أجرى رئيس الحكومة، تعديلا على حكومته، وهذا هو التعديل الأول الموسع، بعد تكليف الخصاونة، برئاسة الوزراء، وبدء أعمالها في الثاني عشر من تشرين الأول، بعد حلف اليمين.
حفل التعديل الوزاري بعدة مفاجآت إيجابية وسلبية، بعضها سياسي، وبعضها فني، ولكل انسان الحق في قراءة التعديل، كيفما شاء، لكن المؤكد هنا، ان هناك محطات توجب التحليل، بشكل متزن وهادئ، دون اجندات مسبقة، وقراءة المسببات، والدوافع، والتأثيرات النهائية.
اللافت للانتباه هنا، ان أهم ثلاثة ملفات ثقيلة على صدر الحكومة، بقيت موكلة الى نفس الوزراء، اذ بقي وزير المالية في موقعه، وهو الأهم في ملف مالية الحكومة، وبقي وزير الصحة، كما هو، وهو الذي بيده ملف وزارة الصحة، وملف ازمة كورونا، وكل تداعيتها، كما بقي وزير الخارجية الذي يدير ملف السياسة الخارجية، بما يعنيه ذلك على صعيد الإقليم، والقضايا الأبرز، وهذا يعني فعليا، ان لا تغيرات على سياسة الحكومة في هذه الملفات.
تكليف مازن الفراية مدير عمليات خلية ازمة كورونا، كان مفاجأة ثانية أيضا، وهو الخامس الذي يتولى الموقع في خمسة أشهر تقريبا، بعد ان جيء أولا بوزير الداخلية توفيق الحلالمة الذي استقال على خلفية الانتخابات النيابية، ثم تم تكليف بسام التلهوني وزير الداخلية آنذاك بالموقع بشكل مؤقت، ثم تعيين سمير مبيضين بموقع وزير الداخلية، رسميا، ثم استقالته على خلفية تناول العشاء في المطعم مع عدد يصل الى تسعة اشخاص، بما يكسر أوامر الدفاع، كما قالوا لنا، وتم تكليف توفيق كريشان ليتولى الوزارة مؤقتا، وكان هو الرابع، حتى تم تعيين الفراية وزيرا، يوم امس، ليكون الخامس في سلسلة وزراء الداخلية خلال خمسة اشهر.
يعد اختياره ربطا واضحا ما بين ازمة كورونا، وادارتها على صعيد وزارة الداخلية والمؤسسات التابعة لها، وعلى صعيد الإدارة الداخلية، والتشدد في تطبيقات قانون الدفاع.
المفاجأة الثالثة كانت تعيين صخر دودين وزيرا للإعلام، فهو في الأساس مهندس معماري، ولم يعمل في الاعلام، وكان فقط رئيسا للجنة الإعلام والتوجيه الوطني في مجلس الاعيان، والرئيس تجنب على ما يبدو أسماء من الوسط الإعلامي، ابتعادا عن الحساسيات، لكن تعيين دودين بحاجة الى تفسير اعمق من الرئاسة، خصوصا، ان هذا الملف فيه تفاصيل فنية كثيرة على علاقة بوضع المؤسسات الإعلامية، وإدارة المشهد، وسمعة الحكومة، والدخول في معارك لها بداية وليس لها نهاية مع الرأي العام، وهي مهمة كانت شاقة حتى على المحترفين، لكننا قد نسمع تأويلا من الرئيس ذاته حول غاياته من اختيار دودين، اذا احب ذلك.
المفاجأة الرابعة كانت حول سبب الغاء وزارة الدولة للاستثمار، والحكومة ذاتها كانت تتحدث عن ثورة في الاستثمار، مثلما ان الشق الاخر لهذه المفاجأة يرتبط ببقاء وزير العمل، الذي كان كثيرون يتوقعون خروجه، او يرون ان خروجه يعد أساسيا، لكنه بقي، برغم كل الجدل الذي يثيره، فيما خرج وزير مثل محمد داودية، والرجل حاول وسعى بكل الطرق ان ينجح في مهمته، فلا تعرف سبب الخروج الفعلي، وكأن الحكومة هنا، استندت الى كتالوغ مختلف في تحديد أسباب البقاء والخروج، وهو كتالوغ لا يتطابق بالكامل مع وجهة الجمهور الذي يتابع كل شيء في الأردن، وربما يخضع الى تفاصيل بعيدة عن الاعين، وفي الظلال.
التعديل، كان مفهوما في بعض جوانبه، وغير مفهوم في جوانب ثانية، لكن التحدي الأساس امام الحكومة الان، وقد حصلت على تعديل مبكر، ان تثبت صحة مبررات بقاء هذا او أسباب خروج ذاك، إضافة الى تحقيق اختراقات في الملفات الأساسية.
التغيير على وزارة التربية والتعليم، وإعادة دمجها مع وزارة التعليم العالي، يعيدنا الى وصفة قديمة، سبق ان تم تجريبها، وتم التراجع عنها، بما يثبت ان لا شيء نهائيا في الأردن، كما ان ملف التنمية السياسية، لم يطرأ عليه تغيير، بما يؤشر على بقاء ذات السياسات.
لو حكمنا على التعديل بشكل سلبي في يومه الاول، لقيل لنا اننا نتعمد عرقلة السفينة في بحرها، لكننا لا نعرقل السفن، ولا قدرة لنا على ذلك، أساسا.
دعونا ننتظر، لنرى الى اين تأخذنا السواري.