء بالقضاء.
في الأردن في حادثة مستشفى السلط عرفنا أسماء المرضى المرحومين الذين ماتوا من انقطاع الأكسجين ولكننا كالعادة لم نعرف أسماء الفاعلين، وحتى لم نعرف الذين حكم عليهم بالإعدام والسجن في قضية فتى الزرقاء المعروفة.
التعتيم أو غياب الشفافية في قضايا الفساد وغيرها يجعل الناس يتهمون الحكومة بالشراكة مع الفاسدين، أو إماتة القضية بالزمن والنسيان أو بإشغال الناس بقضايا أخرى.
تضعف الدول وتتفكك المجتمعات من الداخل بالفساد المزدوج؛ بالفعل وبالتعتيم على الفاعلين فعندما يعم يتضعضع التعاون بين أفراد المجتمع ومكوناته لأن أحداً لا يثق بأحد. والتعاون هو مصدر البقاء والتقدم، فبواسطته يتم العمران، ويُصد العدوان، وتُواجه الأخطار والتحديات. ولعله علامة على الفرق الرئيس بين المجتمع الفاسد والمجتمع الصالح.
عندما يحدث ذلك يلجأ الناس إلى طلب الحماية، ليس من الدولة العاجزة، أو من المجتمع المفكك، وإنما من الزعران أو من الدين. فحسب الدراسات والبحوث الاجتماعية فإن الدين هو السلطة الأقوى في المجتمعات غير الآمنة فعندئذ قد تقع يتضعضع المجتمع، أو ينشأ تفكير ديني متطرف يستخدم العنف لفرض نفسه على الناس.
أقول أقوالي هذه وأستغفر الله ان كان لي أي مصلحة خاصة فيه.
********************
كل المآسي العربية بدأت واستمرت بالانقلابات العسكرية التي بلغ عددها 53 انقلاباً (1950 – 2018) حسب الباحث والمفكر السياسي الفذ وليد عبد الحي.
********************
كم أتمنى إنشاء نقابة نسائية عامة في كل بلد مكرسة لاستكمال حصول المرأة على كامل حقوقها وبحيث يتوقف الرجل نهائياً عن تقرير مصيرها، وبخاصة بالزواج، والارث، واسماء الأولاد، والبنات.
إن كثيراً من النساء المطلقات والأرامل لا يتزوجن ثانية، وإنما يكرّسن بقية حياتهن لتربية الأطفال وتعليمهم وترقيتهم. ومع هذا قلما يعترف أحد بذلك أو يقدره، لأن الأطفال ينسبون في البداية والنهاية إلى الآباء لا إلى الأمهات.
********************
قانون القومية الإسرائيلي هو صفقة القرن كما يفيد بعض المعلقين السياسيين، فبعد صدوره لا يستطيع أي باحث عن السلام العادل أن يصل إليه، لأن القانون سد كل الأبواب أمام أي محاولة.
لقد انتهى الصراع العربي الإسرائيلي الصهيوني المرحلي باعتراف جملة العرب بإسرائيل رسمياً أو واقعياً، «وبالقرف» العربي من القضية، لدرجة المطالبة بإغلاقها.