نشر مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأمريكي ستراتفور تقريرًا لريان بول، محلل شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تحدث فيه عن الانتخابات الإسرائيلية المقبلة والسيناريوهات المتوقعة التي يمكن أن تُسفر عنها هذه الجولة الانتخابية.
استهل الكاتب تقريره بالقول: ستؤكد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة التوجه اليميني في البلاد، إلا أن عوامل مثل الانقسامات التي تشهدها الأحزاب السياسية اليمنية حول من سيقود البلاد، ونوع الدور الذي يجب أن يقوم به الأرثوذوكس المتشددون، والسرعة التي يجب أن توسِّع بها إسرائيل مستوطناتها ستعمل معًا على عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة. فإذا لم يتمكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ولا خصومه من تشكيل ائتلاف، فإن عدم اليقين السياسي المستمر سيمنع إسرائيل من جني ثمار نجاحها في كبح الآثار الصحية والاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد-19.
ويرى الكاتب أن الانتخابات الإسرائيلية المقبلة في 23 مارس (آذار) ستجمع الأحزاب المناهضة لنتنياهو والسياسيين من مختلف الأيديولوجيات ضد رئيس الوزراء ومن تبقى من الموالين له. وبينما تشير نتائج استطلاعات الرأي إلى تقدم حزب الليكود بزعامة نتنياهو، إلا أنها تفيد أيضًا بأنه ليس لدى نتنياهو ائتلاف كبير ومضمون بما يكفي لتشكيل حكومة.
الانتخابات الإسرائيلية.. النتائج المحتملة
يرجح الكاتب أن تؤدي الانتخابات الوطنية الإسرائيلية الرابعة خلال عامين إلى واحد من ثلاثة احتمالات؛ إما ائتلاف بقيادة نتنياهو أو تحالف مضاد له أو جولة انتخابية أخرى.
الاحتمال الأول: ائتلاف بقيادة نتنياهو يرسخ السياسات المتطرفة في إسرائيل
يقول التقرير: يمكن أن يجمع نتنياهو تحالفًا يمينيًا محدودًا آخر يؤيد بناء المستوطنات، ومشروع ضم الضفة الغربية، وسياسات الهوية اليمينية المتطرفة، وتقويض المحاكم الليبرالية في البلاد.
ومن خلال الصفقات الخلفية والانشقاقات المحتملة في صفوف الأحزاب المنافسة له، يمكن أن يكسب نتنياهو ولاية أخرى كرئيس للوزراء، يقود خلالها تحالفًا يتألّف على الأرجح من قوميين علمانيين، وأحزاب دينية، ومجموعة من البرلمانيين المتطرفين. سيكون هذا الائتلاف هزيلًا على الأغلب، وعرضة لضغوط أحزاب الأقليات، وحتى من أعضاء مستقلين في الكنيست.
وقد يجعل الأداء القوي الذي يقوم به المتطرفون اليمينيون مثل «الصهيونية الدينية» هذا السيناريو أكثر احتمالًا؛ ما يعني أن حكومة نتنياهو المستقبلية ستتأثر أكثر بالايديولوجيات اليمينية المتطرفة التي تؤيد التوسع الإسرائيلي، وترسيخ الهوية اليهودية أكثر في إسرائيل على حساب الأقليات العربية والدرزية، وتدعو لامتيازات ممتدة وموسّعة للجالية الأرثوذكسية المتطرفة في مجال التعليم والخدمة العسكرية.
والتي لديها استعداد أيضًا لتقويض مؤسسات في الدولة مثل المحكمة العليا الليبرالية في سبيل إعادة تشكيل الثقافة الوطنية لإسرائيل. ويمكن لهذا السيناريو أيضًا أن يضع إسرائيل في منطقة دستورية مجهولة في حال أدين نتنياهو بالرشوة، وهو رئيس للوزراء.
