حتى ننجو من الحظر الشامل

 

نحن أمام توقيت حساس، قد يتم خلاله اتخاذ قرار بالحظر الشامل مجددا، لفترة قد تطول او تقصر، مثلما فعلت دول عربية واجنبية، عادت الى سيناريو الحظر الشامل.
حين يسمع الناس الكلام عن احتمال الحظر الشامل، تعود اليهم الكوابيس التي عاشوها في الحظر الشامل العام الماضي، من توزيع الخبز، الى البحث عن علبة سجائر، مرورا بكل المشاكل في القطاعات الاقتصادية وارزاق الناس التي تضررت بشدة.
وهذا يعني بشكل واضح ان الحظر الشامل، سيناريو مرفوض شعبيا، وغير محتمل، ومكلف على الدولة أيضا، فالحظر الشامل يضر الكل، ولا يستثني أحدا هنا.
الكارثة الأكبر تكمن بنسبة الاشغال في المستشفيات الحكومية، وفي غرفها الطبية الخاصة بفيروس كورونا ومرضاها واصاباته التي وصلت فعلا الى 100 % في كثير منها، واذا استمرت الإصابات هكذا سوف ترتفع النسبة وصولا الى الاغلاق الكامل عن استيعاب حالات جديدة، في بقية المستشفيات الحكومية، وربما كل الميدانية، فيما الوضع في المستشفيات الخاصة، ليس سهلا، خصوصا، ان هناك مئات الآلاف ممن يدخلون المستشفيات للعلاج بسبب قضايا ثانية، ليست على علاقة بهذا الوباء، وهذا يعني ان السعة تكاد ان تكون منعدمة.
ما يزال الوقت متاحا امامنا لتجنب سيناريو الحظر الشامل، وانا هنا اعني الصعيد الشعبي، فإذا كنا كلنا سنعاني هذا السيناريو، فان الالتزام خلال الأيام القليلة المقبلة، عبر الوقاية، وتشديد الإجراءات الاحترازية، وتجنب التجمعات بكل أنواعها، والابتعاد عن الاختلاط، وغير ذلك قد يؤدي الى خفض النسبة، وحين تقترب النسبة من العشرين بالمائة، أي نسبة المصابين من المفحوصين فهذا يعني ان في الأردن- اذا كانت النسبة دقيقة – اكثر من مليوني مصاب.
هذه بحق مصيبة كبرى، تجعلك تشك في كل شخص امامك انه مصاب، وقد يعرف او لا يعرف، وقد تكون انت مصابا دون اعراض، او بأعراض تظنها مجرد رشح عادي، فتنقل العدوى الى من هم اكبر منك سناً، او لديهم امراض، ولا يحتملون التأثيرات.
القصة ليست بحاجة الى اقناع من الدولة، او ملاحقة امنية، او فرض الغرامات، حتى يتنبه الانسان الى الخطر المحيق به، فحتى لو لم تكن هناك غرامات، ولا ملاحقات، فان وعي الانسان وحده يجب ان يفرض عليه، حماية نفسه، اذ من الغريب ان يهدد الانسان حياته، وحياة اهله، وقد رأينا ماذا جرى في مستشفى السلط، حين رحل من أهلها الكرام من رحل بسبب نقص الاوكسجين، بعد الإصابة بالوباء، وأرقام الذين يرحلون يوميا، بسبب المرض.
ما دام اغلبنا يشكك باللقاحات، واغلبنا يتمهل في التجاوب مع الدعوة للحصول عليها، برغم قلة الكميات المتوفرة، فان علينا ان نحمي انفسنا، ونحن لسنا في صراع ارادات بين الدولة والناس، وكأننا في مكاسرة او ملاكمة، هذا يريدك ان تحمي نفسك بالتهديد والعقوبات، وانت تريد الانفلات ولا تريد الانصياع، ولسنا مضطرين ان نصل الى هذه الحالة، وكأننا طرفان متناقضان، اذ كما اسلفت، قرار الحماية والوقاية يجب ان يكون ذاتيا وشخصيا.
ما يراد قوله اليوم، ان سيناريو الحظر الشامل، لا تحتمله الدولة أيضا، فلا أموال لدفعها للناس، ولا تعويضات مالية، وهناك ضنك معيشي، والحياة تغيرت بشدة، ولا احد يحتمل الحظر الشامل الممتد، وحتى الحكومة ذاتها أعلنت قبل قصة السلط انه لا نية لفرض حظر شامل ليومين او اكثر، لكن عدد الإصابات أعاد خلط الأوراق، وبات كل شيء محتملا.
حتى ننجو من الحظر الشامل، تعالوا معا، لنحمي انفسنا، ولنخفض الإصابات، وكل الإجراءات المطلوبة بسيطة، وقاية وكمامات وتجنب التجمعات بكل أنواعها، وهي إجراءات اهون بكثير من حظر شامل قد يخنقنا جميعا، اقتصاديا واجتماعيا، ومعنويا، خصوصا، بعد ان وصلنا الى المرحلة التي لا يجد فيها المريض سريرا للعلاج، وهذه وحدها تؤشر الى خطر كبير، خصوصا، ان غالبيتنا لا مال لديهم لتلقي العلاج في المستشفيات الخاصة، هذا اذا قبلت هذه المستشفيات أساسا، الدخول في هذه المهمة، كونها مشغولة بقضايا صحية أخرى.

أخبار أخرى