الاحتمال الثاني: فوز التحالف المناهض لنتنياهو
يوضح الكاتب أن ائتلافًا مناهضًا لنتنياهو قد يفوز أيضًا في الانتخابات، ولكن سيكون العنصر الذي جمع هذا الائتلاف قد اختفى؛ ما يرجح عمرًا افتراضيًا قصيرًا له. إذ يمكن لمجموعة مؤلفة من أحزاب يسار الوسط، واليسار، واليمين العلماني المناهض لنتنياهو أن تشكل ائتلافًا ذا أيديولوجية متنوعة يهدف إلى إزاحة نتنياهو عن السلطة.
ومن غير الواضح بالضبط من يمكن أن يقود هذا الائتلاف مع أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب «يش عتيد»، حزب مناهض للفساد، سيحقق نتائج تسمح له بتعيين زعيمه، يائير لابيد، رئيسًا للوزراء. ومع هذه المجموعة من الأيديولوجيات، فمن المرجح أن يركز هذا التحالف على تمرير الميزانية الوطنية وتوجيه البلاد للخروج من الأزمة التي خلقتها جائحة كوفيد 19، وفي الوقت نفسه تقويض الاستثناءات الخاصة بالطائفة الأرثوذكسية المتشددة في مجال الخدمة العسكرية والتعليم.
إلا أن التناقضات الأيديولوجية الداخلية، والصدامات الشخصية سرعان ما ستظهر بمجرد انتهاء التحدي الذي وحّد هذه الجماعات المتمثل في إزاحة نتنياهو عن السلطة. وربما ينهار التحالف أيضًا في مواجهة أزمة الأمن القومي (كاندلاع صراع في غزة، أو الضفة الغربية، أو توغل حزب الله في الحدود الشمالية لإسرائيل، أو مضايقات إيرانية في مرتفعات الجولان) إذ ستتنارع الأحزاب اليمينية على كيفية الرد، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى انهيار الحكومة مرة أخرى.
الاحتمال الثالث: جولة انتخابية أخرى في حال فشل الطرفين السابقين في تشكيل حكومة
يلفت التقرير إلى أنه في حال فشل الطرفين في تشكيل حكومة، فمن المرجح أن يحلّ الكنيست نفسه من أجل إجراء انتخابات أخرى كما فعل في 2019 على إثر النتائج الانتخابية غير الحاسمة آنذاك. وكما ظهر جليًا على مدار الأشهر الثمانية عشر الماضية، فإن هذا الوضع يؤدي إلى شلل سياسي، ولكن ليس استراتيجيا. فالتوسع الاستيطاني، خاصة الذي حظي بموافقة مسبقة، يمكن أن يستمر.
ولكن سيتم تجميد ميزانية إسرائيل الوطنية، وبدون الإنفاق الحكومي الاستراتيجي، سيكون تعافي البلاد من جائحة كورونا أكثر اعتمادًا على أداء القطاع الخاص. وستمرُّ عدة أشهر أخرى قبل أن تُجري إسرائيل اقتراعًا آخر.
الثوابت في هذه المسألة
ويختم الكاتب مع السياسات التي لن تتغير بغض النظر عما ستسفر عنه الانتخابات حيث تتخطى قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية حدود الحزبية.
• ستستمر إستراتيجية إسرائيل المناهضة لإيران في متابعة عملياتها السرية وغاراتها الجوية في مسارح الحرب بالوكالة التي تشنها في سوريا، والعراق،، ولبنان، وفي أعالي البحار، وفي الفضاء الإلكتروني أيضًا.
• ستسعى إسرائيل أيضًا إلى التأثير، وليس قلب، على جهود الدبلوماسية الأمريكية للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران.
• ستبقى إسرائيل على أهبة الاستعداد للرد على أي مضايقات تصدر من جماعات مثل حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وحزب الله في لبنان، وإيران في سوريا، ولكن من غير المرجح أن تلجأ إلى عملية عسكرية كبرى مكلفة اقتصاديًا وماديًا.
• وستستمر أيضًا جهود إسرائيل لتطبيع العلاقات مع العالم الإسلامي مع أن انتخاب رئيس وزراء جديد قد يغير السرعة التي سيتم بها هذا التطبيع.